حزب الله يناقش قانون “قيصر”: آخر أوراق أميركا ضدّنا

مدة القراءة 5 د


قبل أيام قليلة من دخول “قانون قيصر” حيّز التنفيذ كرّر أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله دعوته الحكومة اللبنانية لترتيب العلاقة مع دمشق وتفعيل تصدير المنتجات الزراعية والصناعية عبر سوريا “كأحد أهمّ عوامل الخروج من الأزمة الاقتصادية”، مسلّماً في ملف التهريب بأن “مكافحته لا يمكن أن تتمّ من طرف واحد من دون تعاون وتنسيق مع سوريا”.

يحصل ذلك في ظل “فرفكة أيادي” رجال أعمال لبنانيين ومستثمرين وسياسيين، معارضين وموالين، بانتظار تدشين قصّ قالب “ذهب” إعادة الإعمار في سوريا، مع أنّ هذه المشاريع لن تأتي قبل سنوات.

في هذا السياق، تفيد معلومات موثوقة لـ”أساس” أنّ “قانون قيصر كان محور لقاءات داخلية في حزب الله الثلاثاء الفائت، بهدف تحديد الإجراءات الاستباقية  للتداعيات المحتملة المترتّبة عن القانون، مع تسليم الحزب بأنّ القانون قد يكون الورقة الأخيرة للأميركيين بعد سلسلة الضغوط السابقة، ومواجهتها كلّها أمرٌ مفروغ منه”، فيما سقف الضاحية المعلن تنشيط خطوط التواصل مع سوريا!

إقرأ أيضاً: الشهادة الجديدة لـ”قيصر”: معارضون يبتزّونني

عملياً، ثمّة واقعية بدأت تتبلور لدى فريق في الحكومة حول إمكانية استفادة لبنان من طريقة تعاطي العراق مع مسألة العقوبات المفروضة على إيران وسوريا: “فأكثر من 30% من مجمل واردات العراق من مختلف دول العالم تأتي عن طريق إيران، بموافقة أميركية، وتنسيقنا مع العراقيين يمكن أن يساعدنا في ابتداع وسائل تمكّننا من التعايش مع مفاعيل هذا القانون”، عبر اعتماد النموذج العراقي في التفاهم مع الإدارة الأميركية، علّ هذا يثمر موافقة أميركية على التبادل التجاري بين لبنان وسوريا.

ويشير مصدر وزاري في هذا السياق إلى “حماسة موجودة لدى رئيس الحكومة العراقي مصطفى الكاظمي، رجل التقاطع الأميركي الإيراني، للتعاون مع لبنان الذي بعث رسالة إيجابية بهذا المعنى إلى الجانب اللبناني عبر المدير العام للأمن العام، اللواء عباس ابراهيم، بعدما نقل إليه الأخير رسالة من رئيس الجمهورية ميشال عون”.

موقف لبنان الرسمي من “قانون قيصر لحماية المدنيين” هو معضلة حقيقية أمام الحكومة التي تأخّرت عن مهمّة مواكبة تداعيات هذا القانون على الجانب اللبناني في ظلّ تأكيدات أميركية بتوسيع دائرة العقوبات لتطال حلفاء حزب الله.

أما الواقع الأكثر إلحاحاً، فيكمن في استحالة أن يقفل الداخل اللبناني على نفسه بالكامل في ظلّ وجود متنفّس برّي وحيد مع سوريا، وحدود برّية مغلقة مع الأراضي الفلسطينية المحتلة، إلى جانب الحدود البحرية… وطبعا في ظلّ أزمة اقتصادية ترتقي إلى مستوى الكارثة.

وتستغرب مصادر مطلعة “عدم إثارة هذا الموضوع حكومياً حتّى الآن”. وتشير إلى أنّ “الجانب الأميركي كان أبلغ الحكومة السابقة برئاسة سعد الحريري عن مراحل إعداد القانون وإقراره منذ كانون الأول 2019″، معتبرة أنّ “واقع عدم إثارته يشبه النعامة التي تدفن رأسها في الرمال”.

الدولة اللبنانية ليست أمام خياري قبوله أو رفضه بل هي ملزمة بإيجاد صيغة تحافظ على السيادة والمصلحة اللبنانية وتراعي خصوصية العلاقة مع سوريا

وتوضح المصادر أنّ “ما أقدمت عليه وزيرة الدفاع في جلسة مجلس الوزراء ما قبل الأخيرة أمر بديهي وناقشته مسبقاً مع رئيس الحكومة والوزراء من منطلق استحالة تجاهل هذه المسألة الحسّاسة. وكان يفترض أن يسبقها الى هذه الخطوة وزير الخارجية أو وزيرة العدل أو أيّ وزير آخر”.

وأضافت المصادر إن “جلّ ما فعلته عكر هو الإضاءة على ضرورة أخذ مجلس الوزراء علماً بالقانون والاطلاع عليه كفريق حكومي واتخاذ موقف منه خصوصاً أنّ في متنه ما يمكن أن يمسّ بشكل مباشر المصالح اللبنانية، مع العلم أنّها لم توزّع نسخاً منه على الوزراء، ولم يكن مدار بحث أبداً مع السفيرة الأميركية”.

رئاسة الحكومة، وفق مصادرها، تؤكد أن “لا شيء تحت الطاولة في ما يتعلّق بقانون قيصر الذي باشرت لجنة بدراسة تأثيراته من كافة الجوانب خصوصاً في نطاق عمل عدد من الوزارات والجانب التجاري والعقود الموقّعة مع الجانب السوري في محاولة لإيجاد هوامش واستثناءات تمكّن لبنان من التصدّي لأيّ تأثيرات سلبية عليه”.

وأكدت المصادر أنّ “الدولة اللبنانية ليست أمام خياري قبوله أو رفضه بل هي ملزمة بإيجاد صيغة تحافظ على السيادة والمصلحة اللبنانية وتراعي خصوصية العلاقة مع سوريا”.

قانون قيصر الذي يفرض عقوبات على كلّ داعمي النظام السوري ومموّليه، (مسمّياً بالاسم ايران وروسيا فقط)، سواء بما يتعلّق بأنشطة عسكريّة أو جهود إعادة الإعمار أو انتهاكات حقوق الإنسان. ويفرض عقوبات على الأفراد والشركات المشاركة في مشاريع إعادة الإعمار، يضع الحكومة، بتأكيد المطلعين، “أمام أزمة إضافية في ظلّ واقع لبناني متشابك مع سوريا جغرافياً وسياسياً واقتصادياً ومالياً، إضافة الى الحدود المفتوحة مع دمشق ووجود معاهدات بين الطرفين وأكثر من مليون نازح سوري”.

ويؤكد مواكبون للعلاقة اللبنانية السورية أنه “في ظلّ هذا الواقع، ستتعاطى الحكومة مع القانون برؤوس أصابعها لأنّها بين نارين. فلا قدرة لديها للذهاب إلى ما يريده السيد نصرالله علناً. وفي الوقت نفسه تدرك أن هناك خطوطاً حمراء داخلية في حال تماهت مع ما يريده الجانب الأميركي ما يفتح مواجهة مباشرة داخل الحكومة مع حزب الله وحلفائه”.

 ويشير هؤلاء الى “ملف الحدود الشرقية الذي يراد له أن يُربط بإحكام بقانون قيصر ربطاً بالضغط لتطبيق القرار 1680 ونشر قوات دولية على الحدود”.

ويضيف هذا الفريق أنّ “الحكومة أضعف من أن تخوض اشتباكاً مع حزب الله الذي يضخّها بمقوّيات استمرارها، كما أنّها لن تشهد انقساماً داخلها حيال هذا الملف. أما المخرج فهو حدّ أدنى من التفاهم الحكومي بين الحكومة والرؤساء الثلاثة وقوى سياسية وحزبية تتلاقى على عدم جعل قانون قيصر عاملاً إضافياً لضرب وشلّ قدرة الحكومة على أداء دورها”.

هل هذا ممكن؟

لا أحد يستطيع الإجابة حتى الآن.

مواضيع ذات صلة

هل يستبدِل برّي حليفه فرنجيّة بأزعور؟

يدور الاستحقاق الرئاسي في حلقة مُفرغة، أحد أبرز عناصر كَسرِها التوصّل داخلياً إلى تسوية تَمنع الثنائي الشيعي من أن يكون في جلسة التاسع من كانون…

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…