اجتماع “قيادات طرابلس”: جبل كلام… وصفر قرارات

مدة القراءة 3 د


لم تحقّق قيادات طرابلس سوى إنجاز الصورة والبيان، من دون أيّ تصوّر واضح حول آليات عمل لجنة المتابعة، وحول توزيع الأدوار بين القوى والشخصيات السياسية في العمل المشترك ضمن “هيئة التنسيق”. هذا ما خرج به اجتماع فعاليات طرابلس أمس الأوّل.

في مدينة أنهكها الجوع وتضمّ أثرى أثرياء لبنان، المتنافسين سياسياً فيما بينهم، كان الاجتماع يوم الإثنين الفائت فرصة كورونية، لتجميع النوايا، مبدئياً، والكلمات الرنّانة، من دون أيّ تصوّر عملي لأثرٍ مباشر على حياة أهل عاصمة الشمال.

وبغضّ النظر عن أنّ الاجتماع بحدّ ذاته هو إنجاز، بين مجموعات وشخصيات متخاصمة سياسياً ومتباعدة تنظيمياً، إلا أنّ ما جمعه انتشار وباء كورونا، وما عجز عن جمعه انتشار وباء الجوع منذ سنوات وعقود، تبقى الخشية الكبيرة أن يظلّ حبراً على ورق.

إقرأ أيضاً: “قيادات” طرابلس: لم يجمعهم جوعنا.. جمّعهم كورونا

بدايةً لا شكّ أن الجهد المبذول يستحق التقدير، فالاجتماع مطلوبٌ والتنسيق ضروريّ والتعاون واجب ملزم في وجه تحدياتٍ غير مسبوقة يتعثـّر العالم في مواجهتها وتلقي بأثقالها على طرابلس المحاصرة أصلاً بالحرمان والتهميش وسلب الحقوق، والمبادرة تسجّل للرئيس نجيب ميقاتي والوزير السابق أشرف ريفي.

لكن جبل الشخصيات التي حضرت، تمخّض فأنجب فأر لائحة طلبات موجّهة إلى الحكومة، و”لجنة متابعة وتنسيق دائمة”. ومن الطلبات “إيلاء طرابلس والشمال اهتماماً استثنائياً في خطة دعم الأسر الأكثر حاجة” و”الطلب إلى وزير الداخلية إيجاد حل سريع لإعادة تفعيل العمل في اتحاد بلديات الفيحاء، ولإعادة تفعيل عمل بلدية الميناء حتى تتمكّن من القيام بدورها في هذه الأزمة”، و”تعزيز قدرات المستشفى الحكومي وتخصيص أماكن للحجر الصحي” الكوروني، و”توسيع خطة إعادة أبناء الفيحاء الموجودين في الخارج”، و”إيجاد حلٍّ جذري لمشكلة اكتظاظ السجون عن طريق الإسراع بإقرار قانون العفو العام عن السجناء”.

وهناك ملاحظات عديدة، أبرزها انخفاض “سقف” خطاب “بيان الأقطاب”، الهادىء والتقليدي، الذي بدا “رسالة استجداء ضعيفة” إلى الحكومة. ثم إنّ ما طلبوه من وزير الداخلية محمد فهمي كانوا هم السبب فيه، من تقييد المجلس البلدي وتخريب عمله. كما أنّ المشكلة سياسية، فيما بينهم، وليس سببها التقصير الحكومي فقط، بل غياب التنسيق وطغيان الصراعات، تلك التي أدّت إلى جولات الحروب الصغيرة في زواريب المدينة، ولو جزئياً.

ولعلّ أبرز ما طرحه بعض المشاركين هو أنّ طرابلس “ليست مدينة للاستعطاء والشحاذة”، وما يجب فعله هو تطوير الإدارة، في ضوء ما يمتلكه المسؤولون وعموم أبناء المدينة من إمكانات وطاقات

وبالطبع لم يخطر للمشاركين الإعلان عن صندوق خاص لتنفيذ الطموحات المعلنة في البيان الواعد بالانتصار على الوباء والجوع. وكان لافتاً غياب النائب سمير الجسر والوزير السابق محمد الصفدي، من أركان المدينة.

ولعلّ أبرز ما طرحه بعض المشاركين هو أنّ طرابلس “ليست مدينة للاستعطاء والشحاذة”، وما يجب فعله هو تطوير الإدارة، في ضوء ما يمتلكه المسؤولون وعموم أبناء المدينة من إمكانات وطاقات، وبالتالي إحياء الدور الحيوي لطرابلس من خلال الريادة في التصدّي للأزمة.

وقد أعرب مشاركون في الاجتماع عن انزعاجهم من أن مداخلاتهم لم تؤخذ بعين الاعتبار بعد عرض البيان الختامي للنقاش، متسائلين: إذا كان البيان غير قابلٍ للتعديل أو لحمل عناوين أساسية طرحناها، فلماذا كانت إضاعة وقت المشاركين في النقاش؟

في الخلاصة، كان لقاءً إعلامياً، بلا آلية عمل، وبلجنة متابعة تقليدية، بلا أيّ مبلغ رصده “الأقطاب” المشاركين.

مواضيع ذات صلة

الجيش في الجنوب: mission impossible!

لم يعد من أدنى شكّ في أنّ العدوّ الإسرائيلي، وبوتيرة متزايدة، يسعى إلى تحقيق كامل بنك أهدافه العسكرية والمدنية، من جرائم إبادة، في الوقت الفاصل…

وزير الخارجيّة المصريّ في بيروت: لا لكسر التّوازنات

كثير من الضوضاء يلفّ الزيارة غير الحتميّة للموفد الأميركي آموس هوكستين لبيروت، وسط تضارب في المواقف والتسريبات من الجانب الإسرائيلي حول الانتقال إلى المرحلة الثانية…

تعيينات ترامب: الولاء أوّلاً

يترقّب الأميركيون والعالم معرفة ماذا تعلّم الرئيس ترامب من ولايته الأولى التي كانت مليئة بالمفاجآت وحالات الطرد والانشقاقات، وكيف سيكون أسلوب إدارته للحكم في ولايته…

الميدان يَنسِف المفاوضات؟

لا شيء في الميدان على المقلبين الإسرائيلي واللبناني يوحي بأنّ اتّفاق وقف إطلاق النار يسلك طريقه إلى التنفيذ. اليوم ومن خارج “دوام عمل” العدوّ الإسرائيلي…