دور التواصل الاجتماعي في الأخبار المغلوطة عن جائحة كورونا

2020-07-26

دور التواصل الاجتماعي في الأخبار المغلوطة عن جائحة كورونا


هل وباء كوفيد-19 مجرّد أنفلونزا موسمية؟ هل ثمّة مبالغة في تقدير خطر الوباء؟ بل هناك أسئلة أسوأ يطرحها بعض العامّة والمثقفين، من مثل: هل يوجد وباء أصلاً؟ وهل الموتى المسجّلون في خانة الوباء ماتوا حقاً بسببه أم هو مجرّد أخبار زائفة؟ إذا كان الوباء مزيفاً فما الهدف من استغلال الاسم في العالم؟ هنا ندخل في إطار المؤامرة الغامضة لتقويض الاقتصاد العالمي: لكن من يتآمر على من؟ الصين على الولايات المتحدة أم الأخيرة تتآمر على العالم بأسره؟ هل نشرت شركات الأدوية الفيروس كي تبيع الدواء واللقاح؟ تساؤلات وتكهّنات لا تنتهي، وأخبار تنهب وسائل التواصل الاجتماعي نهباً حتى اضطرت تلك المواقع إلى تجنيد موظفيها لتقصّي مروّجي الأكاذيب وحذفها، أو في أقل تقدير الحجر عليها حتى لا تنتشر وتؤذي. فكيف ندرّب مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي كي يميّزوا الغثّ من السمين، في مسألة بالغة الخطورة والجدّية؟

إقرأ أيضاً: لقاح جائحة كورونا قبل نهاية السنة.. ولبنان “إلو الله”

تكشف أليسون إسكالانت (Alison Escalante) في مقالها بمجلة “فوربس” (Forbes) الأميركية، منشورة في 7 تموز الجاري، عن طريقة جديدة لتمييز الأخبار الزائفة عن الأخبار الصحيحة.

بحسبها ليست المعلومات المزيّفة في وسائل التواصل الاجتماعي مشكلة مستجدّة، لكن لم نشعر بأثرها القوي من قبل كما نحسّ به عام 2020. ذلك لأنّ تزييف الأخبار الآن له دور في وفاة آلاف الأفراد بسبب الوباء. وبدا أنّه من غير الممكن تجاوز هذه المشكلة ومكافحة النصائح الطبية غير الصحيحة، إلى أن نُشر بحث جديد مؤخراً، يقترح طريقة لمساعدة الناس في قراءة الأخبار على نحوٍ نقدي.

فعلى الرغم من أنّ لبس الكمّامة والحفاظ على التباعد الاجتماعي يؤديان دوراً مهماً في تبطئة انتشار الوباء أو حتى إيقافه، إلا أنّ كثيراً من الأميركيين اختاروا ألا يخضعوا لهذه الإجراءات. فلماذا من الصعب على هؤلاء اعتماد هذه الإجراءات البسيطة؟ ثمّة أسباب كثيرة، ومن ضمنها أنّ الناس تلقى مشقة في فهم الانتشار المستمرّ والمتصاعد للوباء (وفق الخطّ البياني الصاعد)، أو أنّ ذهننا يكابد وهو يلحظ نتائج انتشار الفيروس في الأسابيع الثلاثة المنصرمة.

ما نختار نشره في تلك الوسائل يصبح حرفياً مسألة حياة أو موت، لأنها تؤثر في قرارات الناس

لكن لا يمكن التقليل من خطر المعلومات المزيفة في وسائل التواصل الاجتماعي. فما نختار نشره في تلك الوسائل يصبح حرفياً مسألة حياة أو موت، لأنها تؤثر في قرارات الناس.

وبحسب تقرير جديد في مجلة علم النفس، فإن حثّ الناس على التفكير في دقة الأخبار التي يقرأونها، ربما يجعلهم أكثر حذراً في النشر لاحقاً في وسائل التواصل الاجتماعي.

كيف يسقط الناس في الأخبار المزيفة؟

“يفترض الناس غالباً أنّ تداول المعلومات المضلّلة والأخبار المزيفة هو بسبب العجز عن التمييز بين الخطأ والصواب”، كما يقول الكاتب غوردون بنيكوك (Gordon Pennycook) من جامعة ريجينا، في كندا. إلا أنّ “البحث يكشف أنّ الأمر ليس كما يفترض الناس بالضرورة. بالمقابل، نجد أن الناس تميل إلى مشاركة أخبار مزيفة عن كوفيد-19 في وسائل التواصل الاجتماعي، لأنها ببساطة تفشل في التحقّق من دقة الخبر حين تقرّر ما الذي تتشارك به مع الآخرين”، بنيكوك يقول في تصريح صحافي.

فريق البحث الأكاديمي المشار إليه قام بدراستين، خضع لهما 1700 فرد. في الأولى جمعوا 15 عنواناً مزيفاً و15 عنواناً صحيحاً عن كوفيد-19. وأخضع فريق البحث هذه العناوين الأخبارية لإجراء تحقّقي صارم لتحديد مدى صدقيتها. واستُقيت الأخبار من مواقع موثوقة مثل (mayoclinic.com) و(livescience.com)، ومن مواقع غير موثوقة وتنشر تكهّنات وأوهاماً مثل (snopes.com).

عرض الباحثون على المشاركين في الدراسة تلك العناوين الزائفة والصحيحة كي يختاروا منها ما سيرغبون في مشاركته على صفحاتهم الفيسبوكية. وسئلوا إن كانوا يعتقدون بأنّ هذه الأخبار دقيقة وهل سيتشاركونها. ما وجده الباحثون أنّ الناس يميلون إلى تشارك أخبار مضلّلة إن اعتمدوا فقط على حَدْسهم. ووجدوا كذلك، أنّ المشاركين في الدراسة لم يدقّقوا كثيراً في تلك الأخبار عندما نظروا إليها.

ثمّة أدلة متنامية على إمكانية مساعدة الناس على التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي على نحوٍ مختلف

الاهتمام بصحة الأخبار وكشف المزيف منها

لكن هذا تغيّر في الدراسة الثانية، عندما حثّ الباحثون المشاركين على توخّي الدقة لدى النظر فيما يُنشر في وسائل التواصل الاجتماعي. فكيف حثّوهم؟ فعلوا ذلك بأسلوب غير مباشر عندما جعلوا المشاركين يؤشرون على معدل دقة خبر واحد عن وباء كوفيد-19 قبل عرض الأخبار الأخرى عليهم. كان هذا كافياً لمضاعفة قدرتهم على التمييز بين الأخبار لدى مشاركة الآخرين بها في وسائل التواصل الاجتماعي لاحقاً، خلال الدراسة. هذه النتائج تقف في السياق نفسه مع بحث سابق عن الأخبار السياسية المزيفة. وهذا يعني أنّه ثمّة أدلة متنامية على إمكانية مساعدة الناس على التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي على نحوٍ مختلف. ويقترح الباحثون في هذا الإطار أن تتفتح منصات وسائل التواصل الاجتماعي بـ “إشارات إلى توخي الدقة”، من أجل مساعدة الناس على التفكير النقدي أكثر فأكثر. ويقول بنيكوك: “نحتاج إلى تغيير الطريقة التي نتفاعل بها مع وسائل التواصل الاجتماعي”. ويضيف أنّ “الأفراد يحتاجون إلى التذكّر بأنّ عليهم التوقّف والتفكير فيما إذا كان خبر ما هو صحيح قبل مشاركته مع الآخرين”.

الأخبار الزائفة في وسائل التواصل الاجتماعي تغذّي الوباء

إذا كان لفت النظر لتوخّي الدقة سيُحدث هذا الفرق، فعلينا تقدير أثر المعلومات المتشاركة بين الأصدقاء والجيران. وسائل التواصل الاجتماعي ذات أثر بين الناس، لأنها أداة اجتماعية للتواصل. كلّ واحد منا يؤثّر في الآخر. وعندما نتشارك معلومة طبية مضلّلة، من شأنها افتراضاً التقليل من خطر الكورونا، أو نشر صور لنا في حفلات من دون كمّامات، فنحن نؤثّر في القريبين منا. وإنّ مشاركة صورة أو خبر ا في وسيلة ما من هذه الوسائل لها ثقل أكبر في النفس عندما تصل من شخص أعرفه، مما لو وصلتني من مستشار في الصحة العامة!
وباختصار، فإن المعلومات المضلّلة المنتشرة في وسائل التواصل الاجتماعي قد سرّعت من انتشار الوباء في الولايات المتحدة. لكن بالإمكان مساعدة بعضنا بعضاً من خلال لفت نظر الأصدقاء والمتواصلين معنا إلى ضرورة توخّي الدقة حين نقرأ المعلومات، وقبل مشاركتها، وقبل أن نؤثّر في أصدقائنا وعائلاتنا.

لقراءة النص الأصلي اضغط هنا

مواضيع ذات صلة

أيّها اللبنانيّون.. إلى الكمّامة  دُرْ

أعلن وزير الصحة فراس أبيض ارتفاع النسبة الموجبة لفحوص كورونا إلى 2 .14% بعدما كانت تراوح في بداية شهر كانون الأول الفائت بين 5.5% و6%….

كورونا يعود بقوّة: زيادة الوفيات 78% في الشرق الأوسط

قالت منظمة الصحة العالمية أمس الأول (الثلاثاء) إنّ حالات الإصابة بفيروس كورونا تضاعفت ثلاث مرّات في جميع أنحاء أوروبا خلال الأسابيع الستة الماضية، وهو ما…

الكورونا مجدّداً في لبنان: هل “ينفجر” في تموز؟

كورونا.. جدري القردة.. التهاب الكبد الوبائيّ. يبدو أنّ البيئة المجتمعية والصحيّة في لبنان تساعد على تكاثر الفيروسات. دخل “جدري القردة” لبنان عبر حالة وافدة من…

“أنت البطل في معركة الوباء”.. كواليس كورونا الصينية

“أنت البطل في معركة الوباء” (To fight against covid-19, you are the hero) هو عنوان كتاب يعود بنا إلى بداية أحداث انتشار وباء فيروس كورونا في…