خطة إعادة اللبنانيين التي يصرّ عليها ثنائي “حزب الله” و”حركة “أمل” وأقرّها مجلس الوزراء أمس، بدأت تواجه عقبات جديدة، بعد رفض دول عدّة استقبال طواقم آتية من لبنان على أراضيها، الأمر الذي يُنبىء بحصول كارثة في حال أصرّت الحكومة على تنفيذ خطتها بعيداً عن الخطوات الاحترازية التي حدّدتها الآلية التي كُشف عن تفاصيلها أمس.
فقد علم موقع “أساس” من مصادر متابعة، أنّ الجهات المعنية في مطار رفيق الحريري الدولي قد بدأت منذ صباح اليوم بالتواصل مع المطارات المعنية لوضعها في تفاصيل خطّة الإخلاء وأخذ موافقتها، وذلك في القارّتين الأفريقية والأوروبية إضافة إلى بعض الدول العربية. إلاّ أنّ المفاجأة كانت برفض دول، منها السعودية وفرنسا وأبيدجان وغانا (الأخيرة أصرّت على موافقة رئيسها شخصياً على كلّ خطوة) نزول الطواقم الطبية والأمنية من الطائرة لفحص اللبنانيين الراغبين بالعودة، مشترطة إخلاءهم أجمعين “بالجملة” ومن دون إجراء أيّ فحوصات أو أيّ عملية فرز لمصاب وسليم على أراضيها.
إقرأ أيضاً: إعادة اللبنانيين: مهمّة مستحيلة
ويبدو أنّ رفض هذه الدول نابع من اعتبارات عدّة، منها سياسية تتعلّق بالأسلوب الذي أُقرّت فيه الخطة وبالجهة التي طالبت بها، فيما دول أخرى لديها اعتبارات وقائية ضد وباء “كورونا” نفسه، ولهذا ترفض نزول أيّ فرد من الطائرة، كما ترفض إجلاء الأصحّاء عن أراضيها في مقابل ترك المصابين لديها. أضف إلى ذلك الاعتبارات السيادية التي تحتّم، بديهياً، رفض ممارسة جهات أجنبية لمهام تخصّ الدولة صاحبة الأرض.
ربما تظنّ الحكومة اللبنانية أنّ مجرّد اتخاذ قرارٍ كهذا، سيجنّد حكومات الدول بشكل أوتوماتيكي لمساعدتها على تنفيذه. وبالتأكيد هي مخطئة في هذا الظن، إلاّ أنّ الكارثة ليست هنا، بل إنّها في حال ضغط الثنائي الشيعي على حكومة حسان دياب وشركة الـMEA لتنفيذ القرار بأيّ شروط وأيّ طريقة، فهذا يعني أنّ مصابين محتملين سيصعدون على متن الطائرات ويخالطون ركّاب أصحاء وطاقم الطائرة المؤلف من نحو 10 أفراد، إضافة إلى الفريق الطبي والعناصر الأمنية وعددهم 10 أيضاً، ضمن مكان واحد ضيّق وموبوء.
السير بهذه الشروط قد يخلق حالاً من التململ لدى طواقم الملاحة والفريق الصحّي وكذلك الأمني، وربما يدفع هؤلاء، في جزء كبير منه، الى رفض المشاركة بالمهمة أو التردّد في الإقدام عليها
وهذا كله قد ينبىء بانفجار أرقام المصابين في الأسابيع المقبلة، ولا يُستبعد أن يرفعها بشكل هستيري إلى الآلاف، ما سيؤدي إلى ضياع جهود سائر اللبنانيين في إجراءات الحجر المنزلي على مدى أسابيع خَلَت، خصوصاً أنّ الخطة التي وضعتها الحكومة تلامس الطوباوية في إجراءات حجر هؤلاء ومتابعتهم، وكلنا نعرف أنّ وزارة الصحة لا تملك القدرة ولا الإمكانات على تتبّع شؤونهم فرداً فرداً.
يضاف إلى هذا كلّه، أنّ السير بهذه الشروط قد يخلق حالاً من التململ لدى طواقم الملاحة والفريق الصحّي وكذلك الأمني، وربما يدفع هؤلاء، في جزء كبير منه، الى رفض المشاركة بالمهمة أو التردّد في الإقدام عليها، في أضعف الإيمان.
وتفيد مصادر في مطار رفيق الحريري الدولي لـ”أساس”، بأنّ بعض المهندسين والفنيين قد أبدوا فعلاً رفضهم المشاركة بهذه الرحلات أو حتّى خدمتها لحظة وصولها، خصوصاً أنّ الرحلات البعيدة من بينها، تتطلّب وجود “طاقم هندسي” على متن الطائرة لضرورات الطوارىء الفنية في ظلّ إغلاق المطارات المضيفة.