حزب الله: الحكومة باقية.. إلى المواجهة دُر..

مدة القراءة 6 د


لا صحّة لما يُحكى عن “تغيير الحكومة” في القاموس المرحلي لـ”حزب الله”. وقد شُطبت فكرة تغييرها أو تعديلها التي كانت موجودة في أجندة بعض حلفائه. وتقرّر قبول التحدّي و”مواجهة” مشروع الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها اللبنانيين والخليجيين الهادف إلى إسقاط الحكومة وإخراج الحزب من المعادلة السياسية حتى النهاية. ومن ضمن هذه المواجهة، الانفتاح على الشرق و”طلب العلم ولو في الصين”…

وفي حين تتلبّد غيوم سود في الأجواء السياسية منذرة بهطول مطر غزير من شأنه أن يغرق حكومة الرئيس حسان دياب ويذهب بها، فإنّ ما يظهر في أجواء حزب الله يعاكس ذلك تماماً، ولا يشير إلى أنه يؤيد أيّ تغيير، أو حتى تعديل حكومي. ويؤكد تمسكه بشدة بالحكومة لأنها باتت بالنسبة إليه جزءاً من عدّة المواجهة المكشوفة والحادّة الدائرة للمرة الأولى مباشرة بينه وبين الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها.

ما يظهر في أجواء حزب الله لا يشير إلى أنه يؤيد أيّ تغيير، أو حتى تعديل حكومي. ويؤكد تمسكه بشدة بالحكومة

وإذ يعمل جميع الأفرقاء السياسيين المعارضين على تغيير الحكومة عبر ممارسة ضغوط متنوّعة وشنّ حملات سياسية عليها في موازة ضغط الشارع، فإنّ بعض حلفاء “حزب الله” يرغبون بشدة بهذا التغيير، لكنّهم لا يملكون القدرة على ترجمة هذه الرغبة عملياً عبر الطلب من وزرائهم الاستقالة من الحكومة أقلّه بنسبة الثلث زائداً واحداً منهم، حتّى تصبح الحكومة مستقيلة دستورياَ، لأنّ للحزب في حلفائه شؤون.. ولذلك، لن يخرجوا عن طوعه في هذا المجال إلى أن يجد هو مصلحة في تغيير الحكومة. وحتّى الآن لا يرى أيّ مصلحة في هذا الصدد، على حدّ المطلعين على موقفه في حديثهم لـ”أساس”.

فـ”الـحزب”، حسب هؤلاء المطلعين، لا يؤيد التغيير الحكومي لأنّه لا يرى أنّ الاتفاق على حكومة جديدة أو حتى على الشخصية التي سترأسها، أمراً سهلاً ومتاحاً في ظلّ الانقسام السياسي العمودي والأفقي السائد راهناً في البلاد والمترافق مع أجواء من الشحن الطائفي والمذهبي الذي يرى فيه ضالتهم بعض الأفرقاء السياسيين (في المعارضة كما في الموالاة). والهدف هو إعادة تفعيل حضورهم في الواقع السياسي. فعدم الاتفاق على حكومة بديلة في حال استقالة حكومة دياب أو إقالتها سيحوّل الأخيرة حكومة تصريف أعمال في الإطار الضيق لإدارة شؤون البلاد ، أي أنّها لن تكون قادرة على اتخاذ أيّ قرار كبير قد تحتاج البلاد إليه خصوصاً في ظلّ الانهيار الاقتصادي والمالي. ولهذه الأسباب، يحاذر الحزب الدخول في أيّ تغيير حكومي في ظلّ استحالة الاتفاق على حكومة جديدة.

بعض حلفاء “حزب الله” يرغبون بشدة بهذا التغيير، لكنّهم لا يملكون القدرة على ترجمة هذه الرغبة عملياً عبر الطلب من وزرائهم الاستقالة

أكثر من ذلك، فإنّ حزب الله لا يمكنه القبول بتغيير حكومي في ظلّ المطالبات الإقليمية والأميركية باستبعاده من أيّ حكومة جديدة، بما يخرجه من المعادلة الحكومية ومن السلطة التنفيذية، ويصبح لقمة سائغة للهجمة الخارجية الشرسة التي تقودها الولايات المتحدة الأميركية ضدّه، وتستهدف إنهاء دوره أو تقويضه.     

يؤكد المطلعون على موقف “الحزب” أنّه في ضوء تعاظم الحملة عليه وشراستها، التي تصوّره أنه سبب كلّ الأزمة التي يعيشها لبنان سياسياً واقتصادياً ومالياً، وأنّه المعيق لكلّ مساعدة خارجية عربية ودولية يمكن البلد أن يحصل عليها، فقد حسم خياراته بالذهاب إلى مواجهة متشدّدة ضد الولايات المتحدة وحلفائها، غير راضخ للضغوط التي تمارسها عليه من داخل لبنان وخارجه.

وفي هذا المجال يرى الحزب أنّ الإدارة الأميركية الحالية آيلة للسقوط في الانتخابات الرئاسية المقبلة في ضوء التراجع المتدحرج الذي يشهده الرصيد الانتخابي للرئيس دونالد ترامب. هو الذي حتّى وإن فاز بولاية رئاسية جديدة، فإنّه سيجد نفسه ملزماً بتغيير سياسته الخارجية في ضوء النظام العالمي الجديد الذي يولد الآن تحت جنح جائحة كورونا التي روّضت الأنظمة في كلّ دول العالم، ولا سيما منها دول عواصم القرار التي تكاد تفقد تأثيرها الملحوظ في الساحة الدولية نتيجة غرقها في مشكلات مالية واقتصادية لا تعدّ ولا تحصى.

لذلك، يقول المطلعون، تقرّرت ترجمة دعوة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الأخيرة إلى الانفتاح على الشرق، وبوشرت الاجتماعات الحكومية مع الصينيين والعراقيين في وقت أعلن الإيرانيون عن استعدادهم لتزويد لبنان بالفيول لقطاع الكهرباء بالعملة اللبنانية. وذلك في رسالة واضحة أُريد توجيهها إلى الأميركيين مفادها أنّ لبنان يستطيع أن يؤمن مصالحه في الشرق إذا كان الغرب سيضغط عليه ويحاصره ويحمّله ما لا يحمل كرمى للمصالح الأميركية التي لا همّ لها سوى ضمان أمن اسرائيل، ومن بعدها الطوفان.

إقرأ أيضاً: نفط ايران مقصلة للبنان

برنامج المرحلة

ويؤكد هؤلاء المطلعون على موقف حزب الله أن تغريدة رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل التي جاءت غداة اللقاء الذي جمعه برئيس مجلس النواب نبيه بري المحبّذ تغيير الحكومة إذا استطاع إلى ذلك سبيلاً، أكدت قرار الحزب وحلفائه بإغلاق ملف التغيير الحكومي ودحض كلّ الكلام الذي قيل عن طبخ جارٍ لحكومة وحدة وطنية في الكواليس تمهيداً لترحيل حكومة دياب وإحلالها مكانها. وكشفت هذه التغريدة برنامج عمل الأكثرية الحاكمة للمرحلة الراهنة وهو الآتي:

ـ اعتبار التسوية الرئاسية كأنها لم تكن، وبالتالي لا عودة اليها.

ـ إجراء الحكومة الإصلاحات المطلوبة وإقرارها في مجلس النواب.

ـ تولي حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ضبط سعر الدولار.

في ضوء هذا البرنامج، يقول المطلعون على موقف حزب الله، إنّ الحكومة ستبدأ خطواتها العملية والميدانية بما يشعر اللبنانيين أنّها بدأت تنجز ما وعدت وتعد به، وهو ما ينتظر أن يظهر جلياً ابتداء من الأسبوع المقبل عبر معالجة ارتفاع سعر الدولار، ومكافحة الغلاء الذي تفاقم نتيجة تدهور القيمة الشرائية للعملة الوطنية. وفي الموازاة، سيتم تسريع الخطى في اتجاه حلّ أزمة الكهرباء وتحقيق الإصلاحات المطلوبة في هذا القطاع الذي يعتبر أحد أبرز منافذ  استنزاف المالية العامة والمسبّب الأكبر للعجز في موازنة الدولة. ولهذه الغاية ولمجالات أخرى، سيتمّ تسريع المفاوضات مع الصين، تزامناً مع تسريع خطوات التبادل التجاري والاقتصادي بين لبنان والعراق والتي ستكون عابرة لسوريا، ولا يطالها قانون قيصر، ما يفتح مجالاً من المجالات المطلوبة لإنعاش الوضعين الاقتصادي والمالي.

مواضيع ذات صلة

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…

الليلة الأخيرة لـ”ديكتاتور الشّام”..

تحملُ ليلة هروب رئيس النّظام السّوريّ المخلوع بشّار حافظ الأسد قصصاً وروايات مُتعدّدة عن تفاصيل السّاعات الأخيرة لـ”ديكتاتور الشّام”، قبل أن يتركَ العاصمة السّوريّة دمشق…