ماذا سيحصل غداً السبت في ساحة الشهداء؟ هل ستتمكّن الثورة من الحشد جماهيرياً؟ وهل سيكون هذا الحشد سلمياً أم أننا على موعد مع العنف والصدامات بين المتظاهرين والسلطة؟ أسئلة حملها موقع “أساس” وتوجّه بها إلى الناشطين في ساحات الثورة المختلفة.
قادة المجموعات يشدّدون على “سلمية” التحرّكات، ويحذّرون من “استدراجنا إلى العنف”. في حين يتحدّث بعض الناشطين عن “توجّه للتصعيد” في مجموعة من المقابلات مع أطراف متعدّدة من الثوّار، نبدأها بمؤسس مجموعة “بيروت الثورة” ياسين قدادو لـ”أساس” “معلومات عن أشخاص موجودين على الأرض، هدفهم أخذ الثورة نحو العنف. ولكن الذي يحدّد هذا المسار، هو سلوك القوى الأمنية ومستوى إجراءاتها”.
رئيس حزب سبعة “جاد داغر” يحمل همّين: “السلمية والانتخابات النيابية المبكرة”. ويتحدّث عن أنّ الناس “محقونة من الجوع وانهيار الليرة والمشاكل، ولا ندري كيف سيكون ردّ فعلها تعبيراً عن استيائها”. وبحسب خبرته: “العنف لا يبدأ عادةً إلا في نهاية التظاهرة”.
إقرأ أيضاً: “زمن السلمية انتهى”… الثورة بعد كورونا: انتخابات نيابية مبكرة.. وسلاح حزب الله
الناشط ميراز الجندي في مجموعة “ثوار عكار” ومطلق فكرة “بوسطة الثورة”، كشف أن النزول يوم السبت “سيكون بالقمصان البيضاء للدلالة على سلمية التحرّك وكرسالة سلام”، لكنّه يتوقّع “محاولة البعض لاستدراجنا للعنف”، ويربط الأمر “بحجم المشاركة. فإذا كانت الأعداد قليلة، فإنّ الشغب والعنف سيكونان عبارة عن ردّة فعل لا أكثر ولا أقلّ. أما إذا كان هناك حضور كبير من المحتجّين السلميين فلن يحصل سوى بعض المشاغبات الصغيرة”. وتوقّع الجندي “نيّة لمشاركة كثيفة من كافة أنحاء الشمال، لكنّ التكاليف المادية قد تُشكّل عائقاً”.
مسؤول ومؤسس مجموعة “حراس المدينة” في طرابلس أبو محمود شوك اعتبر أنّ “لا أحد يعلم ما الذي يُمكن أن يحصل، وإلى أين ستتجه الأمور”. لكنّه أكّد أن “لا أحد من الثوار لديه توجّه نحو العنف والشغب. نحن لا نريد بلداً مدمّراً ومهدّماً ومحروقاً. نحن نطالب ببلد يُعطى فيه المواطن حقوقه. وبحال حصول أعمال شغب، فهذا متوقّف على ردّات فعل الطرف الآخر، فإذا كان عنف من طرف السلطة، فمن الطبيعي أن تكون ردة الفعل عنيفة أيضاً مع أيّ شخص يتمّ التعامل معه بالعنف”.
وتمنى “أبو محمود” على الجيش الجيش اللبناني “الذي يملك السلطة والقوّة والسلاح أن يتعامل بعقلانية وحكمة”، متوقّعاً “مشاركة كثيفة جداً من الشمال”، وأنّ “الناس مصمّمة على الزحف إلى ساحة الشهداء بأيّ شكل من الأشكال”. مضيفاً أنّه “بعد الذي حدث في فرنسا مع “السترات الصفر” وفي أميركا، يقول الناس إنّه: “إذا بأميركا والدول المتحضرة هيك صار، فشو ما عملنا نحن قليل”، متوقّعاً أيضاً أنّ هذا “سيسحب الخوف خارج قلوبهم”.
بدوره الدكتور علي عز الدين الناشط ضمن صفوف ثوار صور نفى أيّ توجّه للعنف: “هذه تظاهرة تقليدية لتشجيع أكبر قدر من الناس على المشاركة والمطالبة بحقوقهم. وكثوار صور هناك مشاركة كثيفة في ساحة الشهداء حيث التظاهرة المركزية”، وعن الشعارات قال: “إسقاط حكومة حسان دياب وتسمية رئيس حكومة يستطيع استعادة علاقات لبنان الدولية. ونتبنّى كلّ شعارات الثورة باستثناء الانتخابات النيابية المبكرة، ومن الممكن الموافقة عليها بعد إسقاط الحكومة”.
أما الناشط محمود شعيب من ثوار النبطية قال تعليقاً على اليوم المفصلي في 6 حزيران: “السلطة لم تترك للصلح مكاناً، فالأمور مفتوحة على كلّ الاحتمالات. ومستعدون أن ندفع كلّ الفواتير والأثمان مهما كانت النتيجة ولا عودة للوراء. ونحن لا نتمنى العنف ولكن السلطة اذا وضعت الجيش والقوى الأمنية بوجه الثوار، فلن نسكت بعد اليوم”.
وتابع: “كثوار مستقلين لدينا هدف وشعار واحد، هو إسقاط سلطة المحاصصة الطائفية وأحزابها الفاسدة. ورفعنا شعار “كلن يعني كلن” بدءاً من الثنائي الشيعي وانتقالاً إلى كلّ الاطراف. فقد طفح الكيل ونحن مستمرون لتحقيق هدفنا حتى لو دام الأمر سنوات طويلة مع الأخذ بعين الاعتبار الوضع الحسّاس لمنطقة النبطية”. وختم متوقّعاً “مشاركة كثيفة”، ومعلناً: “لن نحقّق نتيجة وننتصر من دون التدخل الدولي أو الأمم المتحدة لأننا نتعاطى مع نظام فاسد منذ أكثر من 40 سنة”.
الثورة إذاً تقف السبت أمام تحدٍ مزودج: الأوّل هو إثبات قدرتها على الحشد بكثافة لتكون رسالة واضحة إلى الداخل والخارج، والثاني هو تداعيات الانجرار إلى العنف والمواجهات
باسكال نهرا مؤسسة مجموعة “الثورة أنثى”، وهي من ثوار جل الديب لا تتوقّع حصول عنف. وأوضحت أنّ “هذه التظاهرة ستكون حاشدة ورسالة لإعادة إحياء الثورة. وقد يتمّ إعادة نصب الخيم في ساحة الشهداء”، وأضافت: “السبت هو يوم مصيري وطريق الوصول إلى أهداف الثورة”.
الدكتور محمد قصب ناشط في مجموعة “تحالف قوى الثورة” قال إنّ “دعوة السبت هي تجديد لاستمرارية عهد ثورة 17 تشرين للمطالبة بلقمة العيش ومحاربة الفساد ووقف الانهيار الاقتصادي، وإعادة الأموال المنهوبة، والمحافظة على استقلالية القضاء”. وبرأيه أنّ “الأمور متجهة إلى مرحلة حيث سيضطرّ جميع الناس للنزول إلى الشوارع تعبيراً عن وجعهم، والحكومة تستبق هذا الأمر بإعلان تمديد التعبئة العامة”.
الثورة إذاً تقف السبت أمام تحدٍّ مزودج: الأوّل هو إثبات قدرتها على الحشد بكثافة لتكون رسالة واضحة إلى الداخل والخارج، والثاني هو تداعيات الانجرار إلى العنف والمواجهات.
لكنّ الأكيد أنّ الثورة بدأت تستعيد روحها.