الثنائي في النبطية وقوّة الثورة

مدة القراءة 3 د

 

فاطمة ترحيني

تشهد محافظة النبطية مواجهة جديدة، أشبه بصراع دائم، بعدما استطاع جزء من أهل المدينة وقراها الاعتراض على “حزب الله” و”حركة أمل” وكل من أوهمهم أنهم أولياء نعمتهم، وأنهم يعملون منذ سنين على حماية المنطقة وجعلوا للطائفة الشيعية “مكاناً” داخل الدولة.

المواجهة بدأت في 17 تشرين الأول الماضي، وبدت رمزيتها واضحة لأنّ النبطية تسيطر عليها قوى حزبية طائفية، وليس مبالغاً القول إنّ النبطية محكومة من قبل “حزب الله” و”حركة أمل” حُكماً دكتاتورياً.

تمكّن الحزب من السيطرة كلياً على أهالي المنطقة من  خلال شعار “المقاومة”، حتى بعد تحرير الجنوب في  العام ألفين. مناصرو الحزب اقتنعوا أن “الأمان” أهم من الوظيفة والمأكل والمسكن والطبابة. ولذلك، لم  يكن  مفاجئاً تخويننا – نحن ثائرات وثوار النبطية – واتهامنا بأبشع الاتهامات، مستفيدين من خطابات التخوين التي افتتحها  قادة  الحزب والحركة.

خطورة الاتهامات أدّت إلى معاداة الأشقاء لبعضهم داخل العائلة الواحدة، وتخليها عن أبنائها، مثلما حدث مع الشاب أيمن دقدوق، الذي بقي في المستشفى من دون أهله بعد  إصابته بالتظاهرات، إذ اعتبروا أنّه يستحق ما ناله لأنه “ضدّ الحزب”!

ولم تقتصر منهجية “حزب الله” على الإتهامات والتخوين فحسب، بل إنّ “الحزب” طلب من بلدية النبطية الاعتداء على الثوار السلميين وشاركهم في البلطجة، بذريعة أنّ الثوار نصبوا مسرحاً للرقص، علماً أن الهدف منه كان إقامة ندوات وحلقات نقاش.

أما تنظيم حركة “أمل”، الشريك الثاني في حكم النبطية مع الحزب، فقد اعتبر أن هجوم الثوّار على الدولة هو هدفه النيل من رئيس الحركة ومجلس النواب نبيه بري. هذا الرجل مقدّس لدى مناصريه لأنه “هو من فتح طريق الجنوب”! هؤلاء لا يهمهم أنهم من دون وظائف وأن حياة كل منهم تفتقد إلى الحد الأدنى من العيش بـ”كرامة”.

وقاحة التخوين من جانب أفراد الحركة والتهديدات العلنية وعمليات الترهيب، وصلت إلى مرحلة لا يمكن  تصديقها: كانوا يهددوننا أمام  القوى الأمنية والعسكرية، ومنهم من صرخ بوجه عسكري في الجيش قائلاً: “إذا ما بتتركنا نهجم عليهن، رح نروح ونرجع بالسلاح!”. ومنهم من شهر سلاحه بوجهنا خلال وقفات احتجاجية أمام  منازل نواب المنطقة.

مع  ذلك، استمر عدد كبير من الثوار في محاربتهم السلمية للدكتاتورية من دون خوف، مكررين  شعار الثورة: “كلن يعني كلن”. وأمام السراي الحكومي، كتبوا: “حرية، لا طائفية، لا مناطقية، لا تبعية، لا حزبية، لا مذهبية، لا محسوبية”. الاحتجاجات وصلت إلى النافعة في النبطية، حيث يعمل فيها موظفون ينتمون إلى الحركة، لم يترددوا بضرب الثوار علناً.

رغم كل المضايقات والإهانات، الثوار لم يستسلموا: مظاهرات أمام بيوت نواب المنطقة… إقفال مصرف لبنان… اعتصامات أمام المالية… إقفال طرقات دعماً لثوار تمّ توقيفهم بسبب كتاباتهم الثورية على واجهات المصارف… اعتداءات متكررة من القوى الأمنية والجيش لأسباب حزبية وحركية… حرق قبضة الثورة والخيمة… إصدار أغنية من الساحة.

تقول كلمات  الأغنية: “لما الشعب بيرفع صوته عالي باللي بيركب وقته، لما الحر بيرفض موته بتغني الرايات الحرّة.. نحن الشعب اللي قلكن لأ، نحن الشعب اللي بدّو الحق، و ع طبول الحرية يدق”.

منذ 17 تشرين وحتى اليوم، تتضاعف قوة ثوار النبطية بسبب دكتاتورية “حزب الله” و”حركة أمل” في تعاملهما معنا، إذ أثمرت إصراراً كبيراً وتحدّياً حقيقياً، على أمل استيقاظ بقية أهلنا الذين سئموا الأحزاب وزيفها، لكنهم  يخافون الابتعاد عنها حالياً.

 

مواضيع ذات صلة

رفيق الحريري والمسيحيون… الفهم المتأخّر

  لكم هي شديدة الحاجة اليوم إلى رفيق الحريري لجمع أطراف الوطن! كان الرئيس الشهيد رابطاً بين لبنان ولبنان رُغم أنّ علاقته ما كانت سهلة…

طرابلس: كلن يعني كلن.. إلاّ “رفيق”

  تمتلك طرابلس ذاكرة تنبض بالحبّ والوفاء والحنين وبالثناء والتقدير لرفيق الحريري، قلّما امتلكتها مدينة أخرى، وعبـّرت عنها في مختلف المحطات، قبل الاستشهاد وبعده، بدون…

في وداع الحريرية؟

  هل سيستمر رئيس الحكومة السابق سعد الحريري في السياسة أم لا؟ يصعب افتراض أن أحداً يملك إجابةً عن هذا السؤال، حتى عند الحريري نفسه،…

أمام الضريح.. ماذا كان يفعل بهاء؟!

  على ماذا كانا يتصارعان بالأمس عند ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري؟ على ميراث لم يُقتسم أو يُبع بعد؟ على ملكية قطيع من الأغنام؟ أم…