اختلفت القراءات حول ما حدث لتظاهرة 6/6 في وسط بيروت . . فمنهم من يقول إنها انتكاسة للثورة، فيما يؤكد آخرون أنّ الثورة “لن تنتهي”. وما بين الرؤيتين، ثمة من يقول إن واقع الثورة برمّته بات بحاجة لمراجعة شاملة.
وضّاح الصادق، أحد مؤسّسي مجموعة “أنا خطّ أحمر” اعتبر في حديث لـ”أساس” أن “الثورة تعرّضت لخضّة. فالسلطة نجحت بتقسيمنا طائفياً ومناطقياً وحزبياً. وهي أوصلتنا إلى مرحلة نفضّل فيها طائفتنا على عائلتنا، وزعيمنا على أولادنا”. وبالنسبة لما آل إليه التحرّك الشعبي يوم السبت، قال إن السلطة “خاضت أقسى وأشرس المعارك الإعلامية لإفشال هذا اليوم”.
إقرأ أيضاً: الثورة تستعيد روحها في 6/6 أمام تحدّيين: الحشد والعنف
من جهة مقابلة، ألقى الصادق اللوم على مجموعات الثورة “التي من المفترض أن تكون لديها سياسة توجيهية تنسيقية، بداية منّا وصولاً إلى كلّ مجموعات الثورة”. لكن واقع الأمر أن “المجموعات الثورية في كلّ الجلسات والاجتماعات تختلف على مسائل صغيرة. وهكذا يُسهمون بدور أساسي في إيصال الثورة إلى هذه النتائج” السلبية.
ويقول الصادق إنّ “الخروج من هذا المأزق هو بتوحيد مطالب الثوار، والتنسيق بين المجموعات، والتخلّي عن التفاصيل الصغيرة، والتوقّف عند العناوين الكبيرة”. ويضيف: “علينا أن ندرك أن العنف لا يصل إلى أيّ نتيجة. بل يجب أن يترافق العمل الثوري مع العمل السياسي، وهذا أمر ضروري جداً. فالأزمة في لبنان سياسية، والحلّ يكون بانتخاب مجلس نيابي جديد لأن المجلس الحالي لا يمثّل الشعب ولا طموحاته. وهو المسؤول الأول والرئيسي عن الانهيار”.
من جهته، ينفي أحد مؤسّسي حزب سبعة جاد داغر أن تكون الثورة قد تعرّضت لانتكاسة. ويقول “إنّنا ما زلنا في حالة الطوارئ بسبب انتشار فيروس الكورونا، والسلطة تدرك جيداً أنّ هناك شريحة من المجتمع غير راضية عن الوضع الحالي”. وعن التوتر الذي ساد ساحة التظاهر تحدث عن “عدد كبير من البلطجية، كنا نعرف بخططهم ورأيناهم”، مشيراً إلى أن “هذه التصرّفات هدفت إلى إفشال التحرّك بتعميم الفوضى”. ودعا إلى “إدراك أنّنا نواجه نظاماً ومنظومة أفلست بلداً، لم تتردّد سابقاً، ولن تتردّد الآن باستخدام كافة الوسائل لمقاومة أيّ تغيير. فالسلطة كانت تشعر بالخوف من هذا التحرّك لأنه يُعطي جرعة أمل للشعب لو كان الحشد كبيراً”.
وعن مآل الثورة بعد 6 حزيران، قال داغر: “سوف نعيد تنظيم أمورنا. ولا أحد يراهن على انتهاء الثورة. نحن كحزب سبعة قبل اندلاع الثورة كنا نحارب السلطة ونحذّر. وجاءت الثورة التي هي استكمال لمسارنا السياسي. أما مطالبتنا بانتخابات نيابية مبكرة فجاءت لتفادي الانفجار الاجتماعي. وهذا ما لم تفهمه السلطة”.
إن كانت مجرّد نكسة أو عثرة، يوم السبت، إلا أنّها تؤشر على خلل بنيوي في العمل التنظيمي الثوري، وكذلك في الخطاب والرؤية والأهداف المرحلية
مسؤول ومؤسس مجموعة “حراس المدينة” في طرابلس “أبو محمود شوك” ينفي بدوره تعرّض الثورة لانتكاسة، ويقول إنّ “الحشد كان أكثر من ممتاز، وجاءت المجموعات من كافة المناطق، كما أنّ الثوار التزموا بالسلمية”. لكنّه يرى أنّ “التظاهرات لا تخلو من بعض العنف، فهناك فئة تعتبر أنّ الثورة مواجهة وليست سلمية فقط. وهذه المجموعة عبّرت بطريقتها الخاصة مما أثّر في مجمل التحرّك الشعبي لأنه أدّى إلى فضّه”.
إلا أن شوك يعود ويوافق على رؤية الصادق لجهة الحاجة إلى توحيد جهود الثوار: “يجب أن تتوحّد الجهود، ويتوحّد الثوار من كلّ المناطق. فنحن بحاجة إلى ثورة وعي وفكر واستراتيجات ومخاطبة بطريقة جديّة للوصول إلى نتيجة”. ويوضح أن “لا اختلاف بين الثوار. الاختلاف كان على مشاركة أحزاب مثل الكتائب، والقوات، وهي أحدثت بلبلة عند البعض. فنحن خاطبناهم في وقت سابق، ووضعنا لهم شروطاً لانضمامهم إلى الثورة، هي “شروط التوبة”. وهذه الشروط هي من ضمن بيان الثوار. لكنّهم لم يلتزموا بها”.
أما فؤاد بسيوني، وهو ناشط في مجموعة “صيدا تنتفض”، فكشف أنّ “ثوار صيدا لم يشاركوا في تظاهرة 6/6. وما حصل كان متوقّعاً. فالثورة لم تتعرّض لانتكاسة. وعلى قول المثل الشعبي: الشمس طالعة والناس قاشعة”. ويتابع: “ندرك جيداً من يقف خلف دمار البلد. وأعمال الشغب هي لنشر الخوف والرعب في قلوب الشعب الثائر”. ويختم بالقول: “مهما حاولت السلطة. الثورة مستمرة”.
إن كانت مجرّد نكسة أو عثرة، يوم السبت، إلا أنّها تؤشر على خلل بنيوي في العمل التنظيمي الثوري، وكذلك في الخطاب والرؤية والأهداف المرحلية. فتكرار الأخطاء في كلّ تظاهرة، يؤدي إلى استعادة السيناريو نفسه. والنتيجة خليط من سلميين وغير سلميين. مجموعات صغيرة تبدأ بإلقاء الحجارة على قوى الأمن. تتدحرج الأحداث، وينفضّ الجمع قبل أن يكتمل النهار، وقبل أن تصل الرسالة.