ملّاط لـ”أساس”: القمع ملازم لـ “العهد”… لن نسكت

مدة القراءة 6 د


لا يزال يثير جدلاً واسعاً “البيان الماروني” الصادر في 8 حزيران 2020، الذي طالب برحيل رئيس الجمهورية ميشال عون، سواء لناحية صفته المارونية البحت في زمن “الثورة العابرة للطائفية”، علماً بأنه استتبع بـ”بيان وطني” وقّعته شخصيات من طوائف مختلفة تأييداً له، أو لجهة وقعه السياسي، لاسيّما على “العهد”. وهي المرّة الأولى في تاريخ الجمهورية اللبنانية التي توقّع نخب قضائية وقانونية وسياسية وإعلامية ورجال أعمال موارنة بياناً يطالب برحيل ممثلّ الموارنة في النظام السياسي.

وممّا ألقى أضواء إضافية على البيانين هذين، أنّ النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات كلّف في 15 الجاري “قسم المباحث الجنائية المركزية مباشرة التحقيقات لمعرفة هوية الأشخاص الذين عمدوا إلى نشر تدوينات وصور تطال رئاسة الجمهورية (…)”، وهو ما اعتبر بمثابة ردّ “قضائي” على البيانين المذكورين في محاولة للحدّ من تفاعلهما في الوسط السياسي والشعبي. وكان النائب السابق فارس سعيد، وهو أحد موقّعي “البيان الماروني”، قد دعا السبت الماضي “زعماء” لبنان المتردّدين في المشاركة في “الحوار الوطني” المرتقب في قصر بعبدا في 25 الجاري، إلى أن يوقّعوا بيان “رئيس مجلس الشورى السابق شكري صادر، والمحامي وأستاذ القانون شبلي الملّاط المطالب باستقالة عون (…)”.

إقرأ أيضاً: لبنان لن يموت.. فيليب سالم: إياكم والعنف وإلا ستتسوّلون في باريس ولندن ونيويورك

“أساس” التقى الملّاط لسؤاله عن البيانين المذكورين، وعمّا إذا كان الثاني قد ألغى الأوّل فعلاً؟ وهو ما فُسّر على أنّه “تخفيفاً” من الوقع “القوي” لـ”البيان الماروني” المطالب برحيل عون “المسؤول الأول عن انهيار الرئاسة مارونياً ووطنياً”. كما لسؤاله كرجل قانون عمّا يعتري الحريات العامة في ظلّ “القمع الملازم للعهد”؟

البداية من “البيان الماروني”، وسبب مطالبته برحيل عون… يقول المحامي الدولي إنّ “أهمّية هذا البيان في جملة تقول إنّه لا يكتمل إلا بالبيان الوطني الذي يطالب برحيل السلطة كلّها والذي نلتزم بالعمل في إطاره، وذلك لكي لا يقال إننا نركّز على الرئيس عون دون سواه”.

سياسيّاً، نحن ضدّ الحوار الذي دعا إليه رئيس الجمهورية في 25 حزيران 2020، وهو ليس سوى لائحة عار جديدة سنرى من سيوقّع عليها

يضيف: “نحن نطالب برحيل السلطة كلّها، ولذلك تخلّينا بعض الشيء عن البيان الماروني خصوصاً بعد أن أثار جدلاً ضمن مجموعتنا بحجّة أننا لسنا موارنة وحسب، بل لبنانيين أيضاً، وذلك بالرغم من تأكيدنا في البيان على طابعه الإنساني، وإن قلنا بصفتنا المارونية إنّ مطلبنا رحيل رئيس الجمهورية”.

–       ألا يعدّ هذا “التخلّي” خطوة إلى الوراء…؟

“أبداً، فمن الناحية السياسيّة الصرف، “البيان الوطني” هو القائم الآن، إذ يلاقي “البيان الماروني” في التأكيد على ضرورة التغيير الفوري في رئاسة البلاد، ويشدّد، في الوقت نفسه، على أنّ الشروط الديمقراطيّة الأساسية مفقودة لدى المجلس النيابي الحالي الذي لم يتجدّد رئيسُه منذ 28 عاماً، كما أنّها مفقودة لدى الحكومة الحاليّة المفطورة على التعطُّل. ولذا، على السلطة كلّها أنّ ترحل، لأنها فشلت فشلاً ذريعاً، ويجب أن تفسح الطريق أمام مجموعة قيادية جديدة”.

ثمّ يشير ملّاط إلى أنّ الموقعيّن على البيان الوطني هم 220 شخصاً حتّى الآن، ولذلك ما عاد ممكناً العودة للعمل ضمن مجموعة الـ 27 مارونياً، موقّعي “البيان الماروني”… “وإن لم يكن من السهل التوصّل إلى إجماعات بين 220 شخصاً، لكن بدأنا نجتمع لبلورة إطار سياسيّ”.

وعن تحرّك المجموعة لـ”مقاطعة عون شعبياً وسياسياً ودولياً”، يقول أستاذ القانون: “سنتابع عملنا بشقيه السياسي والقانوني. فسياسيّاً، نحن ضدّ الحوار الذي دعا إليه رئيس الجمهورية في 25 حزيران 2020، وهو ليس سوى لائحة عار جديدة سنرى من سيوقّع عليها. أمّا من الناحية القانونية، فقد أكّدنا في المؤتمر الصحافي الذي عقدناه الخميس الماضي، أنّه يجب ألا نسكت على ما يحصل لجهة التوقيفات التي تحصل على خلفية إبداء الرأي في مسائل سياسية، إذ يضعون الناس في السجون لأسباب لا دستورية”.

في السياق، يؤكّد ملّاط على ما ورد في “البيان الماروني” عن أنّ “القمع ملازم للعهد”. كيف؟  “الكلّ يرى ما يحصل. فهم يضربون المتظاهرين، ويعتقلون بشكل منظّم ومخيف من ينتقدون العهد”.

مع ذلك يميل المحامي الدولي إلى استبعاد “أن يتمّ استخدام الأجهزة من قبل العهد لبناء منظومة قمعية ممنهجة كما يحصل في سوريا أو الصين”. يقول: “لا أجزم بأن ذلك لن يحصل لكنّي أستبعده. أمّا إذا حدث أمر كهذا، فستكون أول مرة في تاريخ لبنان، لا القريب وحسب، وإنّما منذ عهد المتصرفية. واصا باشا (حكم المتصرفية بين 1882 و1892) لم يجرؤ على فعل ذلك”.

المجموعة، وبشكل خاص القاضي صادر، ستصدر بياناً قضائياً يتناول التعطيل اللاقانوني واللادستوري من جانب رئاسة الجمهورية للتشكيلات القضائية

وكان الدكتور ملّاط، قد سأل، الخميس، القاضي عويدات، ما اذا كان قد أصدر قراره من تلقائه أو أنّ أحداً طلب منه ذلك، ويقول: “نحن نعرف عويدات وهو قاضٍ عتيق، ولن يقوم بمبادرة كهذه، حتّى لو كانت من ضمن صلاحياته. لكنّ ثمّة من طلب منه هذا الأمر، ونريد أن نعرف من. فإذا كانت وزيرة العدل طلبت ذلك، يجب أن تفسّر لنا وتفسّر للبنانيين من أين أتتها الفكرة، وإذا كانت طلباً من شخص آخر، فمن حقّنا أن نعرف أيضاً”.

ويسأل: “كيف يتحرّك المدّعي العام هكذا؟ هذا منافٍ للقانون. ليقل إنّه تحرّك بفطنته، لنبني على الشيء مقتضاه”.

ويكشف، في السياق القضائي، إلى أنّ “المجموعة، وبشكل خاص القاضي صادر، ستصدر بياناً قضائياً يتناول التعطيل اللاقانوني واللادستوري من جانب رئاسة الجمهورية للتشكيلات القضائية”.

وعن تباينه مع صادر في شأن “الحق في الشتيمة”، يقول: “أنا شخصياً أعتبر أنّ الشتيمة مباحة قانوناً، وهناك جدل”. وإذ يؤكّد أنّه لا يحبّذ الشتيمة، “لأنّها تضعف الحجّة”، يسأل: “كيف يمكن منع شخص عاجز عن إطعام أولاده من السباب؟”، ويضيف: “ليسمحوا لنا”.

ويشير ملّاط، إلى أنّ “لبنان ملتزم من الناحية القانوينة بالإعلان العالمي لحقوق الانسان، والبند الرئيسي فيه هو ذاك المتعلّق بحريّة الرأي”، لافتاً إلى أنّ “كلّ بلد يطبّق هذا البند بكيفية معيّنة، ففي أميركا، مثلاً، شتم المسؤول لا يعاقب عليه القانون”.

ويرجّح من الناحية الدستورية أنّ “إمكانية الشتم بلا عقاب أقوى من مطالبة الشاتم بأن يمثل أمام القضاء، خصوصاً القضاء الجزائي”.

وفي السياق عينه، يعتبر، المحامي الدولي، إنّ “المطلوب من نقابة المحامين هو أكثر مما تقوم به”.

مواضيع ذات صلة

هوكستين موفد ترامب… فهل يضغط لإنجاز الاتّفاق؟

كثيرٌ من الضبابية يحيط بمصير المفاوضات التي قادها آموس هوكستين بين لبنان وإسرائيل، أو بالأحرى بين “الحزب” وإسرئيل، عبر رئيس مجلس النواب نبيه برّي. التفاؤل…

الاتّفاق Done: إعلانه خلال أيّام.. أو أسابيع؟

بين واشنطن وتل أبيب وبيروت أصبحت شروط الاتّفاق معروفة، ولا ينقصها سوى لمسات أخيرة قد تستلزم يوماً واحداً، وقد تطول لأسابيع، أربعة ربّما. لكن ما…

“اليوم التّالي” مطعّم بنكهة سعوديّة؟

لم يعد خافياً ارتفاع منسوب اهتمام المملكة العربية السعودية بالملفّ اللبناني. باتت المؤشّرات كثيرة، وتشي بأنّ مرحلة جديدة ستطبع العلاقات الثنائية بين البلدين. الأرجح أنّ…

مخالفات على خطّ اليرزة-السّراي

ضمن سياق الظروف الاستثنائية التي تملي على المسؤولين تجاوز بعض الشكليّات القانونية تأخذ رئاسة الحكومة على وزير الدفاع موريس سليم ارتكابه مخالفة جرى التطنيش حكوميّاً…