اقتراحات جديدة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي لإعادة تشغيل الاقتصاد

مدة القراءة 7 د


بدلاً من رفع الضرائب والرسوم لتغذية خزينة الدولة المفلسة، هل حان الوقت لعكس المسار، لإنقاذ القطاع الخاص من الانهيار التام، عقب تلقّيه ضربتين متلاحقتين، بانهيار الليرة، وبجائحة كورونا؟

توصيات المجلس الاقتصادي والاجتماعي ليست ملزمة للحكومة، ودوره استشاري، لكن التوصيات التي أُعلنت خلال مؤتمر صحافي نهاية الأسبوع الماضي، تضيء الطريق إلى أربع مسارات تتعلّق بالعلاقة مع الدولة، والعلاقة مع المصارف ومصرف لبنان، والعلاقات التعاقدية بين الأفراد والمؤسسات، والشؤون الاجتماعية الملحّة، بالإضافة إلى مسارٍ خامس يشمل مطالب القطاعات المختلفة.

إقرأ أيضاً: لحماية الزراعة والصناعة: تثبيت سعر الصرف أيّاً كان

هذه الورقة، بحسب ما يؤكد المدير العام للمجلس الدكتور محمد سيف الدين لـ”أساس”، لا ترسم سياسة عامة وليست تخطيطاً بعيد الأمد ولا تعطي حلولاً لإدارة الاقتصاد الكلي، بل هي مجموعة إجراءات تخفّض الأعباء وتسهّل العودة إلى العمل، و”يمكن للدولة عدم فرض أيّ ضرائب أو رسوم جديدة لسنتين، واستخدام قدرتها القصوى في مكافحة المنافسة غير المشروعة، والتهريب، والتهرّب الضريبي، وكشف المؤسسات المكتومة وتكليفها، ومعالجة فروقات سعر الصرف بين الموازنات الفعلية للأرباح والخسائر للشركات وتقديرات وزارة المالية، حيث يؤدي انخفاض قيمة الليرة، إلى تسجيل الخسائر كأرباح في موازنات الشركات. كما يمكنها تجميد سداد الضريبة على القيمة المضافة عن الفصل الرابع من العام 2019 وعن الأشهر التسعة الأولى من 2020، على أن تقسط على 24 شهراً، كما يمكنها تأجيل مستحقات المؤسسات للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي عن العام 2020، على أن تقسط على 24 شهراً”. ويضيف أنه “يمكن للدولة أن تجمد ضرائب أخرى، كضريبة الدخل وضريبة الأملاك المبنية، على أن تقسط على 24 شهراً، وأن تعفي المواطنين والمؤسسات من كافة غرامات التأخير على الرسوم والضرائب، وذلك بسبب جائحة كورونا التي أحدثت انقطاعاً تاماً أو شبه تام في عمل المؤسسات”.

أربع مسارات تتعلّق بالعلاقة مع الدولة، والعلاقة مع المصارف ومصرف لبنان، والعلاقات التعاقدية بين الأفراد والمؤسسات، والشؤون الاجتماعية الملحّة

ورقة المجلس الاقتصادي والاجتماعي تناولت في إجراءاتها أيضاً العلاقة بين مصرف لبنان والمصارف. في هذا الإطار، يقول سيف الدين إنّ المجلس الاقتصادي والاجتماعي دعا الى خفض الفوائد المدينة للمؤسسات بنسبة 3 في المئة، وإعادة إطلاق التسهيلات المالية والتسليفات للمؤسسات داخلياً كما كانت قبل شهر تشرين الأول من العام الفائت، وجدولة القروض المستحقة على المؤسسات والافراد، مع تثبيت دفعها بالليرة اللبنانية بحسب سعر الصرف الرسمي، وإصدار خارطة طريق واضحة تحدد مستقبل السحوبات والتحويلات المالية والودائع، خاصة للشركات، والالتزام بآلية عمل المنصة الالكترونية لمصرف لبنان”.

وعن العلاقة التعاقدية، سواء كانت شفاهية أم خطية، التي تناولتها الورقة، يقول سيف الدين إنّ المجلس “حضّ على حلّ الأمور أو الإشكاليات التي قد تحصل بطرق حبّية، وإلى إجراء تفاهمات حول عقود العمل ودوامات العمل المتحركة، وتشجيع الوظائف بدوام جزئي في حالات محدّدة واستثنائية، ووضع آلية استثنائية لتنظيم ذلك إلى حين انتظام الأوضاع، على ألّا يؤثر ذلك في تعويضات نهاية الخدمة. وبالنسبة إلى موضوع الإيجارات، فلا بدّ من خفض الإيجارات بالتفاهم بين المالكين والمستأجرين  للأفراد والمؤسسات عن العامين 2020–2021، وخاصة للمؤسسات التجارية والصناعية، ودفع بدلات الإيجار بالليرة وفق سعر الصرف الرسمي”.

هذا وأفرد المجلس الاقتصادي في ورقته مساحة واسعة للشق الاجتماعي، فدعا الى إنشاء صندوق بطالة لمساعدة العاطلين من العمل، وإلى الاستمرار بدعم الأسر الأكثر فقراً لعامي 2020 و2021 بمساعدات مالية مباشرة، وإلى خفض فاتورة الخدمات العامة مثل الكهرباء والمياه والأملاك المبنية للأسر الفقيرة 50 في المئة لمدة 6 أشهر. كما تناول المجلس الاقتصادي مسألة تقسيط رسوم الأملاك المبنية عن 2019-2020 على كافة الشقق السكنية.

أفرد المجلس الاقتصادي في ورقته مساحة واسعة للشق الاجتماعي، فدعا الى إنشاء صندوق بطالة لمساعدة العاطلين من العمل

ومع بدء التحوّل في النموذج الاقتصادي في لبنان، يرى سيف الدين أنّ الاهتمام بالقطاعات الإنتاجية حاجة ضرورية وأساسية، لذلك “شدّد المجلس على وجوب تحفيز الصادرات وفق ما ورد في موازنة العام 2020، ووضع مشروع وزارة الصناعة للطاقة المكثفة موضع التنفيذ، وتصحيح وضع المؤسسات الصناعية غير المشروعة وغير المرخصة، ومعالجة مشكلة العمالة الأجنبية غير المشروعة، وتمديد المهل الإدارية المفروضة على الصناعيين، لتحقيق الالتزام البيئي وتأمين التمويل اللازم لتحقيقه، والتواصل مع منظمة الأمم المتحدة من أجل شراء المساعدات العينية للنازحين السوريين من الإنتاج اللبناني، ورفع نسب الاستثمار في المناطق الصناعية، بنسبة 20 في المئة، ومراجعة تطبيق الاتفاقيات التجارية التي عقدها لبنان ( الشراكة الأوروبية والتيسير العربية) ضمن سياسة حماية الصناعة”.

أما بالنسبة للقطاع الزراعي، فدعت ورقة المجلس إلى تحديث قانون حماية المستهلك، وإطلاق مشروع قانون ضمان المحاصيل الزراعية، والحماية الجمركية الفعّالة، والعمل على مساواة أسعار السلع الأجنبية والسلع المحلية في الأسواق اللبنانية، وإعفاء الآبار الارتوازية من رسوم المياه، ودعم صيادي الأسماك، وإطلاق مشروع قانون ضمّهم إلى صندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وترشيد وتوعية المؤسسات الزراعية على ضرورة تغيير النمط الزراعي وتشجيعها على الدمج، و إرشاد المزارعين لإنتاج زراعات مطابقة للمعايير ومساعدتهم على تسويق منتجاتهم في الأسواق العالمية.

وبالنسبة لدعم القطاع التجاري، دعا المجلس، بحسب سيف الدين، إلى إعادة النظر بخصوص بدلات إيجار مراكز التسوق الكبرى (المولات) التي تفرضها على التجار والتي قد تفوق أحياناً أرقام الأعمال التي حقّقوها، وإعفائهم عن بدلات فترة إقفال كورونا، ووضع آلية سريعة للتسويات الضريبية تكون محفّزة، فتشجّع المكلّفين على الانخراط فيه، وتشجّع المكتومين على التصريح عن أعمالهم، ما يؤدّي إلى تغذية خزينة الدولة.

أما بالنسبة للقطاع السياحي، فيقترح المجلس السماح بسداد كافة المؤسسات السياحية للقروض  المصرفية بالعملات الأجنبية السابقة لتاريخ صدور تعميم رقم 547 بالليرة اللبنانية، بحسب السعر الرسمي للصرف، ومنح المصارف قروضاً مدعومة للمؤسسات السياحية العاملة في لبنان بالليرة اللبنانية، وبفوائد منخفضة توازي نصف فوائد القروض الممنوحة للأفراد، وإعفاء شركات تأجير السيارات من رسم المئة ألف ليرة لبنانية التي تدفعها هذه الشركات عن كلّ سيارة (رسم ترخيص تأجير السيارات).

أما بالنسبة للقطاع الزراعي، فدعت ورقة المجلس إلى تحديث قانون حماية المستهلك، وإطلاق مشروع قانون ضمان المحاصيل الزراعية

وختاماً، دعت ورقة المجلس في ما يتعلّق بقطاع الأشغال العامة والمقاولين، إلى الطلب من مجلس الوزراء بتفويض كلّ وزير بالتفاوض مع المتعهّدين بخصوص المشاريع المتعثّرة، وفي حال فسخ العقود فيجري استلام نهائي للمشاريع ودفع المستحقّات واسترداد الكفالات، وإجراء مقاصّة بين مستحقّات المقاولين للدولة ومستحقّات الدولة للمقاولين. لحسم المتوجبات عليهم من المتوجبات لهم.

مواضيع ذات صلة

هذه هي الإصلاحات المطلوبة في القطاع المصرفيّ (2/2)

مع تعمّق الأزمة اللبنانية، يصبح من الضروري تحليل أوجه القصور في أداء المؤسّسات المصرفية والمالية، وطرح إصلاحات جذرية من شأنها استعادة الثقة المفقودة بين المصارف…

لا نهوض للاقتصاد… قبل إصلاح القطاع المصرفيّ (1/2)

لبنان، الذي كان يوماً يُعرف بأنّه “سويسرا الشرق” بفضل قطاعه المصرفي المتين واقتصاده الديناميكي، يعيش اليوم واحدة من أخطر الأزمات النقدية والاقتصادية في تاريخه. هذه…

مجموعة الـ20: قيود تمنع مواءمة المصالح

اختتمت أعمال قمّة مجموعة العشرين التي عقدت في ريو دي جانيرو يومي 18 و19 تشرين الثاني 2024، فيما يشهد العالم استقطاباً سياسياً متزايداً وعدم استقرار…

آثار النّزوح بالأرقام: كارثة بشريّة واقتصاديّة

لم تتسبّب الهجمات الإسرائيلية المستمرّة على لبنان في إلحاق أضرار مادّية واقتصادية مدمّرة فحسب، بل تسبّبت أيضاً في واحدة من أشدّ أزمات النزوح في تاريخ…