هل يذهب لبنان باتجاه الحرب بين حزب الله وإسرائيل؟! وهل تكون هذه الحرب الخيار الوحيد وسط هذا الكمّ الكبير من الضغوطات والأزمات؟! وهل حقاً يتحضّر الطرفان لخوض هذه الحرب؟!
الخبير العسكري العميد الركن المتقاعد نزار عبد القادر بحسب متابعته وتحليله للمعطيات والمؤشرات كشف لـ”أساس” عن “معلومات مفادها أنّ حزب الله قد سحب جزءاً من مقاتليه من سوريا بسبب توجيهات كثيرة، من أجل التحضير للقيام بعمليات عسكرية محدودة، تكون نوعاً من الردّ على الضغوط الأميركية أو على ما يجري في سوريا أو حتّى على قانون قيصر”، مؤكداً أن “لا اسرائيل ولا الحزب يريدان الحرب، فالطرفان مؤمّنة مصالحهما في ظلّ الوضع الراهن، لكن هذا لا يعني أن حزب الله من جهة وإسرائيل من جهة ثانية ليسا على استعداد لسيناريو كهذا. بل هما يستعدان للحرب وكأنها واقعة غداً، بكامل عدة الرصد والاستعداد والجهوزية العسكرية اللازمة لخوض حرب كبيرة بين الطرفين”.
إقرأ أيضاً: الخطة “ب” للحزب: حرب شاملة أو معركة أمنية؟
وتابع: “الحرب دائماً كما يقول فيلسوف الحرب كلاوزفيتز، هي متابعة للسياسة، لكن بوسائل أخرى”. ويشرح: “يجب أن يكون هناك هدف سياسي. وحتى الآن ليس هناك من سبب سياسي بارز يستأهل شنّ حرب وتحمّل نتائج الحرب سواء في الرؤية الخاصة بإسرائيل أو تلك الخاصة بحزب الله، لأنّه يدرك أنّه سيكون أمام تجربة لا يمكن توقّع نتائجها بشكل مسبق، هل هي ستكون احتلال جزء من الجنوب أم أنها تقتصر فقط على تدمير وتهجير السكان وفرض شروط معيّنة على لبنان أو محاولة تفكيك بنية حزب الله العسكرية؟”. ويتابع: “إسرائيل ليست متأكدة من تحقيق نتائج، وحزب الله يتخوّف من عدم وضوح نيات العدو والأهداف الإسرائيلية، ونعرف أنّ إسرائيل لا تبدأ حرباً إذا لم يكن لديها الموافقة والجهوزية الأميركية لتمويل هذه الحرب بالأسلحة والذخائر”.
حتى الآن ليس هناك من سبب سياسي بارز يستأهل شنّ حرب
من جهته، العميد الركن خالد حمادة يقارب الموضوع بشكل مختلف، وذلك بين إرادة الحرب وأن تُفرض هذه الحرب. وهو لا يعتقد أنّ “حزب الله سيذهب إلى خيار حرب، ولكن ربما هذا الخيار سيُفرض على حزب الله. وليس من المنطقي توقّع شكل الصراع كيف سيكون، ولكن من المؤكد أنّ هناك قراراً استراتيجياً بإخراج إيران من المنطقة. وهنالك تركيز على لبنان لأنه هو الاستثمار الأنجح لإيران”.
ويتابع في حديث لـ”أساس”: “الأماكن التي يُتوقّع استهدافها في حال حصول الحرب، هي البنى التحتية التي سبق وتكلّم عنها الأميركيون والإسرائيليون مرّات عديدة بحجة أنّ حزب الله يخزّن فيها صواريخ عالية الدقّة”. وبرأيه “ستكون حرباً أكثر سرعة ودماراً، وهدفها سيكون إخراج إيران والميليشيات المسلحة من المنطقة. وهذا ما نراه يحصل في سوريا، فهنالك أسبوعياً ضربات لأهداف إيرانية في سوريا، وربما سيتعمّم هذا النموذج في لبنان، ويذهب إلى دروس أقسى لا سيما أن لا لبنان ولا سوريا قادران، إن على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي، على تحمّل هذا النوع من العمليات العسكرية”.
وأضاف: “العمل العسكري مطروح. هناك مرحلة سنعود فيها إلى تطبيق القرارات الدولية مثل القرار 1559، وإلى تطبيق اتفاق الطائف، والقرار 1680 الذي تكلّم عن ترسيم الحدود الدولية اللبنانية. وهذا ما حصل بالأمس في اجتماع مجلس الأمن فيما يتعلّق بلبنان الذي أكّد على القرارات الدولية”.
حزب الله لن يذهب إلى خيار حرب، ولكن ربما هذا الخيار سيُفرض عليه
لكن حالة التأزم السياسي والاقتصادي يرى البعض أنها تشكّل مناعة بوجه إمكانية وقوع الحرب. فبرأي العميد المتقاعد أحمد تمساح لـ”أساس” أنّ “لا مؤشرات حتى اليوم على أن لبنان ذاهب باتجاه الحرب”. وأضاف: “الجميع مأزوم. والذي يقوم بالحرب عليه أن يحضّر بيئته عسكرياً ونفسياً، وهذه البيئة غير محضّرة. ففي الوقت الحالي، أيّ حرب بين إسرائيل وحزب الله لن يبدأها الحزب. وإن حصلت ستكون من مصلحة اسرائيل عندما ترى أن الوقت مناسب”.
وختم قائلاً: “للناس ضرورات أخرى. وأيّ حرب ستخاض اليوم بحاجة إلى دعم شعبي. وهذا الدعم غير متوفّر. فالناس تعاني من الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية”.
إذاً لا شيء واضح. ثلاثة خبراء عسكريون يقولون الشيء ونقيضه: الحرب محتملة، لكنّها غير مؤكّدة، والطرفان لا يريدانها، وليسا حاضرين لها، لكنّها قد تقع في أيّ لحظة!