الدولار ثابت عند 5000 والفيسبوك يرفعه افتراضياً إلى 7000

مدة القراءة 4 د


وقع عدد كبير من اللبنانيين اليوم، ضحية “تطبيقات الدولار” ومجموعات “واتساب” المنتشرة مثل الفطر على منصات الهواتف الذكية. فأخذوا يتناقلون بشكل هستيري بواسطة رسائل نصية، منذ ساعات الصباح الأولى، أسعاراً متصاعدة لصرف الدولار وقد بلغ في مخيّلات بعضهم حدود 7000 ليرة لبنانية للدولار الواحد، فيما كان سعر الصرف الفعلي لدى صرّافي “السوق الموازية” ضمن مدينة بيروت، محصوراً بين 4900 ليرة للشراء و5200 ليرة لبنانية للمبيع.

لا شكّ أنّ الطلب على الدولار كبير، ويتردّد الصرّافون كثيراً في بيعه خوفاً من تسجيله المزيد من الارتفاعات في الأيام القليلة المقبلة. لكن الأكيد أيضاً، أنّ تهافت المواطنين على المضاربة لتحقيق الكسب السريع، هو الجزء الأكبر من هذه المشكلة.

إقرأ أيضاً: انقلاب “صرّافي الضاحية” + انهيار الليرة السورية: الدولار إلى 5000

واحد من الصرّافين في العاصمة بيروت يروي لـ”أساس” عن جشع زبائنه المستجدّ، فيخبرنا عن تحوّلٍ “سرياليّ” طرأ على السيناريو الاعتيادي بينه وبين الزبائن. يقول هذا الصرّاف إنّ “حَمَلة الدولارات من المواطنين باتوا هم المتحكّمين بسعر الصرف. هم يفرضون علينا السعر المرتفع”. تدخل امرأة لدى محل الصرّافة فتسأله عن سعر الدولار، فيتلفّت اليمنة واليسرى ليتأكد أنّ لا أحد يسمعه، ثم يقول لها: بـ4900 ليرة. تنظر إليه باستهزاء وتردّ: “بعدو واطي… رح انتظر لبكرا يمكن يوصل لـ5500”.

أسعار افتراضية على طريقة الـ”بيتكوين”، بات المواطنون يطمحون إلى بلوغها من أجل جني بضعة آلاف إضافية ولو بـ10 دولارات يملكونها، في خطوة لا تعكس إلاّ قِصر نظرهم، لأنهم يدفعون الثمن في ارتفاع أسعار احتياجاتهم وموادهم الغذائية التي يلاحق بائعوها سعر الصرف ساعة بساعة، حتى إن الكثير من تجار الجملة والمحال التجارية في بيروت وصيدا والبقاع والشمال، قد امتنعوا أمس عن البيع وأقفلوا أبوابهم حرصاً على سلامة رساميلهم وأسعار بضائعهم.

يربط البعض ارتفاع سعر صرف الدولار في لبنان وانخفاضه في سوريا، بتسريبات وربما شائعات تناقلتها مجموعات “واتساب” بالتواتر عن نية لدى “حزب الله” بسحب الدولارات من السوق اللبناني

يخرج أحدهم بتعليق على “فايسبوك” فيسأل عن المواطنين أو “الأردوغانيين الجدد” من اللبنانيين (نسبة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان) الذين تهافتوا على شراء الليرات التركية حينما أصابها الأمر نفسه قبل سنوات، ولما لا يتهافتون اليوم لتبديل دولاراتهم بالعملة اللبنانية من أجل الحدّ من جنون سعر الصرف؟ إلاّ أنّه حتماً لم يلقَ جواباً.

يسأل آخر عن سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار اليوم، فيأتيه الخبر سريعاً من “مُفسبك” آخر في العاصمة دمشق، بأنّ سعر الدولار انخفض اليوم إلى حدود 2400 ليرة للدولار الواحد بعد أن سجّل قبل أيام رقماً قياسياً لامس الـ4000 ليرة سورية.

 

 

 

يربط البعض ارتفاع سعر صرف الدولار في لبنان وانخفاضه في سوريا، بتسريبات وربما شائعات تناقلتها مجموعات “واتساب” بالتواتر عن نية لدى “حزب الله” بسحب الدولارات من السوق اللبناني ومدّ النظام السوري بها حرصاً على سلامته الاقتصادية، داعمين آراءهم هذه بصوَر لدولارات ومكدّسة ومختومة بالنايلون، ممهورة وموقعة بتاريخ الأربعاء، وتعلوها صورة لرئيس النظام بشار الأسد وخلفه العلم السوري. لكن لا أحد قادر على تأكيد أو نفي الخبر الذي يقارب الجنون إن صحّ، وإذا كان الحزب قادراً على تحويل هذه الأموال إلى النظام اليوم… ماذا سيفعل غداً؟

كلّ هذا وسط صمت مطبق يلف أوساط حكومة حسان دياب المربكة سياسياً والناشطة إدارياً والمنكبة على التسابق مع روزنامة الأيام، طامحةً إلى تخطّي الزمن لتمرير محاصصاتها في صفقة تعيين الموظفين قبل فوات العمر، فيما مصرف لبنان غارق في هندسة تعاميم ما عادت تساوي الحبر الذي تُكتب فيه… ويستمر السيرك اللبناني. 

مواضيع ذات صلة

لبنان “البريكس” ليس حلاً.. (2/2)

على الرغم من الفوائد المحتملة للشراكة مع بريكس، تواجه هذه المسارات عدداً من التحدّيات التي تستوجب دراسة معمّقة. من التحديات المالية إلى القيود السياسية، يجد…

لبنان بين “وصاية” صندوق النّقد وتسهيلات “البريكس” (1/2)

أثارت الأزمة الاقتصادية المعقّدة في لبنان مناقشات حول البدائل المحتملة لصندوق النقد الدولي، حيث اقترح البعض أن تتحوّل البلاد إلى “البريكس” كمصدر لدعم التعافي. وبالنظر…

لبنان على القائمة الرمادية: إبحار المصارف في حالة عدم اليقين(2/2)

بعدما عرضت الحلقة الأولى من التقرير، تداعيات إدراج لبنان على القائمة الرمادية، تتناول الحلقة الثانية الإجراءات التفصيلية التي ستترتب على هذه الخطوة، سواء في ما…

إسرائيل تعرّي النّفط الإيرانيّ ولا تشعله

يحتاج الاستنتاج السريع بأنّ إسرائيل حيّدت منشآت النفط الإيرانية من ضربتها، إلى الكثير من التدقيق. واقع الأمر أنّها أعطت الأميركيين ما يريدونه فيما وجّهت إلى…