النواب: “رغم الكورونا بدنا نبوّس”

مدة القراءة 5 د


غيّر الكورونا تقاليدنا اليومية، عاداتنا الشعبية، وضرب ثقافتنا الاجتماعية بالصميم، فكلمة “صحّة” التي كانت تواكب “سعلَتنا”، و”سمالله” التي كانت ترافق “عطسَتنا” استبدلها اللبنانيون برد فعلٍ سلبي. وكأنّ من يعطس هو المسؤول الأول عن التغير المناخي أو هو من  ثقبَ الأوزون عن سابق إصرار وتصميم. أما “اليانسون” فبات مشروبنا المفضل و”الهاند جيل” صار “واصل للركب”.

لم تخرق طقوس الكورونا يوميات المواطنين وحسب، بل فرضت نفسها على يوميات نواب المجلس أيضاً، وإن كان بعضهم لم يستطع التملّص من الثقافة الودّية المسيطرة في مجتمعنا اللبناني. وعلى مبدأ “شر البلية ما يضحك”، قام موقع “أساس” بجولة استطلاعية على ما صنعه الكورونا في يوميات عدد من أعضاء مجلس النواب من كتل مختلفة.

إقرأ أيضاً: شبعا وصيدا تنتفضان: أبعدوا الكورونا عن مستشفيينا

النائب عماد واكيم لم يختلف عليه شيء مع الكورونا، يتابع حياته بشكلٍ طبيعي، على حدّ تعبيره، وحده جهاز التعقيم الذي زُرع على مدخل المجلس يذكّره بأنّ هناك فيروساً مرّ من هنا.

نتغلغل أكثر في يومياته، فنرى أنّ الكورونا فرضت نفسها على عضو تكتل “الجمهورية القوية” من حيث لا يدري. فـ”الهاند جيل” بات رفيق مشاويره في السيارة، و”مكنة التعقيم” المطوّرة وُضعت في مكتبه في الأشرفية أيضاً، والتعازي والتهاني لا تزال قائمة لكن مع نظام “المشالحة”، أي السلام من دون مصافحة أو تقبيل. وفي حال الإحراج يكون “السلام بيد والهاند جيل باليد الثانية”. وينصحنا واكيم باستعماله (أي الهاند جيل) بدلاً من “السبيرتو” لأنه سمع من أطباء مختلفين عبر “الراديو” بأنّ الأول أفضل من الثاني بسبب وجود فيروسات يلائمها “السبيرتو”.

“المشالحة” أيضاً في المناسبات الاجتماعية فرضت نفسها على النائب إدغار معلوف، مع بعض الاستثناءات كأهل الفقيد مثلاً في التعازي، مع التزامه بأدوات التعقيم في المجلس النيابي وفي المنزل والسيارة.

ويستذكر عضو “لبنان القوي” عمّه النائب الراحل إدغار معلوف، الذي كان ملتزماً بأدوات التعقيم من “سبيرتو وديتول ووايبس” إلى حدّ “السرسَبة”، ليخلص إلى أنّها ثقافة انتقلت إليه بالوراثة. ويلفت إلى أنّ الكورونا أثرّت سلبياً فقط في الأمهات اللواتي “انسم بدنهن” بسبب إقفال المدارس. ويقول ممازحاً حول سياسة تخفيض “التبويس” بأنها السياسة التي فاز بها النواب الشيعة إذ “يقولون لنا شفتو إنوّ كان معنا حقّ، بالاكتفاء بوضع اليد على الصدر وعدم المصافحة”.

وتمنّى معلوف أن تصبح هذه العادات من ثقافتنا اليومية، لأنّ “الإنفلونزا العادية يمكن تفاديها بهذه الخطوات”. وأكد على ضرورة عدم استغلال الوضع واحتكار مواد التعقيم من قبل بعض التجار.

“التواصل مع الناس لم يتغيّر بل ما تغيّر هو الوسيلة” عند النائب هادي أبو الحسن، فتواصله لا يزال يومياً مع الناس في المناسبات الاجتماعية مع اعتماد التوجهات الوقائية المطلوبة: “نحاول الاكتفاء بالسلام باليد وحاولنا نشر هذه الثقافة في عدد من المآتم” متمنياً تبنّي عادات الشرق الأقصى “التي قرأناها أيضاً في كتاب المعلّم كمال جنبلاط”. أما التواصل مع النواب والاجتماعات العامة لدى عضو كتلة “اللقاء الديمقراطي” فبات يعتمد على وسائل التواصل كالهاتف و”الواتساب” وغيره، مؤكداً أننا “سننجو من هذا الفيروس أوّل عَ آخر، لكن المشكلة الحقيقية هي في الوباء السياسي”.

النائب فيصل كرامي، يرد ممازحاً في مستهلّ إجابته عن سؤال “كيفك مع الكورورنا” بقوله: “والله صرت عم باكل معكرونا”، ويؤكد أن لا متغيرات فرضت نفسها على حياته، لأنه غير مقتنع بالأساس “بكل هالقصة” ويشرح أنّه قرأ الكثير عن هذا الفيروس وتأكد من أنه مجرد جيل متطور من الإنفلونزا ورغم سرعة انتشاره إلا أن نسبة خطورته (أي الوفاة) لا تتجاوز الـ2.5 %.

لا كمامات في محيط مجلس النواب، بل “هاند جيل” وامتناعٌ عن “التبويس” إلا ما ندر

وفي التعازي يؤكد عضو اللقاء التشاوري أنّ الناس تقول له “رغم الكورونا بدنا نبوسّك” ويعلق هنا كرامي: “إيه بمرض ولا ببخع حدا”. حتّى الأطفال برأيه لم يأخذوا العطلة للجلوس في المنزل “مش عم يهدوا”. ويؤكد أنّ الوقاية ضرورية لكن “اللبنانيين لديهم مناعة على الكورونا وأخواتها، فنحن نعيش في “تنكة زبالة” فكيف للكورونا أن تقتلنا”.

نائب كتلة “التنمية والتحرير” فادي علامة، بدوره يؤكد أنّ “ريتم” المناسبات الاجتماعية لا يزال على حاله، لكنّه في جو الوقاية وليس ببعيد عن أجواء الحيطة والحذر “فلا تبويس، والهاند جيل دائماً في الجيبة”، وفي المجلس أيضاً حتى التبويس السياسي غير موجود.

لا شيء تغيّر بالنسبة للنائب سامي فتفت الذي “لا يبوّس عادةً” ولم يمتنع حتّى عن حضور المناسبات الاجتماعية، ربما لأنّ الخطر لن يدقّ أبواب الشمال بعد (أي لم يسجل أي إصابات) مع استعمال الـ”هاند جيل” عند الضرورة.

إذاً لا كمامات في محيط مجلس النواب، بل “هاند جيل” وامتناعٌ عن “التبويس” إلا ما ندر، إلى أن يحمل الكورونا فيروساته ويرحل عن بلدٍ وباءاته السياسية والمالية أشد قهراً.

مواضيع ذات صلة

أيّها اللبنانيّون.. إلى الكمّامة  دُرْ

أعلن وزير الصحة فراس أبيض ارتفاع النسبة الموجبة لفحوص كورونا إلى 2 .14% بعدما كانت تراوح في بداية شهر كانون الأول الفائت بين 5.5% و6%….

كورونا يعود بقوّة: زيادة الوفيات 78% في الشرق الأوسط

قالت منظمة الصحة العالمية أمس الأول (الثلاثاء) إنّ حالات الإصابة بفيروس كورونا تضاعفت ثلاث مرّات في جميع أنحاء أوروبا خلال الأسابيع الستة الماضية، وهو ما…

الكورونا مجدّداً في لبنان: هل “ينفجر” في تموز؟

كورونا.. جدري القردة.. التهاب الكبد الوبائيّ. يبدو أنّ البيئة المجتمعية والصحيّة في لبنان تساعد على تكاثر الفيروسات. دخل “جدري القردة” لبنان عبر حالة وافدة من…

“أنت البطل في معركة الوباء”.. كواليس كورونا الصينية

“أنت البطل في معركة الوباء” (To fight against covid-19, you are the hero) هو عنوان كتاب يعود بنا إلى بداية أحداث انتشار وباء فيروس كورونا في…