للجنة تحقيق دولية (2): 0.8 % من المودعين لهم 45.8 % من الثروة

مدة القراءة 4 د


لجنة تحقيق دولية في من “اغتال” جنى أعمارنا، وأموال اللبنانيين وأموال أولادهم ومستقبلهم وماضيهم، هي الحلّ الممكن للخروج من الاتهامات المتبادلة بين أعضاء النوادي السياسية والمالية والمصرفية، وما بينهم من عوالم.

هو الحلّ المنطقي للحلقات المفرغة التي ندور فيها، ويدور معنا فيها كبار المحلّلين الاقتصاديين، محاولين شرح أسباب وصولنا إلى هذا القعر من الإفلاس المالي والركود الاقتصادي.

إقرأ أيضاً: للجنة تحقيق دولية (1): 99.2% من حساباتنا أقلّ من مليون دولار

لجنة تحقيق دولية، تليها محكمة دولية خاصّة بلبنان، تحقّق في كيفية “تبخّر” أموالنا، بعيداً عن النظريات والنظريات المضادّة، وتقاذف المسؤوليات بين مصرفيين وسياسيين ومن يدور في أفلاكهم الكثيرة.

لا بدّ من لجنة تحقيق لمعرفة ماذا جرى، من سرقنا؟ من أهدر جنى أعمارنا؟ من حوّل اللبنانيين من شعب ينام على ما يقارب 200 مليار دولار، إلى شعب يقف بالطوابير ليسحب الواحد 50 أو 100 دولار كي لا ينام طفله جائعاً؟

في الحلقة الأولى أمس فصّلنا كيف أنّ 99.2 % من الحسابات المصرفية في لبنان يتراوح حجم الودائع فيها بين 3 آلاف دولار وبين مليون دولار. وهي تضمّ 54.2 % من الودائع. واليوم سنفصّل كيف تتوزّع 45.8 % من الودائع بين 0.8 % من الحسابات، من مليون دولار، وحتى ما فوق 100 مليون دولار.

 

في المصارف اللبنانية 12.739 حساباً، نسبتها 0.5 % تملك 11.1 % من الودائع، كلّ منها وديعته تتراوح بين مليون وبين مليوني دولار. وهؤلاء قد يكونون من العاملين المجتهدين الذين جمعوا أموالاً بعرق جبينهم، مثل متعهّد بناء أو صاحب سلسلة مطاعم أو ناجح في عمله، أيّاً كان، ربما ميكانيكي سيارات أو صاحب نادٍ رياضيّ أو تاجر أدوات كهربائية، أو مزارع ناجح…

وأقلّ من 4 آلاف حساب يتراوح حجم ودائعها بين مليونين وبين 3 ملايين دولار. والرقم الدقيق هو 3.805، نسبتها 0.1 % من مجمل الحسابات، ويملك أصحابها 5.9 % من الودائع. وهنا يبدأ “الفأر” في اللعب. هؤلاء قد يكونون من كبار التجّار، ومن الذين ورثوا أموالاً وشغّلوها. لكنّهم بالتأكيد ممن ربحوا فوائد عالية جدّاً خلال السنوات الثلاثين الأخيرة. ومن هنا يبدأ “المنطق” في الحديث عن “هيركات” على الفوائد، بمفعول رجعي مثلاً.

وهناك الودائع بين 3 و5 ملايين دولار، وعدد حساباتها 2.452، نسبتها 0.1 % من مجمل الحسابات في المصارف اللبنانيية، ويملكون 6 % من الودائع في لبنان.وهؤلاء من “المقتدرين” رسمياً. وقد لا يمانعون في اقتطاع الفوائد العالية التي حصلوا عليها خلال السنوات الماضية.

أما من يملكون بين 5 و10 ملايين دولار فعددهم 1.633، ونسبتهم 0.1 % من أصحاب الحسابات في لبنان. يملكون 7.1 % من حجم الودائع. وهؤلاء أيضاً، لن يعترضوا على اقتطاع جزء، أو كلّ الفوائد التي حصّلوها.

ونصل إلى من يملكون بين 10 و20 مليون دولار. هؤلاء 648 فقط، نسبتهم 0.02 % ويملكون 5.6 % من الودائع.

ولدينا 250 حساباً فقط يملك كلّ واحد بينهم بين 20 و50 مليون دولار، ونسبتهم 0.01 %، ويشكّلون 4.9 % من حجم الودائع.

بالتزامن مع “اختفاء” 13 حساباً، فالموجودات في شريحة ما فوق الـ100 مليون تراجعت من 9.2 مليار دولار في بداية 2019 إلى 5.8 مليار في نهايتها، إلى 4.6 مليار في منتصف شباط 2020

يتراجع العدد كلما اتجهنا صعوداً، حيث أنّ 42 حساباً فقط في كلّ منها بين 50 و100 مليون دولار، نسبتها أقلّ من أن تحتسب، ويملكون 1.9 % من الودائع.

أما الذين يملكون أكثر من 100 مليون دولار، فعددهم 23 فقط، ونسبتهم كذلك بلا وزن يُذكر، ويملكون 3.3 % من الودائع. وعلى الأرجح أنّ من يملك أكثر من 100 مليون دولار “كاش” سيكون لديه حسابات أخرى، داخل لبنان وخارجه، غير الأموال غير المنقولة والعقارات.

اللافت أيضاً أنّ عدد هذه الحسابات كان 36 في نهاية 2019. كذلك بالتزامن مع “اختفاء” 13 حساباً، فالموجودات في شريحة ما فوق الـ100 مليون تراجعت من 9.2 مليار دولار في  بداية 2019 إلى 5.8 مليار في نهايتها، إلى 4.6 مليار في منتصف شباط 2020.

فما الذي جرى لينخفض العدد إلى 23؟ وهل تعرّض 13 حساباً إلى خسارات كبيرة ونزلت موجوداتها من فئة “ما فوق 100 مليون” إلى فئات أقلّ؟ أم أنّ أصحابها حوّلوا أموالهم إلى خارج لبنان في فترة الأزمة ومنع صغار المودعين من الحصول على بضع مئات من الدولارات؟

مواضيع ذات صلة

آثار النّزوح بالأرقام: كارثة بشريّة واقتصاديّة

لم تتسبّب الهجمات الإسرائيلية المستمرّة على لبنان في إلحاق أضرار مادّية واقتصادية مدمّرة فحسب، بل تسبّبت أيضاً في واحدة من أشدّ أزمات النزوح في تاريخ…

استراتيجية متماسكة لضمان الاستقرار النّقديّ (2/2)

مع انتقالنا إلى بناء إطار موحّد لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، سنستعرض الإصلاحات الهيكلية التي تتطلّبها البيئة التنظيمية المجزّأة في لبنان. إنّ توحيد الجهود وتحسين…

الإصلاحات الماليّة الضروريّة للخروج من الخراب (1/2)

مع إقتراب لبنان من وقف إطلاق النار، تبرز الحاجة الملحّة إلى إنشاء إطار متين وفعّال للامتثال لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. تواجه البلاد لحظة محورية،…

لبنان “البريكس” ليس حلاً.. (2/2)

على الرغم من الفوائد المحتملة للشراكة مع بريكس، تواجه هذه المسارات عدداً من التحدّيات التي تستوجب دراسة معمّقة. من التحديات المالية إلى القيود السياسية، يجد…