لا يقوى النسيان على الشاب الوسيم الكاتب المناضل سمير قصير. عبر الزمن كقطار سريع، وبقي وجهه ماثلاً، كلماته التي تحفر، وصوته وضحكته.
هل قتلوه حقاً ذات 2 حزيران 2005؟
لا يزال المحرّض الأكبر على الثورة حاضراً، بالمؤسسة التي تحمل اسمه برّاقاً، برفاقه وأصدقائه وطلابه وعائلته ومحبيه.
ذهبت “14 آذار”، لكنّ الشهداء: لا.
لماذا قتلوا سمير قصير، وتصيّدوا الشخصيات القيادية الأخرى على درب المحكمة الدولية لجريمة العصر، جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري؟
لا معلومات معلنة حتى اليوم عمّن فجّر سيارة سمير قصير فور أن همّ بتدويرها، لكنّ الأرجح أنّه وجورج حاوي كانا خطرين جداً، إن على نظام الأسد أو على حلفائه. فمن جهة، هما خبيران في الإعلام وتنظيم العمل التحريضي التعبوي، على الطريقة الماركسية – اللينينية. ومن جهة ثانية، لهما صداقات ومعارف وعلاقات قوية بجماعات اليسار في سوريا، وكانا باشرا باكراً المناقشات في ما يتوجب فعله في الدولة الجارة.
إقرأ أيضاً: في ذكرى سمير فرنجية: نيّالك … يا بَيك
لم يكتب سمير من فراغ. لا أحد ينسى مقال “ربيع دمشق يبدأ من بيروت”.
أوّل تحرك للثورة في سوريا كان بتنظيم وشعارات وإعلام يساري. وقد أهلكت الأسد. ارتاح عندما تحوّلت “ثورة إسلامية”. حينها اتّهم الثوّار جميعاً بـ”الإرهاب” وبدأ القتل “من فجّ وغميق”.
قصير وحاوي كانا “عرفاتيَين” من وجهة نظر نظام الأسد. بالأصل نظام الأسد ابناً عن أب يكره العرفاتيين.
البقية، جبران تويني وبيار الجميل وغيرهم، قتلهم التحالف السوري – الإيراني، ليخيف السُنّة، والمسيحيين في شكل خاصّ، ويقضي على اندفاعتهم ضدّه. في المقابل قدّم لهم الخيار الآخر: ميشال عون وجبران باسيل. سهّل الطريق أمامهما بدم حار وغزير على الإسفلت. على الدرب كسر ظهر “النهار” والكتائب. الشهداء الآخرون اغتيل كلّ واحد منهم لضرورات المرحلة.
المفجع أنّ اتفاق الدوحة تضمّن بند “وقف الاغتيالات”. وقد توقفت فعلاً.
و”كاد المُريب يقول خذوني”.
أما الوزير محمد شطح فأزعج قاتليه على ما بدا عندما وجّه رسالة إلى رئيس إيران لامست التناقضات الداخلية الإيرانية، فجاء دوره على باب “بيت الوسط”.
قبله وسام الحسن “العين الساهرة” على السيادة والاستقلال والقادرة على التأثير في أهم عواصم العالم.
اليوم قد تكون التعزية الوحيدة بسمير قصير أنّه لو بقي حياً مثلنا لكان مات حزناً لما فعل لاحقاً من كان يُفترض أنّهم الأركان والقيّمون على “انتفاضة الاستقلال – 2005″، الذين كانوا الأسرع إلى التخلّي عنها، في السر والعلن.
اليوم 2 حزيران، مرّت 15 عاماً، ولا زلنا نقاوم، ولا زالت بيروت تنتظر ربيعها، وكذلك سوريا، لكن بلا سمير.