على ماذا كانا يتصارعان بالأمس عند ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري؟ على ميراث لم يُقتسم أو يُبع بعد؟ على ملكية قطيع من الأغنام؟ أم على زعامة ذهبت مع صاحبها عندما أُغتيل على مرأى من كل العالم والناس؟
بعد خمسة عشر عاماً على فاجعة الإغتيال الكبير فاجعة جديدة تلامسها شهدها الضريح والساحة التي كانت تحيط به عنوانها صراع الأخوة الأعداء سعد وبهاء.
نختلف مع سعد في السياسة في سوء إدارة البلاد والعباد ننتقده نخاصمه نقسو عليه من غيرتنا على المسيرة وعلى انجازات وأحلام آمنا بها في أصعب الأوقات، قد نبتعد عنه أو نقترب فهذه طقوس السياسة ومسلك الأحرار الشرفاء.
لم نختلف مع سعد الحريري لأنه ابن رفيق الحريري بل لأننا خضنا معه معارك في السياسة وفي كل الإستحقاقات الإنتخابية منها وكثير كثير من محاولات الإقصاء، انتخبناه أول مرة وثاني مرة وثالث مرة كحامل لمشروع سياسي كتبناه بأنفسنا وصارعنا نصف العالم من أجله وسهرنا الليالي وحملنا دماءنا على أكفنا كي يكون لنا وطنٌ كالذي حدثنا عنه رفيق عندما علّم آلاف اللبنانيين داخل وخارج البلاد، وعندما بنى المطار والمدارس والمستشفيات وشق الطرقات لتكون بيروت عروسة المدائن ومحط أنظار الأجانب والأشقاء.
لكن السؤال ماذا كان يفعل أمام الضريح بالأمس “بهاء”؟ الرجل له كل الحق بالتعبير بالعمل السياسي مثل أي مواطن، لكن كيف له أن يرسل أشخاصاً استأجر لهم باصات النقل وقدم لهم ولمرسليهم الأعطيات وركاب الباصات لا يعرفونه ولم يسمعوا تصريحاً سياسياً له؟. من خدع بهاء وقال له أنك تمتلك الحق باختصار الناس وتمثيلهم فقط لأنك شقيق سعد وابن الشهيد؟ ومن قال له أننا نحن الناس ملكية عائلية من حقه التنازع عليها مع شقيقه وإن كنا كذلك فالسؤال هل هناك حصة فينا لباقي الأشقاء؟!
ما حصل أمام الضريح من صراع الشقيقين الأعداء هي محاولة إلغاء لحقنا نحن الناس لحق السُنّة كطائفة بالتعبير أو بالتغيير محاولة للقول لنا أننا فقط مخيرون بين سعد أو بهاء أو أننا نعيش في زمن حكم العائلة الواحدة كمزارعين عبيد في مزرعة السيّد الذي يمتلك كل شيء حتى حقنا بتنشق الهواءّ.
مخطئ كان بالأمس “بهاء”، رعونة كبرى ما ارتكبه بحق والده الشهيد وبحقنا كطائفة لطالما وصفت بالأمة وسلوكها المشورة والديموقراطية والحق باختيار من يمثلها بعيداً عن التوريث للأشقاء أو للأبناء.
قبيحة هي الصورة أمام الضريح بالأمس، شاحنات تحمل شباناً يحملون العصي وشاحنات أخرى استؤجرت لتشويه ذكرى لا تعني العائلة وحدها بل تعني بالدرجة الأولى وطناً بأكمله يصارع اليوم من أجل البقاء.