الرياضي(1/3): بيروتي تصدّر “السلّة” وصنع تاريخها المجيد

مدة القراءة 6 د


الرياضي اسم كبير لنادٍ عريق لمع وسطع في سماء بيروت منذ عام 1934 وحتى يومنا هذا، وقد اقترن اسم هذا النادي بوهج وعزّ الرياضة اللبنانية، خصوصاً لعبة كرة السلة.

لا يمكن استرجاع الذكريات مع النادي الرياضي من دون أن نربط هذا النادي الكبير بمؤسستين تربويتين بارزتين في بيروت هما: “جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية” والجامعة الأميركية في بيروت.. هاتان المؤسستان كانتا الخزّان الرئيسي لفريق الرياضي الذي نشأ وترعرع في رأس بيروت، تلك البقعة الجغرافية المميّزة من أرض لبنان، التي انطلق منها، ليكتب سجلاً ذهبياً رياضياً حافلاً.

إقرأ أيضاً: النجمة (2/2): الأنصار “العقدة” والحريري الأب “المنقذ” و”العهد” المخيف

يرتكز النادي الرياضي إلى خلفية تاريخية ضاربة الجذور وسط مجتمع بيروتي احتضنه وأحبه، فكان له سنداً وعضداً في مختلف المناسبات المحلية والخارجية التي شرّف فيها لبنان ورفع رايته عالياً.

دُمغ الرياضي منذ تأسيسه بطابعه الأسري. وحملت انطلاقته خصوصية بيروتية، قبل أن يضفي ذيوع صيته المتسارع شمولية جغرافية واسعة في مختلف المناطق اللبنانية من الشمال إلى الجنوب.

يدين النادي الرياضي بشكل كبير لدولة الرئيس الراحل صائب سلام، إذ كان رئيساً فخرياً له على مدى 47 عاماً (1945 – 1992) واطلع على كلّ شاردة وواردة فيه، ولم يألُ جهداً في دعمه وديمومته واستمراريته.

يدين النادي الرياضي بشكل كبير لدولة الرئيس الراحل صائب سلام، إذ كان رئيساً فخرياً له

بذل الرئيس الراحل جهداً كبيراً لتأمين المقر الحالي في المنارة على واجهة بيروت البحرية وكان ذلك في العام 1954. القاعة الحالية في النادي مسمّاة “قاعة صائب سلام” لتردّ جزءاً يسيراً من الجميل الذي قدّمه الرجل للنادي البيروتي.

كان بناء القاعة المغلقة حلماً لطالما راود أبناء الرياضي، وذلك ليقينهم بأهميته في استقرار وتطوّر ومكانة ناديهم. وفي تشرين الأول عام 1962، عقد رئيس النادي الرياضي وفيق النصولي مؤتمراً صحافياً تطرّق خلاله إلى نية ناديه تكرار المحاولة لتغطية ملعبه، مشيراً إلى أنّه يحتاج إلى مبلغ 150 الف ليرة، وذلك لبناء القاعة حيث كان الفريق يتدرّب على الملعب المكشوف بناء على عقد إيجار وقّعه مع مالكي الأرض عام 1954.

في تشرين الثاني 1991، قرّرت الإدارة تسمية رئيس جمعية المقاصد تمام سلام رئيساً فخرياً للنادي خلفاً للرئيس صائب سلام. وأقرّ مجلس الإدارة حينذاك العرض المالي والدراسات المتعلّقة بمشروع بناء القاعة المغلقة.

هنا كان دور الرئيس الشهيد رفيق الحريري. كان له دور كبير ومؤثّر في بناء قاعة صائب سلام. فخرائط القاعة عرضت عليه في البداية حين اقترح القيّمون على النادي الرياضي تسمية القاعة باسمه. لكنّه رفض وأصرّ على تسميتها باسم الرئيس الفخري للنادي صائب سلام. وفي موازاة ذلك، أمّن دعماً ماليا كبيراً لتأمين بناء القاعة، التي كلّفت نحو 400 ألف دولار أميركي، إذ ساعد النادي في اقتراض 100 ألف دولار أميركي من بنك البحر المتوسط، وأعفى إدارته من فوائد المبلغ.

وكان لأصحاب الأيادي البيضاء والقدرات المالية من وجوه المجتمع البيروتي الدور الفاعل أيضاً في المساهمة في تشييد “قاعة صائب سلام” في عهد المهندس هشام الجارودي. ومن أبرز هؤلاء، أحمد توفيق طبارة، وأبناء أحمد الصاوي زنتوت، ومحمد البساتنة، وأنيس أحمد طبارة، وربيع عماش، وسمير الريس، وسليم دياب، ومنير توفيق طبارة، ومصطفى البساط، ولطفي الزين، ونبيه صيداني وإخوانه، ونجيب الخطيب وغيرهم..

وفاء المؤسسين

للنادي رجال عملوا على رفع رايته من أبرزهم وفيق النصولي الذي ترأس النادي عام 1945، وافتتح مركزه الأول في منطقة الصنائع في العام عينه، وذلك بعد أن كانت التمارين تقام على ملعب الدنافيل في عين المريسة.

جاءت رئاسة النصولي للنادي بعد أن خلف الرئيس الأول حسين سجعان. وجاءت رئاسته تجاوباً مع أبناء فريق “المقاصد” الذي عرض عليه إضافة لعبة كرة السلّة إلى الرخص الأخرى التي كان النادي يملك الحقّ بمزاولتها، وهي: كرة القدم، ورفع الأثقال، والمصارعة. ولم تطل فترة رئاسة سجعان، إذ خلفه رفيق البراج قبل أن يتسلم الراية الرئيس التاريخي وفيق النصولي.

للنادي رجال عملوا على رفع رايته من أبرزهم وفيق النصولي الذي ترأس النادي عام 1945

بذل النصولي جهداً في نقل مركز النادي إلى مقرّه الحالي، وأشرف على بنائه وافتتاحه عام 1957. واستمرّ في رئاسته حتى عام 1992، وحقّق في عهده إنجازات كثيرة. وكانت تربط النصولي بالرئيس الراحل سلام صداقة عميقة. وكانت هذه المعادلة حصناً للنادي الرياضي.

باستعادة حيثيات مسيرة النادي البيروتي يتبادر إلى الأذهان تلقائياً “الأبا سميران”: أبو سمير شاكر (مصطفى شاكر) وأبو سمير صيداني (عدنان صيداني)، فهما يعتبران من الأعمدة الرئيسية التي قام عليها النادي. وكانا من أكثر أعضاء لجناته الإدارية المتعاقبة انغماساً في أجواء النادي، وقد ساهما في الدفاع عنه في مسيرتهما الحافلة بالعمل الإداري.

عرف الرياضي على مرّ العصور فرقاً وتشكيلات ذهبية منذ البدايات حيث لمع مطلع الخمسينات فريق رائع يضم عزت وخليل مكاوي الذي أصبح لاحقاً سفير لبنان في عدد من العواصم الأوروبية والأمم المتحدة، وبهيج خاطر، وأحمد إدلبي، ومختار فتح الله، وسعد الدين عيتاني، وكمال غزاوي، وغسان رشاش، وفاروج أزاديان.

وقد شكّلت تلك المجموعة فريقاً قوياً تمكّن من إحراز لقب أول بطولة لدوري كرة السلةّ في لبنان عام 1950 حين فاز الرياضي على جميع الأندية، وكانت المباراة النهائية مع أبناء نبتون وفاز فيها الرياضي بفارق نقطتين.

توالت بعد ذلك الانتصارات، فازداد عدد المشجّعين للرياضي، وانتزع بطولة لبنان لأربع سنوات متوالية (1951 – 1954)، وكان منافسه الدائم في المباريات النهائية فريق “أبناء نبتون” الذي ضمّ بدوره نخبة من اللاعبين في مقدّمهم نعوم بركات وإيلي الحمصي.

كانت مباريات الفريقين تتسم بالندّية والإثارة، علماً أنّ الأول كان يعتمد على لاعبيه من الجامعة الأميركية فيما الثاني على لاعبي “الفرير” و”الحكمة”. وتمكّن الرياضي في تلك الفترة من التفوّق عربياً، وإثبات وجوده خلال زيارته لمصر، حيث فاز على فريق “الإسكندرية”، بطل مصر آنذاك. فضلاً عن هيمنته على البطولة اللبنانية بشكل دائم طوال ثلاث حقبات بين الخمسينات ومنتصف السبعينات. ولم يخرق هيمنته على البطولة سوى فريق “الدنافيل” عام 1955 وفريق “النهضة” عام 1956.

ولم تقم البطولة في أعوام 1957 و1958 و1959 و1960. واقتصرت النشاطات على مباريات محلية ودّية بين الأندية اللبنانية.

 غداً في الحلقة الثانية: الرياضي بطل الحرب والسلم

 

مواضيع ذات صلة

ألغام سياسيّة أمام الجيش في الجنوب!

بعدما أصبح وقف إطلاق النار مسألة ساعات أو أيام، لا بدّ من التوقّف عند العنوان الأوّل الذي سيحضر بقوّة على أجندة “اليوم التالي” في لبنان:…

أميركا مطمئنّة.. ونتنياهو “يسرق الوقت”

عاد الموفد الأميركي آموس هوكستين من زيارته إلى المنطقة، ووصل إلى العاصمة الاميركية أمس. وقبل أن يصل إلى واشنطن كان قد طمأن عين التينة إلى…

مبعوث ترامب إلى الشّرق الأوسط: معجب “بروحانية” نتنياهو..

تشبه الشّخصيّات التي رشّحها الرّئيس الأميركيّ المُنتخب دونالد ترامب شخصيّته الجدليّة. فهو كما فاجأ المراقبين يومَ فازَ في انتخابات 2016، وبفوزه الكبير في انتخابات 2022،…

هوكستين موفد ترامب… فهل يضغط لإنجاز الاتّفاق؟

كثيرٌ من الضبابية يحيط بمصير المفاوضات التي قادها آموس هوكستين بين لبنان وإسرائيل، أو بالأحرى بين “الحزب” وإسرئيل، عبر رئيس مجلس النواب نبيه برّي. التفاؤل…