صمود المفتي دريان أسقط التمديد للشعار بالإجماع

مدة القراءة 4 د


تصاعدت الاعتراضات على التمديد التمديد لمفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار، وبدأ الاعتراض يتّخذ أشكالاً عديدة، أبرزها رفض “التدخّل السياسي” في الانتخابات الداخلية في دار الفتوى.

أجواء “المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى” باتت محكومة بإجماع يرفض التمديد، وكرّت سبحة مواقف علنية بات من الصعب بعدها استكمال خطّة التمديد.

أبرز المواقف خرجت من شيخ قرّاء بيروت الشيخ محمود عكاوي، الذي دعا رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة إلى “كفّ يده عن دار الفتوى”، وهو ما اعتبر الموقف البيروتي من تدخّلات السنيورة في شؤون الدار. 

إقرأ أيضاً: التمديد للشعار ينذر بانقسام دار “فتوى” الشمال

ومن قلب “البيت”، نائب رئيس المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى، الوزير السابق عمر مسقاوي، أعلن أنّ “التمديد غير قانوني، لأنّ الشعار مفتٍ منتخب، والمفتي المنتخب لا يحقّ لأيٍّ كان تمديد ولايته، بل إنّ التمديد يسري على المفتي الذي يتمّ تعيينه في منصبه. أمّا الانتخاب فيعود فقط الى الهيئة الناخبة”. قال هذا الكلام أمام أعضاء المجلس: الدكتور عبد الإله ميقاتي، الشيخ أمير رعد والدكتور أحمد أمين.

وترجمةً لموقفه هذا، أبلغ الوزير مسقاوي مفتي الجمهورية الشيخ دريان بالآراء والأجواء السائدة في طرابلس، الرافضة تجاوز القانون، مع إبداء الاحترام لشخص الشيخ الشعّار ورفض تعريض مقام الإفتاء لأيّ إساءة من هنا أو هناك.

عضو المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى السابق المحامي همام زيادة، أوضح أنّ “الرأي الوجيه الذي أدلى به الأستاذ مسقاوي لا يُفهم منه أنّ تكليف عالمٍ غير منتخب بإفتاء أيّ منطقة جائزٌ قانوناً، بل المقصود أنّ تمديد ولاية المفتي المنتخب من قبل هيئة ناخبة يعتبر أكثر خرقاً للنصّ القانوني. وعليه، فإن الحلّ يكمن بدعوة الهيئات الناخبة في جميع المناطق لانتخاب مفتيها.. ضماناً لحسن التداول”.

واستكمالاً لمساعي تعطيل التمديد، كان اجتماع رؤساء الحكومات الأربعة السابقين، الأربعاء الماضي، في بيت الوسط، الذي قيل إنّه كان “عاصفاً” بسبب إصرار الرئيسين سعد الحريري وفؤاد السنيورة على المضيّ قُدُماً في فرض التمديد ومحاولتهما الحصول على تغطية الرئيس نجيب ميقاتي للقرار. لكنّ الأخير، وبصفته التمثيلية لطرابلس، رفض هذا التوجه وأصرّ على الالتزام بالقوانين المرعية، ورفض كسر قرار مفتي الجمهورية، وضرب صلاحياته.

حاول السنيورة طرح ما اعتبره “حلاً وسطاً” يقضي بالتمديد ستة أشهر أخرى للشيخ الشعار. لكنّ ردّ ميقاتي كان حاسماً بالتمسّك بوجوب استلام الشيخ محمد إمام مقاليد الأمور يوم الإثنين المقبل، تطبيقاً للقانون وليس تدخّلاً في شؤون دار الفتوى.

وبحسب مصادر مطّلعة على ما دار في الاجتماع، فإنّ الرئيس ميقاتي حذّر من أنّ الإصرار على فرض التمديد ستكون له تداعيات سلبية لا يريدها، وأمل ألا يضطر للوصول إليها، لأنّه يعتبر ما يجري “تجاوزاً لحدود المنطق والمصلحة العامة، ويصل إلى حدود التحدّي والاستخفاف، وهذا ما لا يمكن أن يمرّ بعد الآن”.

من صيدا صارح الشيخ صلاح الدين أرقدان المفتي الشعّار بضرورة الالتزام بالقانون

أمّا العنصر الأهمّ في كسر منطق التمديد، فهو صمودُ مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، ومن بعده أمين الفتوى في طرابلس الشيخ محمد إمام، في وجه الضغوط القاسية التي تعرّضا لها لثنيهما عن موقفيهما الرافضَين لمخالفة القانون، من دون أن يعني ذلك انحيازاً لأيّ طرفٍ سياسي، لأنّ حجم العوائق التي تحول دون التمديد، وآثاره على دار الفتوى، تحتّم اتخاذ القرار الصائب.

حاولت أوساطُ الرئيسين الحريري والسنيورة زجّ اسم أوساط سعودية في مسألة التمديد للشيخ الشعار، والإيحاء بأنّ السفير وليد البخاري مؤيّد لهذا المسار، ما استدعى وصول رسالة واضحة بأنّ أهل السفارة غير معنيين بالشؤون الداخلية ولا يناسبهم زجّهم في مثل هذه الاستحقاقات. وهذا ما دفع السنيورة إلى فرملة اندفاعته في الساعات الأخيرة ليتّجه للتهدئة بعد تفاقم الأمور والخشية من خروجها عن السيطرة.

أما شيخُ قرّاء طرابلس الشيخ بلال بارودي فكتب: “في هذه المرحلة الدقيقة أمين فتوى طرابلس هو الأمين على دار الفتوى. وكسرُ قرار سماحة المفتي له تبعاتٌ خطرة على ثقة الناس بدار الفتوى وبمفتي الجمهورية معاً. وهذا لا نرضاه لمؤسّستنا الأم ولمرجعيتنا الدينية”.

ومن صيدا صارح الشيخ صلاح الدين أرقدان المفتي الشعّار بضرورة الالتزام بالقانون. والرسالةُ نفسها جاءت من الشيخ خالد عبد الفتاح ابن البقاع، لتلتقي مع أصواتٍ أخرى كثيرة داخل وخارج المجلس الشرعي على التحذير من مخاطر التمديد.

 

لم تعد عناصرُ التمديد قابلةً للحياة، فهل سنشهد في الأول من حزيران دخول الشيخ إمام دار الفتوى بسلام، أم ستدخل طرابلس دوّامة الصراع والانقسام؟

 

مواضيع ذات صلة

هل يستبدِل برّي حليفه فرنجيّة بأزعور؟

يدور الاستحقاق الرئاسي في حلقة مُفرغة، أحد أبرز عناصر كَسرِها التوصّل داخلياً إلى تسوية تَمنع الثنائي الشيعي من أن يكون في جلسة التاسع من كانون…

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…