الشهادة الجديدة لـ”قيصر”: معارضون يبتزّونني

مدة القراءة 3 د


بعد شهادته الموثَّقة بعشرات آلاف الصور التي قدَّمها ضدَّ نظام الأسد، ها هو “قيصر” يطلّ مجدَّداً ليقدّم ما يشبه “الشهادة” الجديدة ولكنْ، هذه المرَّة، ضدَّ المعارضة.

ففي حوار حصري أجرته جريدة “عكاظ”، بتاريخ 17 أيَّار 2020، مع “قيصر” ورفيقه سامي (الذي حمل الملفَّ إلى المحافل الدولية)، تحدَّث الرجلان عن تصرُّفات دنيئة قامت بها زمرةٌ أساسيةٌ في المعارضة، وصلت إلى حدود ابتزازهما بأمنهما الشخصي!!

إقرأ أيضاً: ما في شي بسوريا

 

وطبعاً من نافل القول أنه لا يمكن، إطلاقاً، مقارنة شهادة “قيصر” الدامغة والمفصلية عن جرائم الإبادة التي ارتكبها النظام في معتقلاته، بأيّ شهادة أُخرى. لكن مع ذلك تكتسب “شهادته” الجديدة ضدَّ جهةٍ معيَّنةٍ في المعارضة أهميةً كبيرةً.

فإذا كان ملفّ “قيصر”، الذي يكاد لا ينازعهُ في الخطورة ملفٌّ آخر، ليس لأنه قدَّم الدليل الحاسم على جرائم الإبادة في المعتقلات السورية فحسب، بل لأنه يتَّصل بالقضية الأكثر مأساوية في الثورة ألا وهي قضية المعتقلين والمغيَّبين قسراً، ناهيك عن تأثيره السياسي الكبير بعد استصدار قانون حمل اسمه (“قانون قيصر”)… أقول إذا كان ملفّ بهذا الحجم والخطورة قد تمَّ التعامل معه بمثل هذه الطريقة (ابتزاز بالأمن الشخصي وتربُّح مادّي)، فما الذي كان عليه الحال، إذاً، مع الملفَّات الأُخرى الأقلّ شأناً؟!

إنَّ فضح الأدوار المشبوهة التي لعبتها تلك المؤسَّسات، وبعض الشخصيات المعارضة، بات أشبه ما يكون بالواجب الثوري

يتحدَّث “قيصر” وسامي عن وجود أكثر من عشرين منظَّمة ومؤسَّسة تعمل تحت مُسمَّى “فريق قيصر” وتتقاضى مئات آلاف الدولارات سنوياً من الدول المانحة دون أن يكون لها أيّ صلة بالملفّ! ويُبدي الرجلان قلقهما من اللجنة التي شكَّلها “الائتلاف” لمتابعة تطبيق “قانون قيصر”، متخوِّفَيْن من تحويل ملفّ “قيصر” إلى “ملفّ تفاوضيّ بيد مجموعة غير مؤتمنة على تضحيات الشعب السوري”.

والحقّ أنَّ هذا التوصيف –”مجموعة غير مؤتمنة على التضحيات”- دقيقٌ للغاية في وصف “الائتلاف” ولجانه، استناداً إلى التقييم الموضوعي للدور الذي لعبه مع أسلافه من المؤسَّسات الشبيهة، لأنه –إضافة إلى فساده وتحوّله إلى بؤرة للمتسلّقين- افتقد الصبغة الوطنية السورية بشكل لافت، وتحوَّل إلى ما يشبه الشركة المساهمة المؤلَّفة من حصص وأسهم تمتلكها الدول والجهات المموّلة دون أن يمتلك الشعب السوري شيئاً منها.

إنَّ فضح الأدوار المشبوهة التي لعبتها تلك المؤسَّسات، وبعض الشخصيات المعارضة، بات أشبه ما يكون بالواجب الثوري.

كما أنَّ التذرُّع بضرورة حرمان النظام من الاستفادة من فضائح المعارضة، لكتم الأصوات الناقدة للفساد والارتهان والعمالة للدول، قد أوشك على إيصالنا إلى قلب خزَّان الأديب الفلسطيني غسان كنفاني الذي مات فيه الرجال اختناقاً دون أن يفكّروا بالدقّ على جدرانه.

يقول سامي (رفيق “قيصر”) إنه سيكشف عن التفاصيل والأسماء في “الوقت المناسب”.

ويردُّ البعض: الآن هو الوقت المناسب.

 

قيصر: ضابط سوري منشقّ نجح، سنة 2014، بتسريب 55 ألف صورة لـ11 ألف معتقل قُتلوا تحت التعذيب، وقد أثارت تلك الصور – بسبب وحشيتها – الرأي العام العالمي.

 

قانون قيصر: مشروع قانون أقرَّه مجلس النوَّاب الأميركي بتاريخ 15 تشرين الثاني 2016، ووقَّعه الرئيس الأميركي بتاريخ 21 كانون الأوَّل 2019، ينصّ على إنزال العقوبة بكلّ من يقدّم الدعم العسكري والمالي والتقني لنظام الأسد، سواء أكان مقدّمو الدعم دولاً أو أشخاصاً أو شركاتٍ.

مواضيع ذات صلة

قمّة الرّياض: القضيّة الفلسطينيّة تخلع ثوبها الإيرانيّ

 تستخدم السعودية قدراً غير مسبوق من أوراق الثقل الدولي لفرض “إقامة الدولة الفلسطينية” عنواناً لا يمكن تجاوزه من قبل الإدارة الأميركية المقبلة، حتى قبل أن…

نهج سليم عياش المُفترض التّخلّص منه!

من جريمة اغتيال رفيق الحريري في 2005 إلى جريمة ربط مصير لبنان بحرب غزّة في 2023، لم يكن سليم عياش سوى رمز من رموز كثيرة…

لبنان بين ولاية الفقيه وولاية النّبيه

فضّل “الحزب” وحدة ساحات “ولاية الفقيه”، على وحدانية الشراكة اللبنانية الوطنية. ذهب إلى غزة عبر إسناد متهوّر، فأعلن الكيان الإسرائيلي ضدّه حرباً كاملة الأوصاف. إنّه…

الأكراد في الشّرق الأوسط: “المايسترو” بهشلي برعاية إردوغان (1/2)

قال “أبو القومية التركية” المفكّر ضياء غوك ألب في عام 1920 إنّ التركي الذي لا يحبّ الأكراد ليس تركيّاً، وإنّ الكردي الذي لا يحبّ الأتراك…