على السيّد حسن نصر الله ودون إبطاء، لا بل على عَجَل، استدعاء مساعديه والمسؤول المكلّف من قبله متابعة الاعتصام والتظاهر يوم السبت الفائت في ساحة الشهداء بوسط بيروت.
على السيّد حسن نصر الله مبادرة من استدعاهم للاجتماع بالسؤال، ووجهه عابس وشرّ الغضب يتطاير من عينيه الشرر: “ماذا فعلتم؟ ماذا اقترفت أيديكم؟ من هو ذاك العبقري الذي أمر الشباب بالتظاهر والصراخ “شيعة شيعة”، وشتم السيدة عائشة أم المؤمنين وصليب المسيحيين ورشق الناس بالحجارة؟”، ثم يلتفت إلى المسؤول الأعلى فيهم مخاطباً إيّاه: “طلبتُ منك النزول إلى الخندق وليس إنزالنا كلّنا إلى خندق هيهات أن نخرج منه..”.
إقرأ أيضاً: جنّة اليساريين منازلهم
لقد نجح حزب الله، “دون أن يقصد”، بعيداً عمن يتحمّل المسؤولية من قيادات للحزب الميدانية وغير الميدانية، نجح في إنقاذ الثورة من استحقاق الحشد الجماهيري الذي كان دونه صعوبات ومعوقات تبدأ من حملة الترهيب حول حتمية حصول تصادم بين شارعين وصولاً إلى انسحاب المجموعات اليسارية من اعتصام ساحة الشهداء، وانتهاءً بالحواجز الأمنية الكثيفة التي أعاقت وصول الكثيرين الى ساحة الشهداء. الغارة التي نفّذها شباب “سرايا المقاومة” للتبرّؤ إعلامياً مما يرتكب على الأرض، ألغت تحدّي الحشد الجماهيري بالنسبة للثورة واضعة خطّ تماس بين شارع مستحضر للدفاع عن سلاح حزب الله مقابل شارع أُلبس مطلب رفضه لهذا السلاح غير الشرعي.
كلّ حدث كبير أو صغير خلاصته إعلامياً ومن ثَمّ سياسياً، صورة تؤرّخ هذا الحدث. ما حصل بوسط بيروت في 6/6 تأكيد الصورة التي تقول إنّ هناك شارعاً لبنانياً، وليس إجماعاً لبنانياً، حول هذا السلاح، مع ما سيُبنى سياسياً داخلياً وخارجياً على هذه الصورة من خطوات وقرارات على كافة الصعد.
قد يقول قائل: ماذا لو كان الحزب عبر قيادته العليا اتخذ قرار إنزال أنصاره في خندق الغميق وفي الشياح؟ فكيف تتمّ قراءة هذه الخطوة؟
لقد كان الأجدى بحزب الله التعامل بهدوء مع حراك 6/6. هو الذي يعلم أن شعار نزع سلاح الحزب تقف خلفه مجموعات ما كانت يوماً مقرّرة بالثورة. التعامل الهادئ كان سينهي هذا الحراك بصورة باهتة غير مؤثّرة، وهذا ما تمّ تفويته في الخندق الغميق، الذي تحوّل من تسمية لمنطقة عزيزة في بيروت إلى واقع يبدو أنّ الحزب يعيشه.
لقد انتهت مواجهات 6/6 إلى مواجهة بين الشارع الشيعي من جهة والشارع المسيحي من جهة أخرى، وهو ما ترجم ودائماً عبر صورة هي الخلاصة بالإشكال بين عين الرمانة والشياح، وكأنّه استكمال لتوتر وارتياب العلاقة بين حزب الله والتيار الوطني الحر الذي لطالما شكّل الغطاء المسيحي منذ العام 2005، وإلى مواجهة بين الشارع الشيعي والشارع السُنّي في كورنيش المزرعة والناعمة وبرجا وصيدا.
قد يقول قائل: ماذا لو كان الحزب عبر قيادته العليا اتخذ قرار إنزال أنصاره في خندق الغميق وفي الشياح؟ فكيف تتمّ قراءة هذه الخطوة؟
ليته فعل . كنّا ارتحنا من بيانات أصدرها “قادرون” مليئة بالنفاق . أو عاجزون يتلحّفون بالسلم الأهلي ، لكنّهم عاجزون عن حماية كرامات أهلهم.