خبراء يجيبون “أساس” عن أسئلة “الطوارئ” والمجاعة

مدة القراءة 6 د


أخيراً، وصلت الحكومة إلى قرارات الأمر الواقع بالنسبة إلى وباء كورونا، وإن كانت تأخرت بعد اقتراب أعداد المصابين بالفيروس من الخطوط الحمر مع تجاوزها الرقم 100. المئة التي في طريقها التصاعدي قد تتضاعف بسرعة كبيرة، بحسب خبراء. هذا في ظلّ بنية تحتية صحية غير مؤهّلة لمواجهة حرب انتشار الفيروسات، ولا حتى لاحتوائها، ولا يبدو أن المقررات الجديدة كانت على قدر تحدياتها، ما خلا حالة الإقفال شبه الكلي.

إقرأ أيضاً: عن حملات شبابية مجانية لتوصيل الحاجات إلى منازل الحجر الطوعي

وبينما كان اللبنانيون ينتظرون تدبيراً يبدّد هواجسهم، وينقذهم من الموت خرجت الحكومة بمرسوم “التعبئة العامة” الذي لم يفهمه الناس، فهلعوا إلى تفسيره، مع استمرار المطالبة بإعلان حالة الطوارئ العامة لظنهم، وكما الكثير من أهل الاختصاص، أنها طريق الخلاص الوحيد من الوافد الثقيل إلى يومياتنا.

 

فماذا تعني حالة الطوارئ ولماذا يتردد المعنيون بإعلانها، وما الفرق بينها وبين التعبئة العامة؟
التعبئة العامة التي ينص عليها قانون الدفاع الوطني المادة 2 من المرسوم الاشتراعي رقم 102/83 لا تلحظ تدابير احترازية متعلقة بتفشي مرض أو فيروس، ولا تلحظ حظر التجول، لكن حددتها الحكومة بعد جلستها المطولة بعدة قرارات، كان أبرزها: منع التجمعات العامة والخاصة، والتزام المواطنين منازلهم إلا بالضرورة القصوى، إقفال مطار بيروت وجميع المعابر البحرية والبرية ابتداءً من يوم الأربعاء وحتى 29 آذار، وإقفال الإدارات والمؤسسات العامة والمدارس والجامعات والحضانات، وإقفال المؤسسات والشركات الخاصة باستثناء كل ما يرتبط بالأمن الغذائي ومصرف لبنان وجميع المصارف لتأمين سير العمل، مع الاستمرار بحصر العلاج في مستشفى واحد، هو مستشفى رفيق الحريري وتأمين المستلزمات الطبية والوقائية اللازمة للقطاع الصحي وإعفائها من الرسوم.

 

أما الطوارئ، فلمرّة واحدة يلحظ الدستور اللبناني في نصوصه حالة الطوارئ، ويؤكد في المادة 65 المعدلة بالقانون الدستوري الصادر في 21/9/1990 أنّ “إعلان حالة الطوارئ يأتي بين المواضيع الأساسية التي يحتاج إقرارها إلى موافقة ثلثي أعضاء مجلس الحكومة المحدد في مرسوم تشكیلها”.

 

كانت آخر حالة طوارئ شهدتها البلاد خلال الحرب الأهلية اللبنانية. ويؤكد الخبير الدستوري أنطوان سعد أنّ “حالة الطوارئ المدنية تتضمن تدابير استثنائية غير متخذة في الظروف العادية، مع وجود قوة قاهرة خارجة عن الإرادة. ومن هذه التدابير إقفال الحدود البرية والجوية والبحرية، إغلاق المرافق العامة، المدارس، المؤسسات، المراكز السياحية، وتتوقف الأعمال التجارية، ويمكن أيضاً أن تشمل حظر التجول ومصادرة أملاك خاصة كالمعدات الطبية ووضعها بتصرف الناس، وتقوم الجهات الأمنية بمراقبة تطبيق هذه التدابير ومعاقبة المخالفين”.

 

ويلفت إلى أنّ “لبنان شهد إعلاناً لحالة الطوارئ بظروف تاريخية عديدة منها الحرب العالمية، الأوبئة كالكوليرا، الجراد، والمجاعة وآخرها كان في الحرب الاهلية. وفي حال حظر التجول يتم استثناء الصيدليات والأفران والمحلات التجارية الغذائية، لتأمين المواد الاولية لحياة الناس، على أن تؤمن القوى الأمنية الحماية لهذه المؤسسات”.

 

أما وزير الداخلية الأسبق مروان شربل فيشرح الفارق بين حالة الطوارئ الصحية وتلك الأمنية. ونحن اليوم في إطار الأولى، بمواجهة العدو الوبائي الذي ينتشر ويدخل إلى بيوت اللبنانيين ويحصد الأرواح: “في هذه الحالة تستنفر الدولة كلّ الأجهزة الأمنية لتطبيق التدابير الصادرة عن الجهة التي يسلمونها زمام إدارة الأمور في ظرف كهذا، وعادة ما تكون قيادة الجيش اللبناني، ويتفرّع عنها في كل منطقة وحدة تكون مرجعاً لتطبيق القرارات الصادرة عن السلطة التنفيذية، بما فيها حظر التجول في أماكن وأوقات معينة”. ويؤكد في حديث لـ”أساس” أنّ “أهم ما يجب أخذه بعين الاعتبار في حالة الطوارئ توكيل التنفيذ لسلطة واحدة”.

 

وفي هذا الإطار يؤكد المتخصّص في الأمراض الجرثومية الدكتور جاك مخباط أنّه “بالتأكيد هناك أسباب سياسية وأمنية واجتماعية أخرت إعلان حالة الطوارئ لاعتبارات لا نعرفها”، ويشدّد مخباط في حديث لـ”أساس” على ضرورة اعتماد “الوعي ثم الوعي ثم الوعي” وأنّه “لا بدّ من التخلي عن تسجيل النقاط ونكون متعاونين لمرة واحدة في حياتنا كي لا نكون أمام حالة وبائية متقدمة لا ينفع من بعدها الندم”.

 

لكن ماذا عن الاقتصاد الموبوء أيضاً وحالته الطارئة؟  
يرفض الوزير السابق فادي عبود فكرة إعلان حالة الطوارئ المدنية، ويؤكد لـ”أساس” أنّ منع التجول قد يؤدّي إلى مجاعة في لبنان، “فلا يمكن أن نوقف استيرادنا وتصديرنا، ولبنان لا زال يستورد مواد أوّلية من الخارج وأساسيات متعلقة بالأكل والشرب”.

تشير التوقعات إلى أنّ الإقتصاد اللبناني سيخسر ما يزيد عن 1 إلى 1.5% من الناتج المحلّي الإجمالي مقارنة بـ 0.5% للإقتصاد العالمي. وهذه الخسارة تشكل ما بين الـ 500 مليون دولار أميركي إلى مليار دولار أميركي

 

ويرى عبود أنّ “عدم إعلان حالة الطوارئ هو القرار الأكثر حكمةً رأفةً باقتصاد لبنان، ويكفي الاعتماد على الوعي وحالة الطوارئ الشعبية الذاتية التي بدأ يعتمدها المواطنون أنفسهم والتي برهنت أنها مفيدة حتى الساعة”.

 

وعن الخسائر الاقتصادية يؤكد الخبير الاقتصادي البروفيسور جاسم عجاقة أنّه في حديثه لـ”أساس” بأننا اقتصادياً أمام سيناريوهين: “الأول: قائم على فرضية أن يتم اكتشاف علاج لهذا الوباء في الأسابيع المقبلة، حين تصل نسبة المصابين بالفيروس في لبنان إلى الآلاف (مع غياب الإجراءات)، وسيصل هذا العدد إلى قمته قبل أن يبدأ بمساره الإنحداري. وهنا تشير التوقعات إلى أنّ الاقتصاد اللبناني سيخسر ما يزيد عن 1 إلى 1.5% من الناتج المحلّي الإجمالي مقارنة بـ 0.5% للإقتصاد العالمي. وهذه الخسارة تشكل ما بين الـ 500 مليون دولار أميركي إلى مليار دولار أميركي على كامل السنة. والسيناريو الثاني: يتحدث عن فرضية عدم اكتشاف علاج للفيروس هذا العام، فترتفع أعداد المصابين إلى مستويات خطيرة ويصبح معها الوباء خارج كلياً عن أي سيطرة، وعلى هذا الصعيد، تصل توقعات عجاقة إلى أن يخسر الإقتصاد ما يفوق الـ 10% من حجمه مع تفاعل الأزمة الحالية مع أزمة تفشّي الفيروس. وفي كلا السيناريوهين، النشاط الاقتصادي سيتراجع ومعه الاستهلاك”.

مواضيع ذات صلة

أيّها اللبنانيّون.. إلى الكمّامة  دُرْ

أعلن وزير الصحة فراس أبيض ارتفاع النسبة الموجبة لفحوص كورونا إلى 2 .14% بعدما كانت تراوح في بداية شهر كانون الأول الفائت بين 5.5% و6%….

كورونا يعود بقوّة: زيادة الوفيات 78% في الشرق الأوسط

قالت منظمة الصحة العالمية أمس الأول (الثلاثاء) إنّ حالات الإصابة بفيروس كورونا تضاعفت ثلاث مرّات في جميع أنحاء أوروبا خلال الأسابيع الستة الماضية، وهو ما…

الكورونا مجدّداً في لبنان: هل “ينفجر” في تموز؟

كورونا.. جدري القردة.. التهاب الكبد الوبائيّ. يبدو أنّ البيئة المجتمعية والصحيّة في لبنان تساعد على تكاثر الفيروسات. دخل “جدري القردة” لبنان عبر حالة وافدة من…

“أنت البطل في معركة الوباء”.. كواليس كورونا الصينية

“أنت البطل في معركة الوباء” (To fight against covid-19, you are the hero) هو عنوان كتاب يعود بنا إلى بداية أحداث انتشار وباء فيروس كورونا في…