الصين “تحجر بحثياً” على كورونا: الصراع السياسي يؤخّر خلاص العالم

2020-04-15

الصين “تحجر بحثياً” على كورونا: الصراع السياسي يؤخّر خلاص العالم


تتسارع الأبحاث والدراسات مع الموت الكوروني المتنقّل حول أصقاع العالم، في محاولةٍ لاكتشاف أدويةٍ توقف انتشار الإصابات، وتفكّ شيفرات الرواية الحقيقية خلف أسباب نشوء وانتشار فيروس كورونا المستجد.

إقرأ أيضاً: نوافذ أمل طبية: أسابيع لإثبات تجارب أدوية كورونا

وفي عزّ البحث، وطول انتظار الإجابات الشافية تبادر الصين “بلد منشأ كورونا” إلى ممارسة “حجر بحثي” على الدراسات، في محاولاتٍ وصفتها الصحافة العالمية بأنها “تضييق خناق” و”قيود” على البحوث الأكاديمية حول أصول الفيروس التاجي. ما أعاد التشكيك بأصل الفيروس للواجهة من جديد، وعاد معه الصراع السياسي بين الصين وأميركا أيضاً.

البنتاغون

كان لافتاً موقف البنتاغون أمس الأوّل حول أصل الفيروس التاجي، إذ نقلت وسائل إعلام أميركية عن وزارة الدفاع الأميركية، بحسب استخبارات قامت بها، ترجيح بأنّ “الفيروس لم يهرب من إحدى المختبرات الصينية بل هو طبيعي المنشأ”. وقال رئيس الأركان المشتركة بالجيش الأمريكي، مارك ميلي إنّ “أجهزة وعناصر المخابرات اهتموا بهذا الأمر، وحاولوا التأكد من الروايات التي تقول بأن الفيروس تم إنتاجه مختبرياً”.  وفي مؤتمر صحافي عقده الثلاثاء اعتبر أنّ “المزايدات والشائعات كانت كثيرة، لكن حتّى هذه اللحظة لم نتوصل إلى استنتاج، لكنّ الأدلة تشير إلى أن أصل الفيروس طبيعي، ولا يمكننا الجزم حتّى الآن”.

شبكة CNN

كان قد سبق موقف البنتاغون يوم الإثنين 13 نيسان الجاري تقريرٌ نشرته شبكة CNN  بعنوان “بكين تشدّد قبضتها على أبحاث الفيروسات التاجية وسط خلاف بين الولايات المتحدة والصين حول أصل الفيروس” https://cnn.it/2XCtA4i بقلم نكتار جان، وكيتلين هو، وإيفان واتسون.

التقرير كشف فرض الصين قيودًا على نشر البحوث الأكاديمية حول الفيروس التاجي، بموجب سياسة جديدة فرضتها السلطات الصينية، تُخضع جميع الأبحاث الأكاديمية حول “كوفيد – 19” لتدقيق إضافي قبل نشرها، وتحديداً الدراسات حول “أصل الفيروس”، التي ستحتاج، إلى جانب خضوعها للتدقيق الإضافي، إلى “موافقة مسبقة” من مسؤولين في الحكومة المركزية. 

وتؤكد CNN أن هذه الإجراءات حديثة، ولم تكن معتمدة في الصين من قبل، بشهادة خبراء طبيين في هونغ كونغ. ورأى باحث صيني رفض الكشف عن هويته “تطوراً مقلقاً من المحتمل أن يعيق البحث العلمي المهم في هذا الإطار”. وتابع مرجّحاً أنّ “السيطرة على البحوث تهدف إلى السيطرة على رواية أصل وباء كورونا، من خلال تشديد القبضة على نشر الأبحاث للإيحاء بأنّ الصين لم تكن البلد الذي تفشّى فيه الفيروس”، وتوقع “ألّا يسمح الصينيون لأي دراسة موضوعية حول أصل المرض”.

بينما ربطت السلطات الصينية أولى إصابات كورونا بسوق المأكولات البحرية في المدينة، منذ أشهر، ورجّح علماء أن الفيروس أن يكون قد نشأ في الخفافيش وانتقل إلى البشر عبر وسيط

ويشير التقرير إلى قيام كلٍّ من جامعة “فودان” وجامعة الصين لعلوم الأرض في ووهان، بحذف أبحاث عن أصل الفيروس من على موقعيهما الإلكترونيين، الأمر الذي برّرته السلطات الصينية، بـ”تعميم قرار ينصّ على ضرورة إخضاع الأبحاث المتعلقة بالوباء لمراجعة ومراقبة حكومية”.

كما أكّد ديفيد هوي شو تشونغ، وهو خبير طبّ الجهاز التنفسي في جامعة هونغ كونغ الصينية، أنّه لم يواجه أيّ تدقيق إضافي عندما نشر هو وفريق من الباحثين الصينيين تحليلًا سريريًا لحالات Covid-19 في مجلة New England الطبية في شباط الماضي. وقال في اتصال مع شبكة CNN: “كانت العملية بسيطة حقًا في ذلك الوقت، ولم يكن هناك أيّ قيود على الإطلاق. ولا أعرف ما إذا حصل ذلك لأنّ بعض الباحثين نشروا شيئًا يعتبر حسّاسًا محليًا في الصين”.

وبينما ربطت السلطات الصينية أولى إصابات كورونا بسوق المأكولات البحرية في المدينة، منذ أشهر، ورجّح علماء أن الفيروس أن يكون قد نشأ في الخفافيش وانتقل إلى البشر عبر وسيط، تمامًا مثل ابن عمه السارس عام 2002 / 2003، لكن يبدو أنّه تمّ إطلاق حملة منسّقة على وسائل التواصل الاجتماعي الصينية وحتّى حكومة البلاد للتشكيك في أصل الفيروس. وشدّد المسؤولون الصينيون ووسائل الإعلام الحكومية مرارًا وتكرارًا على عدم وجود استنتاجات مؤكدة ودقيقة حول مصدر الفيروس.

وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو ليجيان قد نشر تغريدة الشهر الماضي على تويتر تقول إنّ “الجيش الأمريكي هو من نقل الفيروس إلى الصين”. وقال يانتشونغ هوانغ، وهو أحد كبار الباحثين في الصحّة العامة ضمن “مجلس العلاقات الخارجية” في واشنطن، إنّ أصل الفيروس التاجي “أصبح موضوعًا حسّاسًا سياسيًا في الصين… وعندما يخضع البحث العلمي لاحتياجات من هم في السلطة، فإن ذلك يقوض مصداقية الرواية الحكومية، ويجعل الاتهامات والمعلومات المضلّلة أكثر إقناعاً”.

 “الغارديان” البريطانية

صحيفة الغارديان البريطانية كانت قد كشفت في وقت سابق في تقرير لها بعنوان “الصين تضيّق الخناق على أبحاث الفيروسات التاجية” https://bit.ly/3b8NPKN بأنّه من المحتمل أن تكون هذه الخطوة جزءًا من محاولة التحكّم في الروايات المحيطة بانتشار الوباء وأصله، حيث تقوم السلطات الصينية بمنع نشر النتائج التي توصّل إليها الباحثون في هذا الصدد.
ونقلت “الغارديان” عن علماء قلقهم من تدخل السلطات الصينية في الأبحاث الأكاديمية، باعتبار أنّ هذا “قد يهدّد استقلالية الأبحاث العلمية”. وقال كيفن كاريكو، باحث في الدراسات الصينية في جامعة موناش الأسترالية: “إنّهم يسعون إلى تحويلها من كارثة هائلة إلى كارثة واجهتها الحكومة بشكل صحيح وحذّرت العالم منها وهو الأمر الذي لم يحصل أبداً”.

 لوس أنجلوس تايمز

وفي تقرير بعنوان “مسؤول يرجّح أن الفيروس التاجي انتشر في كاليفورنيا في وقت مبكر من ديسمبر” نُشر الإثنين الفائت في صحيفة لوس أنجلوس تايمز، https://bit.ly/2ydkksv، شكّك مسؤول أميركي، وهو طبيب في الوقت نفسه، برواية نشوء الفيروس في الصين. ونقل التقرير عن الرئيس التنفيذي لحكومة مقاطعة سانتا كلارا بولاية كاليفورنيا، جيف سميث، اعتقاده أنّ “فيروس كورونا كان انتشر في كانون الأول الماضي، قبل شهر على الأقل من رصد الإصابة الأولى به”.

ورجّح سميث أن يكون الفيروس “قد ظهر في كاليفورنيا منذ وقت أطول مما نعتقد، لكن لم نتمكن من ملاحظته لأنّه تزامن مع موسم الانفلونزا”، وأنّ “الفيروس كان موجوداً في مجتمعنا بالفعل، ليس كما تعتقد السلطات الأميركية أنّه نشأ في الصين وانتشر من هناك”. وتابع المسؤول التأكيد على نظريته بالقول: “أعراض فيروس كورونا تتشابه مع الإنفلونزا، وإذا كنتَ مصاباً بدور خفيف فقد لا تلحظ ذلك ولن تذهب إلى الطبيب”. وأشار إلى منطقة الساحل في كاليفورنيا “كأوّل مكان محتمل لظهور كورونا، علماً أن هذه المنطقة لم تسجل إصابات بالفيروس رسمياً حتى 27 شباط الماضي”.

بعد هذه التقارير التي تسارعت خلال اليومين الماضيين، يبدو أنّ الصراع السياسي بين أميركا والصين على أصل منشأ كورونا سيكون في أوجه خلال الفترة المقبلة، على أمل ألا يرخي هذا الصراع بثقله على البحث العلمي وألا يطيل على العالم طريق الخلاص من كورونا.

 

 

مواضيع ذات صلة

أيّها اللبنانيّون.. إلى الكمّامة  دُرْ

أعلن وزير الصحة فراس أبيض ارتفاع النسبة الموجبة لفحوص كورونا إلى 2 .14% بعدما كانت تراوح في بداية شهر كانون الأول الفائت بين 5.5% و6%….

كورونا يعود بقوّة: زيادة الوفيات 78% في الشرق الأوسط

قالت منظمة الصحة العالمية أمس الأول (الثلاثاء) إنّ حالات الإصابة بفيروس كورونا تضاعفت ثلاث مرّات في جميع أنحاء أوروبا خلال الأسابيع الستة الماضية، وهو ما…

الكورونا مجدّداً في لبنان: هل “ينفجر” في تموز؟

كورونا.. جدري القردة.. التهاب الكبد الوبائيّ. يبدو أنّ البيئة المجتمعية والصحيّة في لبنان تساعد على تكاثر الفيروسات. دخل “جدري القردة” لبنان عبر حالة وافدة من…

“أنت البطل في معركة الوباء”.. كواليس كورونا الصينية

“أنت البطل في معركة الوباء” (To fight against covid-19, you are the hero) هو عنوان كتاب يعود بنا إلى بداية أحداث انتشار وباء فيروس كورونا في…