لا تبالي مجموعات الثورة بالحوار الذي دعا إليه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في قصر بعبدا في الخامس والعشرين من الشهر الجاري. فهي لا تنتظر من جلسات كهذه نتائج ملموسة. لا بل تذهب أبعد من ذلك، فتعتبر أنّ هذا الحوار هو مسرحية من ضمن مسرحيات السلطة المملّة.
الناشطة في “هيئة تنسيق الثورة”، الدكتورة لينا حمدان، استغربت الدعوة إلى الحوار، وسألت في حديث لـ”أساس”: “لماذا لم يتحاوروا من قبل، فأكثرهم ممثّل بهذه الحكومة. من كان يمنعهم من الحوار قبل حصول الانهيار؟”.
إقرأ أيضاً: متظاهرون لـ”أساس”: أخطأنا.. وعلينا توحيد شعارات الثورة
وبرأيها أنّ “لا ضرورة لجلسات الحوار، ولا لهذا اللقاء. فكلّ الأفرقاء الذين سيشاركون فيه هم ممثّلون بالحكومة. هناك مجلس الوزراء ومجلس النواب ولجان نيابية، وكان باستطاعتهم الحوار من قبل، ولا نتتظر منهم شيئاً”.
وختمت مؤكّدة أنّ “هذا الحوار هو شكلي من أجل إقناع المجتمع الخارجي بأنّهم يعملون على حلّ المشاكل ومعالجة الأمور. لكنّ الحوار الصحيح يجب أن يكون مع الناس التي نزلت إلى الشوارع للمطالبة بأبسط حقوقها وليس بين بعضهم البعض”.
مطالب الناس معروفة. فالشارع هو الشعب، والمطالب هي واحدة. وهناك وضع اقتصادي سيء جداً يحتاج لقرارات سريعة وقرارات فيها رؤية
أحد مؤسّسي مجموعة “أنا خطّ أحمر” وضّاح الصادق يرى أنّ “حفلة التعيينات التي جرت منذ أيام تؤشر على أن هذه السلطة غير قادرة على إنتاج الحلول المطلوبة للناس”، ويقول لـ”أساس” إنّها “مسرحية، فهم لا يتفقون إلا في المحاصصة، وما زالت السلطة نفسها، وفي المكان نفسه وتعمل في الدائرة التي تصبّ لمصالحها”. ولا يتوقع أن يخلص اللقاء إلى نتيجة “ولا نتتظر نتيجة. فالسلطة الحاكمة هي نفسها تجتمع في مكان واحد. وبالنسبة لنا، هذه السلطة فشلت في إدارة البلد، وأوصلتنا الى التدهور”، مضيفاً: “هو مجرّد “ذرّ رماد في العيون”، فالشعب اليوم أصبح واعياً لكلّ ما تفعله السلطة من محاولات. نحن لدينا خطة نسير بها، والتغيير يكون بتغيير كلّ السلطة الحالية، ولا حلّ غير ذلك مهما حاولوا. وندرك أنها قد تستغرق وقتا طويلاً، وبحاجة لـ”نفس طويل”، ولكننا سنكمل الطريق”.
ويضيف الصادق: “مطالب الناس معروفة. فالشارع هو الشعب، والمطالب هي واحدة. وهناك وضع اقتصادي سيء جداً يحتاج لقرارات سريعة وقرارات فيها رؤية. واليوم قراراتهم ليست واقعية، وليس لديهم رؤية لأنهم لو كانوا يملكونها ما كانت حصلت هذه التعيينات التي تعكس حجم اللامبالاة، واستمرارية المحاصصة الطائفية المذهبية بمراكز أساسية في البلد. وكانوا طالبوا باستقلالية القضاء لو كان لديهم نظرة إصلاحية مثلما يقولون، وإلا فلماذا هذا الحوار، وهم يرفضون استقلالية القضاء والإصلاحات؟!”.
اللقاء هو بمثابة ضربة جديدة للطائف ولمؤسسات الدولة ولآليات السلطة التنفيذية والتشريعية
اما أحد أعضاء مجموعة “عامية 17 تشرين” مصطفى فحص يقول في حديث لـ”أساس” إنّ “فاقد الشي لا يعطيه”، وأنّ “هذا الحوار لا فائدة منه، وليس باستطاعهم فعل أيّ شيء. هم مجموعة لا تملك صفة تشريعية وتنفيذية إلا من خلال النفوذ الذي يمتلكونه بالدولة. فهم يحاولون السطو على ما تبقى من الدولة. ولا بدّ من الاشارة إلى أنّه على هذه القوى المعارضة أو الموالية داخل هذه المنظومة أن تملك الشجاعة على مقاطعة اللقاء لتثبت أنها لم تنتصر على القاعدة الشعبية، وكي تترك لنفسها مكان ما في المستقبل، وعليها أن لا تربط نفسها بما يحدث في بعبدا”.
لا يتوقع فحص “أيّ نتيجة إيجابية، فهذا اللقاء هو بمثابة ضربة جديدة للطائف ولمؤسسات الدولة ولآليات السلطة التنفيذية والتشريعية. فنحن لدينا مجلس نواب ومجلس وزراء حيث تُبحث في مجلس النواب القضايا الوطنية الكبرى، وتُنفّذ في مجلس الوزراء”، لافتاً إلى أنّ “من يريد إعادة التعويم هو رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وتحديداً بعد مرحلة ثورة 17 تشرين. فهو يريد الاستمرار في مؤسسات الدولة الدستورية والقانونية والسلطات التنفيذية التشريعية”، مضيفاً أنّ “مشكلة أهل السلطة أنهم يعانون من حالة الإنكار وبحاجة إلى طبيب نفسي لمعالجتهم حتى يتمكّنوا من فهم واستيعاب الواقع الجديد ما بعد 17 تشرين”.