“يستحيل أن نتخطّى الخوف. المطلوب أن نتعلّم كيف نتحكم به لنتحرّر منه”. هذا ما تقوله الروائية الأميركية الشابة فيرونيكا روث في واحدة من رواياتها عن الخوف. وهو بخلاف ما نعانيه كلياً في مواجهة فيروس كورونا. لقد تخطينا كلبنانيين خوفنا بأشواط على نحو سلبي، وبتنا على عتبة الـ Mysophobia الذي يُفسَّر في علم النفس بـ”رهاب القذارة”. يقول علم النفس أيضاً، إنّ الخوف يُضعف الجهاز المناعي لدى البشر، ويجعلهم فريسة سهلة للفيروسات… وكورونا واحد منها طبعاً.
فتعالوا نحصّن مناعتنا ببعض الأرقام والإحصاءات. تخبرنا الأبحاث أنّ معدل إصابة الفرد بالانفلوزا العادية سنوياً، هو بين مرتين و4 مرات. إحصاء آخر ربما يُفرح النساء، يكشف أنّ الإناث معرضات للعدوى أكثر من الذكور عالمياً بسبب احتكاكهن الدائم بالأطفال، إلا أنّ المصابين الذكور بفيروس كورونا هم أكثر عدداً من الإناث بما يقارب الضعفين، كما أنّ معدل وفيات الذكور أعلى من الإناث بنحو 1.9 بالمئة لأسباب وراثية. فالجينات المسؤولة عن التعرف على مسببات الأمراض مرمّزة في الكروموسوم “إكس” وتملك منه النساء إثنين (إكس/إكس) فيما الرجال لديهم “إكس” واحد فقط (إكس/واي).
إقرأ أيضاً: سجون لبنان هي الأكثر أماناً من “كورونا”
وبحسب مقالٍ علمي نشره موقع “لايف ساينس”، يقول علماء إنّ “تراجع الفيروس يعتمد إلى حدّ كبير على عدد المصابين”. وكلما ارتفعت أعداد هؤلاء، بدأت أجسادهم بإنتاج المناعة ضده عن طريق العدوى أو من خلال التطعيم، وهذا يُفترض أن يحدّ بدوره من انتشاره مع الوقت. من دون أن يغفلوا سيناريو آخر محتمل يقضي باستمرار انتشاره تباعاً ويثبّت نفسه فيروساً تنفسّياً شائعاً.
إذاً، علينا أن نهدأ قليلاً، لأنّ عدد الوفيات بكورونا حول العالم، كان حتى كتابة هذه السطور قرابة 3500 شخص، فيما عدد الوفيات بالانفلونزا العادية هو 85 ألف شخص منذ مطلع هذه السنة إلى اليوم. كما أنّ معدل نقل هذا الفيروس من الشخص المصاب بكورونا إلى الأصحاء لا يتعدّى 2.1، أي أنّ المصاب لا ينقل العدوى إلاّ لنحو شخصين فقط. أضف إلى أنّ نسبة المتعافين من كورونا والذين أُقفِلت ملفاتهم، قد بلغت عالمياً: 94%.
الأبحاث المخبرية والمشاهدات المجهرية تؤكد أنّ كورونا مغلّف بطبقة دهنية ضعيفة المقاومة للحرارة. ولهذا يتوقع العلماء أن ينهار عندما ترتفع درجات الحرارة مع بلوغنا فصلي الربيع والصيف جدياً. بعض الآراء تستدلّ إلى ذلك من خلال خارطة انتشار كورونا حول العالم، التي تشير إلى أنّه محدود جداً في المناطق الحارة مثل دول إفريقيا وأميركا الجنوبية (نسبة الإصابات في الأرجنتين وتشيلي والبيرو والسارفادور وكوبا وغواتيمالا، معدومة). أما توقعات منظمة الصحة العالمية الأخيرة بعدم انحساره بين فصلي الربيع والصيف، فتتعلّق بانتقاله السريع بين نصفي الكرة الأرضية الشمالي (حيث فصل الشتاء يتحوّل إلى فصل الصيف) والجنوبي (حيث فصل الصيف ويتحوّل إلى فصل الشتاء).
أما طرق انتقاله، فمعروف أنّها تحصل بواسطة لمس الأسطح الملوثة أو الاقتراب من المصابين. كورونا يغطّ على الأسطح ولا يطير. هو بحاجة لوسيلة نقل إلى الجهاز التنفسي تكون غالباً أيدينا. ولهذا ينصح الأطباء بغسل اليدين دوماً وعدم لمس الوجه عموماً.
وفقاً لمركز “مكافحة الأمراض والوقاية” في الولايات المتحدة، فإنّ كورونا يبقى على الأسطح مثل الألومنيوم والخشب والورق والبلاستيك والزجاج، في درجة حرارة الغرفة، لمدة قد تصل في حدّها الأقصى إلى 9 أيام. تطهير هذه الأسطح بمواد المصنوعة من هيبوكلوريت الصوديوم (Eau de javel) أو بيروكسيد الهيدروجين (مساحيق الغسيل السائلة والبودرة) أو الإيثانول (سبيرتو) يقضي عليه في غضون دقيقة واحدة (الفوَط المطهرة wet wipes غير فعّالة إطلاقاً).
رطوبة الهواء تؤثّر في انتقاله بواسطة الرذاذ المتطاير من شخص مصاب. فالعطسة القوية في جوّ بارد ورطب تترك الرذاذ المشبّع بالفيروس وقتاً أطولاً في الهواء من الجوّ ذي الرطوبة المرتفعة. لكن أخطر ما في كورونا هو انتقاله من أشخاص لا تظهر عليهم عوارض الاصابة لأن ظهورها ربما يطول عن 14 يوماً. الكمّامة العادية لا تحمي من الفيروس أبداً، ما عدا تلك المجهزة لحجب “الجزئيات الفيروسية” المسماة N95 وطريقة استعمالها دقيقة جداً وتتطلب عدم تسرّب الهواء عن الأطراف.
في العادة، المسنون فوق الستين سنة هم أقلّ عرضة للإنفلونزا العادية، من الشباب. لكن في حال كورونا فإن المسنّين هم الهدف. تصنيف المصابين بهذا الفيروس يظهر أنّ الوفيات في صفوف كبار السنّ الذين يعانون من الأمراض، وهي بالدرجة الأول: أمراض القلب، ثمّ السكري، ثم ضغط الدم، وأخسراً السرطان… ويليها الأمراض الأخرى.
على الرغم من أنّ الأطفال هم الأكثر عرضة للإصابة بالفيروسات، لكن لا معلومات دقيقة حول إصابتهم بكورونا من عدمه، لأنّ أغلب التقديرات تشير إلى أنّ الأطفال هم الفئة الأقل عرضة للعدوى ولا مؤشرات جدّية إلى نقلهم لها. إحتمالات إصابتهم بكورونا والتعافي منه من دون ظهور عوارض المرض عليهم كبيرة جداً. حتى أنّ بعض العلماء قلّلوا من أهمية إقفال المدارس لتفادي الفيروس، وفضّلوا إقفال الإدارات العامة والمسارح ودور السينما والمطارات وأماكن تجمّع البالغين.
بعد التعافي، يبقى فيروس كورونا في جسم المصاب نحو أسبوعين وأكثر أحياناً، لكنّ حظوظ نقله بعد التعافي منه تبقى ضعيفة جداً. كما أنّ احتمال إصابة الشخص نفسه بالفيروس مجدّداً، بعد تعافيه تكاد أن تكون مستحيلة، لأنّ الجسد يكون قد اكتشف طرق محاربته.