دراسات وأبحاث مخبرية، أدوية مجرّبة من قبل، وأخرى قيد التجريب أو الاختراع… العالم خلية نحل في رحلة البحث عن مخرج من عنق زجاجة الموت المتنقّل باسم كورونا أو “كوفيد – 19”.
نتابع الأخبار المتعلّقة بتلك المصطلحات الطبية الغربية، وإن كنّا لا نفهم تركيبتها ونتلعثم بلفظ أسمائها بدقة معظم الأحيان، لكن نصرّ على معرفة كلّ التفاصيل، علّ دوّامة البحث العلمي تصل بنا إلى خبر سارٍّ من هنا أو تفتح لنا نافذة أمل من هناك، لنعيد من خلالها الحياة لدورة السعادة المتوقّفة في أرواحنا منذ 21 شباط الماضي.
إقرأ أيضاً: قبل 30 ألف فحص لا معلومات عن انتشار كورونا في لبنان
يحاول موقع “أساس” في هذا التحقيق البحث في بوادر الأمل، والإضاءة على العلاجات قيد البحث في العالم، لنسأل أيضاً عن موقع لبنان من كلّ هذه الأبحاث، دوره، والعلاجات التي بدأ بتطبيقها على إصابات كورونا المحلية.
البروفيسور طلال نصولي، مدير المكتب العالمي للدراسات في واشنطن، وأستاذ محاضر في علم المناعة والحساسية في جامعة جورج تاون، يفنّد في حديث تلفزيوني العلاجات قيد البحث حول العالم، التي تستهدف ما يسمّيه بالكارثة الكبيرة المتمثّلة بفيروس يدخل إلى الـDNA الخاص بنا ويعطي الأمر للخلايا لتعمل ضدنا، وتقوم بالتشويه والتدمير، عبر المواد المضرّة المدمّرة للجسم مثل IL6 و Cytokine storm، ومن هذه الدراسات نذكر:
Ivermectin
دراسة جديدة في أستراليا على دواء يسمى بـIvermectin، وهو دواء مُستعمل منذ 30 سنة لعلاج الجرَب والوردية. وقد تم إجراؤها في المختبر وليس على الناس، وهو “اختراع عظيم” برأي نصولي، ويمنع دخول “الفيروس الملعون” إلى الخلايا والعمل ضدّنا.
وبيّنت الدراسة أنّه مع هذا الدواء لم يتمكّن الفيروس من دخول الخلايا، حتّى مع زيادة كميات الفيروس على العيّنة المُختَبرة، وهو دواء موجود ومتوفّر في السواق ولا أعراض جانبية له على حياة الانسان، وستكون المرحلة المقبلة لإجراء دراسات حول تجريبه على المصابين مباشرةً، من دون المرور بمرحلة تجريبه على الفئران، كونه مجرّباً من قبل على البشر ومستعملاً، لكن يجب التوسّع بالدراسة للتأكد من فعاليته.
وبدوره الدكتور بيار أبي حنا، رئيس قسم الأمراض الجرثومية في مستشفى رفيق الحريري الجامعي يؤكد في حديثه لموقع “أساس” أنّ المعطيات إيجابية حتى الساعة حول هذا الدواء، لكن لا بدّ من الانتظار لمعرفة فعاليته على المصابين، فليس من الضرورة أن تنعكس نتائج المختبر 100 % على البشر فهناك معايير كثيرة تختلف، لكن هناك أمل بأن يعطي النتيجة المرجوة منه.
لقاح الـ400 إبرة
ثاني اختراع عظيم في هذا المجال من جامعة فيلاديلفيا، وهو لقاح جديد يهاجم بشكل خاص الفيروس. إذ قام الخبراء باستعمال بروتينات الأشواك الموجودة في الفيروس نفسه (وهي الأشواك التي يتعلّق عبرها الفيروس بالخلية ويستعصم بها) لتطوير لقاح مؤلف من 400 إبرة صغيرة يتم وضعها على اليد، لتذوب هذه البروتينات وتدخل إلى جهاز المناعة.
ويفسر البروفيسور نصولي زيادة عدد الأبر في اللقاح قيد الدرس وعدم تكوّنه من إبرة وحيدة كغيره من اللقاحات، بهدف تسريع استجابة الجسم له، لتكون الاستجابة خلال أسبوعين أو أسبوعين ونصف بدلاً من شهرين أو ثلاثة. ويقول إننا لن نكون أمام لقاح جديد قبل فترة تتراوح بين 6 أشهر وسنة.
يتشارك دكتور أبي حنا مع نصولي برأيه في هذا الإطار، ويؤكد أن أفضل سيناريو لاكتشاف لقاح هو في تشرين المقبل أي قبل موسم الشتاء الجديد. أما الحصول على إجابات حول فعالية الأدوية المستعملة بالأساس من قبل، فقد يحتاج إلى أسابيع وليس أكثر.
هيدروكسي كلوروكين
ثالث اكتشاف عالمي بمواجهة كورونا، هو دواء الهيدروكسي كلوروكين المستخدم لعلاج الملاريا، والذي كان البروفسور الفرنسي ديدييه راوول أول من بدأ بدراسة حول فعاليته على فيروس كورونا، في مرسيليا جنوب فرنسا، وأظهر نتائج إيجابية. إذ إن الفيروس بعد 6 أيام نزل من الأنف والحنجرة. وقدّم الرئيس الأميركي دونالد ترامب الدعم الكامل لإجراء الدراسات على فعالية هذا الدواء، لإجرائها على 1100 شخص في نيويورك. وكشف البروفسور نصولي أن النتائج الأوّلية للدراسة أظهرت شفاء 25 شخصاً من أصل 31 مصاباً، وشدّد على ضرورة تحديد الوقت اللازم لاستعمال هذا الدواء على المرضى من قبل المتخصّصين، فيجب ألا يكون في وقت متأخر من الإصابة ولا في وقت مبكر جداً. ويفسّر نصولي موت بعض الحالات بعد علاجها بهذا الدواء بقوله: “الحالات التي توفيت بعد تجريب دواء الملاريا عليها كانت في مراحل متقدّمة جداً من الإصابة، وربما كان أمامها ساعات قبل انتهاء حياتها”.
أدوية عديدة تتسابق مع عدّاد الموت، ودراسات مستمرة 24/ 24 ساعة، لتسريع عملية البحث، ودفع مقابل تكثيفها الرئيس الأميركي 20 بليون دولار، كما يكشف مدير المكتب العالمي للدراسات في واشنطن البروفيسور طلال نصولي، وهو الطبيب المعتمد لدى رؤساء أميركا
وفي لبنان بدأت معظم المراكز الطبية التي تستقبل مرضى كورونا، باستعمال أدوية الملاريا منذ شهر تقريباً لأن “لا خيارات ثانية حتى الآن”. ووزارة الصحة تؤمّن دواء الملاريا للمستشفيات وهناك معطيات إيجابية لكن ليست 100 %، وفقاً للدكتور أبي حنا. ويلفت إلى أن مستشفى الحريري تقدّم بطلب إلى منظمة الصحة العالمية كي يدخل لبنان في دراسة المنظمة التي تجرّب ضمن دول عديدة مجموعة من الأدوية ومن جملتها الملاريا، من خلال فريق يهتمّ بالمراقبة والكونترول، وستلحق باقي المستشفيات الجامعية في لبنان بمستشفى الحريري للتقدّم بهذا الطلب.
Remdesivir
ومن الأدوية التي هي تحت الاختبار عالمياً أيضاً، دواء Remdesivir الذي يمنع فيروس كورونا من التكاثر داخل الجسم. وهو كان يُستعمل من قبل لعلاج داء الإيبولا، ولم يكن ذا فعالية، وبيّنت الدراسات نتائج أوّلية إيجابية حوله، وتبيّن أنه يعمل على مواجهة فيروسات عديدة، ويُعطى عبر المصل. وهو غير متوفر في لبنان حالياً، وتعمل وزارة الصحة للاستحصال عليه واستعماله في معالجة مرضى كورونا
وكذلك بالنسبة لدواء favilavir الذي يعمل على تجميد الفيروس، واستعمل في الصين، وتجري دراسات في الولايات المتحدة الأميركية على فعاليته وتأثيراته، ودواء Anti IL6 المسمى بـ tocilizumab في أميركا أو Actemra في إيطاليا، وهو يمنع الفيروس من إنتاج المادة القاتلة للإنسان: IL 6.
ومن الأدوية المستعملة أيضاً في لبنان والمتوفّرة، بحسب الدكتور بيار أبي حنا، أدوية مرضى الـHIV مثل دواء lopinavir، واستخدامه أيضاً يدخل ضمن البروتوكول المعتمد لدراسة منظمة الصحة العالمية، إلى جانب أدوية الملاريا.
أدوية عديدة تتسابق مع عدّاد الموت، ودراسات مستمرة 24/ 24 ساعة، لتسريع عملية البحث، ودفع مقابل تكثيفها الرئيس الأميركي 20 بليون دولار، كما يكشف مدير المكتب العالمي للدراسات في واشنطن البروفيسور طلال نصولي، وهو الطبيب المعتمد لدى رؤساء أميركا.
ضخامة وتكثيف الدراسات تؤكد أنّنا في الأشهر المقبلة سنكون أمام لقاح ضدّ كورونا، وسنحصل على أجوبة خلال أسابيع حول فعالية الأدوية السابقة الذكر، ما يفتح نافذة أمل على غد قريب خالٍ من الكورونا.