بعد تفجير بيروت: وزراء الأشغال والعدل ووزير المال أمام القضاء

مدة القراءة 6 د


مع تعيين قاضي التحقيق العسكري بالإنابة فادي صوان محققاً عدلياً في قضية إنفجار المرفأ بعد إحالتها الى المجلس العدلي ينتقل الملف بالكامل من النيابة العامة التمييزية الى قاضي التحقيق العدلي، وذلك بعد ادعّاء القاضي غسان عويدات لدى المحقّق العدلي بالجريمة وإحالة ملف التحقيقات إليه.

وسيباشر صوان بالإطلاع على ما توصلت اليه التحقيقات حتى الآن ويستمع مجدداً الى الموقوفين والمشتبه بهم.  ويصدر المحقق العدلي جميع المذكرات التي يقتضيها التحقيق من دون طلب النيابة العامة. وتعتبر قراراته بهذا الخصوص غير قابلة لأي طريق من طرق المراجعة.

إقرأ أيضاً: لهذه الأسباب رفض مجلس القضاء الأعلى اسم المحقّق العدلي؟

ووفق المعلومات، لم يتمّ توقيف أيّ من ضباط الأجهزة الأمنية الذين استمع القاضي الخوري إلى إفاداتهم، وهم ممّن يخدمون في الكرنتينا ضمن مديرية المخابرات وأمن الدولة والجمارك، لكنهم تًركوا رهن التحقيق.

 وتقول أوساط أمنية متابعة في هذا السياق إنّ “المسؤولية الأمنية المباشرة هي في الواقع خارج أرض المرفأ. وهنا السؤال حول المدى الذي يمكن أن يذهب اليه التحقيق في ظلّ وجود ضابط كبير، هو مدير عام أمن الدولة رهن التحقيق”.

بعد محطة إستدعاء الأمنيين الأرجح أن يستمع القاضي صوان الى إفادات عدد من وزراء الأشغال بدءًا من الوزير غازي زعيتر، يوسف فنيانوس، وميشال النجار. ولاحقاً  وزير المال (علي حسن خليل الذي عيّن وزيراً من العام 2014 لثلاث ولايات متتالية)، وكذلك وزراء العدل المتعاقبين (أشرف ريفي، سليم جريصاتي، البير سرحان، ماري كلود نجم). ويتوقع أن يتمّ إبلاغهم تباعاُ بالحضور.

يبدو أنّ هناك اطمئناناً من جانب وزراء الأشغال المتعاقبين للمسار الإداري للملف. فوفق مطلعين، مجرّد ترك مدير عام النقل والأشغال عبد الحفيظ القيسي حرّاً فهذا يعني أنّ وزارة الأشغال لم تقصّر

ولم يعرف بعد من سيشمل التحقيق من جانب قيادة الجيش السابقة والحالية (أو وزراء دفاع) ربطاً بردّ جوابي من قيادة الجيش على مراسلة أكّدت فيها عدم حاجتها إلى مادة نيترات الأمونيوم، مقترحة مراجعة مالك “الشركة اللبنانية للمتفجّرات” مجيد الشماس لبيعه إياها أو إعادة تصديرها بموجب كتاب مؤرّخ بتاريخ 7 نيسان 2016، وذلك بسبب عدم القدرة على الإتلاف أو الاستيعاب.

هذه الاستدعاءات لوزراء وقيادات أمنية يجب أن ترسم حدود تبيان حدود مسوؤلياتهم واطّلاعهم على محتويات المواد الموجودة على السفينة، ومن ثَمّ عملية نقلها إلى العنبر رقم 12 من خلال المراسلات التي وصلت إلى وزاراتهم من الأجهزة الأمنية.

ويبدو أنّ هناك اطمئناناً من جانب وزراء الأشغال المتعاقبين للمسار الإداري للملف. فوفق مطلعين، مجرّد ترك مدير عام النقل والأشغال عبد الحفيظ القيسي حرّاً، بعكس مسوؤلين كبار في المرفأ والجمارك، وهو الذي يتولّى مهامه منذ نحو عشرين عاماً (سيحال إلى التقاعد في شباط المقبل)، فهذا يعني أنّ وزارة الأشغال لم تقصّر، ولم تُهمل واجباتها.

ويؤكد هؤلاء أنّ “مدير عام النقل ليس صاحب القرار بتعويم الباخرة وإفراغ حمولة نيترات الأمونيوم، بل هو راسل وزارة العدل، التي تكلّف هيئة القضايا والعدل (صاحبة القرار). وتتمّ هذه المراسلة عبر وزير الأشغال الذي يضع توقيعه عليها. وثمّة مراسلات عدة واضحة في سياق هذا الملف. وحين تصبح أيّ حمولة في الحرم الجمركي تخرج من صلاحية المديرية العامة للنقل والأشغال”.

أول المُستدعين النائب والوزير السابق غازي زعيتر. الأخير كان أعلن موقفاً ملفتاً أمس مؤكّداً بأنه أوّل من سيمثل من بين وزراء الأشغال أمام القضاء، وطالباً من الرئيس نبيه بري رفع الحصانة عنه “لتبيان الحقيقة كاملة”.

في أوساط وزارة الأشغال من يجزم أنّه لو كان هناك مسوؤلية واحد بالمئة على الوزراء لكان عبد الحفيظ القيسي اليوم موقوفاً

ويمكن للنائب زعيتر المثول أمام القضاء من دون رفع الحصانة عنه حيث سيتمّ الاستماع الى إفادته فقط وليس كمشتبه به بل كشاهد. وهنا ستثار إشكالية الجهة الصالحة للتحقيق: المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء أم المجلس العدلي؟ في حال هناك توجّه لملاحقة أيّ وزير، وهذا أمرٌ مستبعد.

وزعيتر الذي تربطه علاقة قربى بمدعي عام التمييز (زوج شقيقته) يفترض أن يقدّم أجوبة عن دوره بدءاُ من شباط 2014 أي بعد نحو ثلاثة أشهرمن تعيينه وزيراً خلفاً لغازي العريضي. إذ تفيد المعلومات أنّ تعويم الباخرة وإفراغها من حمولتها من نيترات الأمونيوم في العنبر رقم 12  حصل خلال وجود زعيتر في الوزارة من دون أن يتبيّن إذا ما وصلت مراسلة بهذا الصدد إلى مكتب الوزير.

كما يفترض أن يوضح زعيتر علاقة نجله المحامي محمد زعيتر بمكتب بارودي للمحاماة الذي تولّى الحجز التنفيذي على الباخرة بعيد وصولها الى لبنان.

ويتوقع أن يشمل التحقيق غازي العريضي كونه كان لا يزال وزيراً للأشغال “يصرّف الأعمال” في المرحلة التي تمّ خلالها الحجز على الباخرة أمام دائرة تنفيذ بيروت ربطاً بعدّة دعاوى قضائية بحق مالكها.

أما وزيرا الأشغال السابق يوسف فنيانوس والمستقيل ميشال نجار، فلم يتبلّغا بعد بالحضور أمام القاضي، ومن المرجّح أن يبرز فنيانوس كافة المراسلات الموقّعة من قبله والتي راسل من خلالها مدير عام النقل وزارة العدل لتحيل بدورها الطلب إلى هيئة القضايا.

في أوساط وزارة الأشغال من يجزم أنّه “لو كان هناك مسوؤلية واحد بالمئة على الوزراء لكان عبد الحفيظ القيسي اليوم موقوفاً”.

ويكشف متابعون أنّ التحقيق يفترض أن يقود إلى معرفة “خارطة المراسلات” الإدارية – الأمنية – القضائية في شأن الشحنة الآتية من جورجيا، انتهت للمفارقة بعد سبع سنوات، وقبل أيام قليلة من الانفجار، على شكل مراسلة ضمن البريد الأمني السرّي من مدير عام أمن الدولة اللواء طوني صليبا في 20 تموز الماضي إلى رئاستي الجمهورية والحكومة. ومن ثَمّ على شكل مُراسلة من الأمانة العامة للمجلس الأعلى للدفاع إلى مكتب وزير الأشغال ميشال نجار في 3 آب حيث أُعلِم الأخير أنّ القضاء يضع يده على مستوعب نيترات الأمونيوم بموجب إشارة قضائية.

 مع العلم أنّ أمن الدولة وضع يده على الملف نهاية العام الماضي، أي قبل أشهر من مراسلة بعبدا والسراي. وسبق ذلك أن فتح “أمن الدولة” تحقيقاً بإشراف القضاء في أيار الفائت، وأفاد الجهازُ مدّعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات بالقضية، فطلب الأخير من رئيس هيئة إدارة المرفأ حسن قريطم، عبر مديرية أمن الدولة، إجراء اللازم من خلال تعيين أمين مستودع وصيانة الأبواب المفتوحة وسدّ الفجوة المفتوحة في العنبر 12. وهي المهمّة المؤجّلة التي تمّ تنفيذها على مراحل بداية آب وكانت السبب، غير المؤكد، بالانفجار شبه النووي الذي ضرب بيروت.

الجديد في ثغرات من علم ومتى ومن لم يعلم بخطورة المواد المتفجّرة، هو حول رئيس الحكومة حسان دياب في كتاب الاستقالة أنّ موضوع نيترات الأمونيوم في مرفأ بيروت لم يطرح أبداً على طاولة المجلس الأعلى للدفاع، بينما يقول مطلعون إنّ المجلس أُعلم بالقضية في حزيران الفائت، لكنه لم يُدرج كبند على جدول الأعمال.

مواضيع ذات صلة

هوكستين عائد بعد الانتخابات: التسوية تنتظر الرئيس الجديد

واشنطن   ليست سهلة الانتخابات التي تخوضها الإدارة الديمقراطية. فهي تنافس الحزب الجمهوري على “المنخار” بحسب التعبير اللبناني. كثيرة هي التناقضات التي أصابت جمهور الحزب…

“إنزال” في البرلمان: التّمديد لقائد الجيش

يترافق سقوط مفاوضات وقف إطلاق النار مع انكشاف أمنيّ وعسكري وسياسي كامل، عبّر عنه بالسياسة النائب السابق وليد جنبلاط بقوله إنّ “آموس هوكستين تآمر علينا…

وقف إطلاق النّار… بين الضّغط الأميركيّ وضغوط الميدان

أُقفِل باب المفاوضات الدبلوماسية لتُترك الكلمة للميدان. بالأساس، لم يكن كبيراً الرهان على تحقيق خرق جدّي قبل أيام معدودة من فتح صناديق الاقتراع في السباق…

نعيم قاسم: هادئ وصلب ومتعدّد المشارب الفكرية

يختلف الشيخ نعيم قاسم عن سلفه السيّد حسن نصر الله، من حيث خصائص الشخصية ومشارب التنشئة، مع أنّ كليهما كانا عضوين قياديين في حركة أمل،…