فَقَدَتْ حملةُ العهد والصّهر على الرئيس نجيب ميقاتي زخمها القضائي، وفشلت في تحقيق أهدافها، فلجأ من يديرها إلى “الإعلام” القابل للتزوير والانحراف، عبر إعادة نشر أخبارٍ سابقة وتجاهل حقيقة انتهاء المفاعيل القضائية للادعاء عليه، وهذا أسلوبٌ “مبتكر” في الكيدية السياسية، يحتاج إلى الاستعانة بالكثير مما قاله النائب السابق سليمان فرنجية في مؤتمره الصحافي يوم الإثنين 11 أيار الحالي، بأنّ هذا العهد “كذب على اللبنانيين في كلّ المراحل”، وأنّ “ألفي سطل دهان لا تكفي لتبييضه”، وأنّ “أفضل ما حصل هو وصول عون ومن معه إلى السلطة، ليكتشف الناس حقيقتهم الكاملة”.
فمنذ أيام لفت الانتباهَ البيانُ الصّادر عن المكتب الإعلامي للرئيس نجيب ميقاتي، الذي تناول قيام صفحاتٍ على مواقع التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الإلكترونية بتداول “خبر مزعوم حول مثول الرئيس ميقاتي أمام القضاء الخميس المقبل”، ليضيف موضحاً أنّ “هذا الخبر كاذب جملة وتفصيلاً، ولو دقـّق بعض “الإعلاميين” في ما نشروه لتأكدوا أنّ الخبر يعود تاريخه الى ٢٦-١١-٢٠١٩ ونُشر في الوكالة الوطنية للإعلام، علماً أنّ ميقاتي قدّم إفادته في قصر العدل بموضوع الدعوى، والمسار القضائي للقضية معروف، وعلماً أيضاً أنّ القاضي جورج رزق (الوارد اسمه في الخبر) قد أُحيل على التقاعد”، ليخلص البيان إلى أنّه “مرّة جديدة يسقط بعض الإعلام عن جهل أو عن سوء نيّة في فخّ الأخبار الكاذبة التي لا تُهين من تستهدفهم بل تُهين المهنة ورسالتها”.
إقرأ أيضاً: دياب.. أو الطائفة التي سقطت
أعاد هذا البيان التذكير بالحملة التي سبق أن تعرّض لها الرئيس ميقاتي على خلفية ما سُمّي ملف القروض السكنية التي لم يكن سببُها قروض مجموعة ميقاتي أو غيرها لأنّ تاريخها يعود إلى ما بين عامي 2010 و2013، ما أثار العديد من علامات الاستفهام حول ما إن كانت الحملة على الرئيس ميقاتي أعيد اطلاقها قبل العهد؟! ولماذا السعي لترهيب الرئيس ميقاتي في هذه المرحلة؟
مستشار الرئيس ميقاتي الدكتور عبد الرزاق قرحاني وفي تصريح خاص لـ”أساس” شرح أسباب خصومة العهد والصهر لميقاتي بنقاط أربع:
ــ أنّه دأب على الدفاع الدائم عن موقع رئاسة الوزراء، في مختلف المراحل، بشكلٍ منفرد وبالاجتماع مع رؤساء الحكومات السابقين، وهذا ما أغاظ العهد الذي يريد فرض الوقائع الهادفة لتفريغ الدستور من مضمونه، وفـَرْضَ الصمت أيضاً.
ــ رفض انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، لأنّه برأيه “لا يمكن أن يجمع اللبنانيين”.
ــ انتقد التنازلات التي قدّمها الرئيس سعد الحريري في الصفقة الرئاسية
ــ أعلن ميقاتي عن دعم الثائرين في 17 تشرين في الساحات مؤكّداً أنّهم “يعبّرون عن الضمير الحقيقي لكلّ لبناني مخلص وعن الأكثرية الصامتة التي قالت كلمتها أخيراً”.
ــ دعوة ميقاتي إلى استقالة الحكومة (برئاسة سعد الحريري) وتشكيل حكومة بدون النائب جبران باسيل، مع خريطة طريق تتضمّن حكومة مستقلّة وقانون انتخاب وانتخابات نيابية مبكّرة.
مصادر قريبة من الرئيس ميقاتي أشارت لـ”أساس” أنّه يجب على “القضاء الحُرّ” اليوم البحث في الجوارير “العونية” المقفلة عن ملفٍّ يحمل عنوان “قرض المغترب” وأن ينقّب فيه عن “الشفافية المسيطرة” وكيف انتهى وما هي أسباب سحبه من التداول، ومن هم الشركاءُ فيه، ومن يتحمّل مسؤولية النتائج المترتبة عليه، على صعيد إلغاء قروض الإسكان من جهة، وعلى صعيد ضرب علاقات لبنان بالمنظومة المالية العالمية وما تركه من تداعيات على مصالح اللبنانيين، كان أقلّ أضرارها نسفُ القروض السكنية، المدعومة من الدولة، من أساسها نسفاً.
هكذا يبدو أن العهد قرر معاقبة ميقاتي على انتسابه إلى نادي الرؤساء الأربعة بمواجهة العهد، وبعد فشل المسار القضائي، سنشهد حملة إعلامية انتقامية.