اليوم لن يكون يوماً عادياً، بل هو موعد لقيام مدينة الحبّ والنار، بيروت، من تحت ردمِ الشغب، وفوق بشاعة التكسير، ورغم فداحة التعصّب المذهبي، وفوق جراح كورونا أيضاً… قيامة فنية تبعث رسالة حبّ وحياة إلى جميع اللبنانيين، كما هي عادة بيروت، قلب لبنان الأحمر، بألوان الحبّ والحياة.
ستّ الدنيا في مهمّة اليوم مع برنامج “موسيقيون في مھمة -MUSICIANS ON A MISSION”، وهو حفل خيري مباشر، يحاول إعادة بعض البسمة إلى وجوه اللبنانيين، رغم أنّها مهمة صعبة، وربما مستحيلة.
إقرأ أيضاً: العيد أن نبقى آمنين …
المشهد هذه المرّة سيكون مختلفاً، والموسيقى وحدها ستكون سيّدة الموقف. لا سباب ولا شتائم ولا زعران ولا قنابل مسيلة للدموع، بل موسيقيون وأغانٍ وأهازيج وعطاءات مسيلة لدموع الفرح فقط لا غير.
أقيم الحفل في “الزيتونة باي” الساعة 6:30 مساءً، وهدفه، إلى جانب الترفيه، المجاني، في اللحظة الاقتصادية والاجتماعية الأصعب منذ تأسيس لبنان، جمع التبرعات للعائلات المحتاجة، على وقع الموسيقى. والموسيقى دائماً توحّد الناس وتجمعهم للالتفاف حول بعضهم البعض.
القيمون على الحفل شرحوا أنّه بمبادرة من السيد مروان المصري وبالتعاون مع جمعية “ساعد تسعد”، ونُقل مباشرة على مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بالجمعية على فيسبوك وإنستغرام ويوتيوب، والعنوان هو “sa3edtas3a”.
ضمّ الحفل 6 موسيقيين: “سيّدة الأوبرا العربية” ھبة القواس، الملحن والموسيقي وعازف البيانو غي مانوكيان، وألبرت بويادجيان، و DJ Royo ، وأندريه سويد وخوسيه كارلوس.
لكن من هي جمعية “ساعد تسعد”؟
هي جمعية خيرية تأسست مع بداية العام الأصعب، 2020، أي من رحم واقع الجوع وانعدام الأمن الغذائي وتأثيرهما المباشر على حياة قسم كبير من السكان في جميع المناطق اللبنانية. بدأت عملها بمعالجة قضايا الجوع لنصرة من قهرتهم الحياة، ونسيتهم الدولة، وخذلتهم الأحزاب، وتحاول أن تقدّم رسالة تحدٍّ للبؤس والشقاء.
هدف الجمعية “القضاء على الجوع”، ومھمّتها الأساسية البحث “بشكل فعلي عن حلول مستدامة، وتحويل ھذه المجتمعات المحرومة إلى مجتمعات منتجة تعتمد على نفسھا لتمكينھا وإحداث تغيير إيجابي في حياتھا لتنمو وتزدھر بكرامة”. وفي سلّم أولويات “ساعد تسعد” أيضاً البدء في توفير الأدوات اللازمة لتشغيل المشاريع والحرف الإنتاجية الفعالة، ومساعدة من ھم أكثر حاجة ليكونوا مستقلّين اقتصاديًا. وتحاول تنفيذ رؤيتها من خلال مشاريع مع شركات ومصمّمين لبنانيين: “نحاول صناعة تفكير مبتكر في إنتاج مشاريع وتسويق منتجات على الصفحة الإلكترونية للجمعية، على أن تذھب العائدات بالكامل إلى العائلات المحتاجة”.
كما تبادر الجمعية إلى تنفيذ دراسات بهدف معرفة احتياجات وموارد المنطقة البشرية والطبيعية، وتدريب المهارات لوضع التنمية على السكّة الصحيحة، وتطوير وتشغيل الأيدي العاملة عبر مشاريع تنموية إنتاجية يتعاون على تنفيذها متبرّعون ومؤسسات ومصممون لبنانيون. ومن هذه المشاريع، تذكر مؤسسة الجمعية هلا عيراني في حديثها لـ”أساس” مشغل للخياطة في مناطق لبنانية، ومطابخ لإنتاج الأكلات والمنتجات الزراعية وتصنيعها، وتعزيز مساحات في مناطق في البقاع والجنوب للزراعة وتحويل المحاصيل إلى العائلات المحتاجة.
إضافة إلى ذلك، نسّقت الجمعية مع جمعيات لبنانية أخرى، فوزّعت 2155 حصّة غذائية على العائلات الأكثر حاجةً وفقراً، وتتواصل مع جمعيات أخرى بمهام مختلفة لتلبية احتياجات محدّدة، مثل مساعدات تعليمية وطبية.
هي جمعية جديدة، ومشروع جديد، علّ بيروت تنفض عن نفسها “غبار الزعل”، ولو لساعات، ولو لبضعة آلاف من المحتاجين، وعلى قدر ما يتيسّر للجمعية، كي تمنح البعض ما يستحقّون…