روايات وعرافون وأفلام الكورونا (4/4): الفيروس صناعة فرنسية؟

مدة القراءة 6 د


أسيرون لأضغاث التحاليل، للأمل المزيّف، ولكلّ مَن يكشف لغزاً عن فيروس كورونا، أصبحنا. تشابه توصيفات، تشابه أسماء، أماكن أو أحداث، المهم أنّ شيئاً يملأ فراغ حجرنا المنزلي، ويكسر روتين البحث العلمي العاجز أو “المتعاجز” عن إيجاد حلّ للموت المتنقل.

في هذه الحلقة سنتحدّث عن فيديو الرعب المؤلف من 15 دقيقة، لأحد الباحثين الفرنسيين تحت عنوان “كشف الحقيقة”، يدّعي أنّه يضَعها بين ايدي الرأي العام، حيث يشير إلى “حقائق خطيرة مرتبطة بفيروس كورونا” و”اختراعه”، متسلّحاً بوثيقة علمية تعود لمعهد باستور الفرنسي.

في الفيديو أنّ الفرنسيين قاموا ببناء مختبر وبمساهمة الصين من نوع P4، مخصّصة لاحتضان الفيروسات الأكثر خطورة في العالم، ويعرض وثيقة يقول إنّها صادرة عن الحكومة الفرنسية يعود تاريخها إلى 23 تشرين الثاني 2017، حين تمّ تدشين المختبر من قبل طبيب الأوبئة إيف ليفي المدير العام السابق للمعهد الفرنسي الخاص بالبحث عن صحّة الانسان.

إقرأ أيضاً: روايات وعرّافون وأفلام الكورونا (3/4): نبوءات لبنانية مبكّرة

يشير الباحث الفرنسي إلى أن “لا دلائل على أنهم يقومون بتجارب على  الخفافيش في المختبر”، وهو ليس مختصّاً بالفيروسات فقط، بل بالأسلحة البيولوجية، ويتوقّع أنّ “أحد الخفافيش قيد التجارب قد هرب من المختبر”. ويؤكد أنّ “الفيروس مكوّن من الكورونا وفيروس  Sars cov، والأخير يهاجم الرئتين وهو في العام 2003 قام بقتل الكثير من الصينيين.

الوثيقة المؤلّفة من 300 صفحة باللغة الفرنسية والالمانية والانجليزية، بحسب ناشر الفيديو، فيها براءة اختراع أوروبية تعود إلى العام نفسه، تتحدّث عن “سلالة جديدة لفيروس الكورونا”، موجودة في موقع رسمي فرنسي وتحمل رقم  ep  1694  829  b1. ويقول إنّ “هذا تحديداً ما يقتلنا اليوم”. وفي الصفحة الأولى من الوثيقة المزعومة، يعرض علينا اسماء مخترعي الفيروس، وفي الصفحة الثالثة، المعومة أيضاً، يقول إنّها مخصّصة لتدوين براءة الاختراع 0001 لسلالة جديدة من فيروس الكورونا وفيروس سارس كوف”. وفي الصفحة 12 نجد “عوارض الفيروس التي هي عدوى صدرية شديدة تُدعى متلازمة ضيق التنفس الحادّ سارس كوف، والمتلازمة نفسها انتشرت في فييتنام، هونكونغ، سينغافورة، تيلاند وكندا في العام 2002، وفي العام 2003 ظهر فيروس جديد للكورونا سارس.

يقول الفيديو إنّ الأجسام التي حُقِنت بها الخفافيش لها علاقة بالمناعة وتتحدّث عن طريقة اختبار جهاز المناعة. ما يعني، بحسب الباحث الفرنسي، أنّه “تمّ التحكّم بهذا الفيروس، وأنّ هناك لقاحاً مضادّاً له، وينتظرون انتشاره أكثر قبل الكشف عنه لحصد المزيد من المال”. ويؤكد أنّ اللقاح “موجود في معهد باستور الفرنسي، وهو يشبه إلى حدّ كبير لقاح داء الحصبة”. وينهي حديثه بالتوجه لمشاهدي الفيديو بالقول: “سيتم التسويق لهذا اللقاح قريباً وسترون أنّ تركيبته الكيميائية يوجد فيها تركيبة خاصة بدواء الحصبة”.

موقع “أساس” حاول البحث عن الوثيقة في الموقع الرسمي الأوروبي للاختراعات، وفعلاً وجدها وهي تتضمن المعلومات نفسها التي تحدث عنها الفيديو، ويمكنكم الاطلاع عليها على الرابط التالي.

في 18 آذار، تطرّقت”AFP”  إلى القضية في مقال بعنوان “لا لم يتمّ إنشاء الفيروس التاجي الذي تم اكتشافه في الصين”. وأكّدت أنّ “الفيروس التاجي الجديد لم يتم إنشاؤه طوعًا من قبل معهد باستور، والوثيقة تتعلق بنوع آخر من الفيروسات التاجية، وتسجيل براءة اختراع للفيروس لا يعني أنه تم إنشاؤه”. ويقول المقال إنّ الفيديو تمّ نشره لأوّل مرة على  Facebook في 17 آذار، وتمت مشاركته 125 ألف مرّة في أقل من 24 ساعة، وأنّ براءة الاختراع EP 1 694 829 B1  أصلية وموجودة فعلاً.

تواصلت “AFP” مع أوليفييه شوارتز، مدير وحدة الفيروسات والمناعة في معهد باستور، وأكّد بدوره صحّة الوثيقة موضحاً أنّها تتعلق بفيروس مختلف عن الفيروس التاجي الجديد المكتشف لأوّل مرة في الصين قبل بضعة أشهر. وقال أوليفييه شوارتز إنّ “المعهد لا يمنح براءة اختراع لفيروس، لكن لشيفرة وراثية للفيروس، وتتعلق هذه الشيفرة ببراءة الاختراع التي قدّمها معهد باستور عام 2004 بسلالة من السارس  “SARS-CoV”، وهو فيروس تاجي آخر أصاب 8000 شخص في 30 دولة بين العامين 2000 و2003، وتسبّب بوفاة أكثر من 700 شخص، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية”.

ويشير إلى “عدم وجود فيروس تاجي واحد، بل على الأقل 7، وبالتالي فإنّ إيداع هذا التسلسل يتوافق مع وباء عام 2003، وهو ابن عم الفيروس الحالي، وليس نفسه”. وقالت منظمة الصحة العالمية إنّ “الفيروس المسؤول عن COVID-19 والفيروس الذي يسبّب متلازمة الالتهاب الرئوي الحاد (سارز) مرتبطان وراثيا لكنّهما مختلفان”.

 لا يمكننا تأكيد أو نفي كل ما سبق ذكره، فهي ضربات حظّ على الأرجح، ومصادفات غريبة، تشابه أحداث أو أسماء أو اختراعات

وأضاف مدير وحدة الفيروسات في معهد باستور في حديثه لـ”AFP”  إنّ “التشابه بين الفيروس الحالي من حيث تسلسله الجيني وفيروس 2003 هو 80 % لكنّه ليس هو نفسه، ولا يمكن إعادة استخدام اللقاحات نفسها التي تم اختبارها في براءة الاختراع المودعة في 2004 على فيروس كورونا الجديد، بسبب هذه الاختلافات. وإذا كان هناك براءات اختراع مسجّلة على الرموز الجينية للفيروسات، فهذا لا يعني أنّه تم إنشاؤها، على عكس ما يوحي الفيديو للمشاهدين”.

يوضح شوارتز ختاماً أنّ تسجيل براءات الاختراع المتعلّقة بالفيروسات هو أمر شائع، وغالبًا ما تكون مجرّد إعلانات عن براءات اختراع، وهي حماية هذا التسلسل من أجل أن تكون قادرًا على تطوير اختبارات تشخيصية ومرشحين للقاحات. وفي حالة الوثيقة التي تمّ تقديمها في 2004 يقول: “لقد قمنا بتسجيل براءة اختراع أو حماية التسلسل، الشيفرة الوراثية، لفيروس تمّ عزله في فيتنام في وقت تفشّي وباء سارز.

في ختام هذه الحلقات الأربعة، لا يمكننا تأكيد أو نفي كل ما سبق ذكره، فهي ضربات حظّ على الأرجح، ومصادفات غريبة، تشابه أحداث أو أسماء أو اختراعات… وربما هي حقائق بشعة عن فيروس أشدّ بشاعة. لكنّ الأكيد أنّ ما يصلكم عبر الواتساب أو عبر صفحات مجهولة على فيسبوك، يكون “مغشوشاً” في الغالب، وغير دقيق.

مواضيع ذات صلة

أيّها اللبنانيّون.. إلى الكمّامة  دُرْ

أعلن وزير الصحة فراس أبيض ارتفاع النسبة الموجبة لفحوص كورونا إلى 2 .14% بعدما كانت تراوح في بداية شهر كانون الأول الفائت بين 5.5% و6%….

كورونا يعود بقوّة: زيادة الوفيات 78% في الشرق الأوسط

قالت منظمة الصحة العالمية أمس الأول (الثلاثاء) إنّ حالات الإصابة بفيروس كورونا تضاعفت ثلاث مرّات في جميع أنحاء أوروبا خلال الأسابيع الستة الماضية، وهو ما…

الكورونا مجدّداً في لبنان: هل “ينفجر” في تموز؟

كورونا.. جدري القردة.. التهاب الكبد الوبائيّ. يبدو أنّ البيئة المجتمعية والصحيّة في لبنان تساعد على تكاثر الفيروسات. دخل “جدري القردة” لبنان عبر حالة وافدة من…

“أنت البطل في معركة الوباء”.. كواليس كورونا الصينية

“أنت البطل في معركة الوباء” (To fight against covid-19, you are the hero) هو عنوان كتاب يعود بنا إلى بداية أحداث انتشار وباء فيروس كورونا في…