كيف بنى الأسد إمبراطوريّته في أوروبا؟

مدة القراءة 5 د

منعاً لدخوله السجن في فرنسا، عادَ رفعت الأسد، عمّ الرئيس السوري بشار الأسد، من منفاه إلى دمشق، واضعاً نهاية لسنوات من البُعد طُبِعت بمعارضته للنظام، تاركاً وراءه أملاكاً فارهة وعقارات تُقدّر قيمتها بـ 90 مليون يورو، تمّت مصادرتها بعد الحُكم عليه بالسجن لمدّة أربع سنوات، وإدانته بغسل الأموال، والتزوير الضريبي، والاستيلاء على أموال عامّة.

وكان القضاء الفرنسي قد استأنف التحقيقات في ثروة الأسد العمّ الضخمة عام 2014، بناءً على شكوى من جمعية الشفافيّة الدوليّة ومؤسسة “شيربا” الفرنسية لمكافحة الجرائم الاقتصادية.

منعاً لدخوله السجن في فرنسا، عادَ رفعت الأسد، عمّ الرئيس السوري بشار الأسد، من منفاه إلى دمشق، واضعاً نهاية لسنوات من البُعد طُبِعت بمعارضته للنظام، تاركاً وراءه أملاكاً فارهة وعقارات تُقدّر قيمتها بـ 90 مليون يورو

عادَ الأسد إلى سوريا بعد عشرة أعوام من مقابلة أُجريت في منزله الفخم في جادة “فوش” الباريسية، تحدّث فيها عن النظام، وعن نيّته العمل لإسقاطه ومنح السلطة للشعب “حتى لو استغرق الأمر وقتاً وكانت المهمّة صعبة”.

اعتبرت صحيفة “ليبراسيون” الفرنسيّة أنّ الدولة الفرنسية كانت قد قدّمت له الحماية واستقبلته، حتى وقت رحيله. وكانت محكمة الاستئناف في باريس قد أصدرت حكماً يقضي بسجنه، في جلسة محاكمة لم يحضرها، وظهر بعدها في دمشق جالساً إلى جانب عائلته، علماً أنّه لم يواجه قيوداً على تحرّكاته في فرنسا.

من جانبها، نشرت صحيفة “ذا ناشيونال” تقريراً مفصّلاً عن الإمبراطورية الأوروبية، أو أملاك الأسد المجمّدة في أوروبا، مشيرةً إلى قصره في العاصمة الفرنسية والقريب من قوس النصر، وصولاً إلى الشقق الفخمة في أرقى أحياء باريس، وكأنّه “وكيل عقارات في العاصمة الأكثر أناقة في العالم”.

فقد كشفت التحقيقات التي أجرتها الشرطة الفرنسية وجماعات حقوق الإنسان ونشطاء في الشفافية أنّ الأسد سيطر على الممتلكات من خلال شبكة من الشركات الخارجية. في هذا السياق، تطرّقت الصحيفة إلى شارع “فوش” الذي كان يُعدّ أحد أفخم شوارع باريس وأكثرها قيمة، حيثُ يوجد منزل للأسد، موضحةً أنّ ذلك الشارع كان مسكناً لبعض أغنى العائلات في العالم، مثل عائلتَيْ أوناسيس وروتشيلد. ذلك القصر في فوش كان مملوكاً من خلال شركة خارجية في جزيرة كوراساو الهولندية، وفقاً لوثائق المحكمة التي كشفت أنّه تمّ إنفاق 1.5 مليون يورو على شراء السجاد، و5.5 ملايين يورو على الأثاث واللوحات.

عادَ الأسد إلى سوريا بعد عشرة أعوام من مقابلة أُجريت في منزله الفخم في جادة “فوش” الباريسية، تحدّث فيها عن النظام، وعن نيّته العمل لإسقاطه ومنح السلطة للشعب “حتى لو استغرق الأمر وقتاً وكانت المهمّة صعبة”

وكان الأسد يمتلك عقاراً ثانياً في الشارع نفسه، لكن عبر شركة خارجية أخرى. وعلى بُعد كيلومترات قليلة، امتلك عقاراً ضخماً في شارع دو لامبال مقابل السفارة التركيّة.

وخلال الإجراءات القانونية في فرنسا، جرى الاستماع إلى اثنين من خصومه السياسيين، تُوفّيا لاحقاً في باريس، وهما وزير الدفاع الأسبق مصطفى طلاس ونائب الرئيس الأسبق عبد الحليم خدّام، واُتُّهم بأنّه استخدم أموالاً منهوبةً من الموارد السوريّة لشراء العقارات.

ووصف خدّام رفعت الأسد بأنّه “الرجل الأكثر فساداً في تاريخ سوريا”، فيما اتّهمه طلاس بالتورّط في بيع الأعمال الفنّية والتحف في السوق السوداء.

وبعدما أصبحت المنازل والشقق أصولاً مجمّدة وغير قابلة للبيع، عادَ الأسد إلى بلاده. وتريد السلطات الفرنسية بيع إمبراطوريته العقاريّة التي تُقدّر بملايين الدولارات، بموجب تشريع جديد، وإعادة العائدات إلى الضحايا السوريين الذين حُرِموا من ممتلكاتهم. ومن المتوقّع أن تستمرّ الدعوى القانونية لمدّة عامين آخرين.

قدّم فابريس بالانش، وهو أستاذ في جامعة ليون وخبير في الشؤون السوريّة، أدلّة خلال المحاكمة، وأشار إلى أنّ “الأسد معروف بتلقّيه عمولات مقابل صفقات الأسلحة، وقد استثمر في أوروبا قبل مغادرته سوريا في العام 1984″، مضيفاً أنّه “أتى إلى فرنسا وكان لديه مكان ليعيش فيه، وكان رجل يحبّ المال والرفاهية. لم يكن منعزلاً، بل أراد الاستمتاع بالحياة”.

وتمّ إنفاق الأموال على الممتلكات من خلال إجراءات ماليّة معقّدة، مثل سلسلة الشقق المسجّلة باسمه في بنما، فيما حساباتها في بنك دنماركي. وقد جمّدت محكمة فرنسية تلك الأصول والإيجارات التي دفعها المستأجرون أيضاً.

إقرأ أيضاً: أوهام العرب ومتاهة الأسد

دافع الأسد عن نفسه، مشيراً إلى أنّ مزرعة الخيول، التي تبلغ مساحتها 45 هكتاراً، مع منزل في الضواحي الشمالية لباريس كانت هديّة من صديق قديم.

لكنّ العقارات لم تقف عند حدود فرنسا، فقد أدّت الإجراءات الجنائية الفرنسية إلى مصادرة عقار بقيمة 27 مليون جنيه إسترليني (36 مليون دولار) في مايفير، غرب لندن، كان الأسد يستخدمه مع عائلته، وقال إنّه اشتراه من خلال استثمارات قام بها أبناؤه باستخدام أمواله.

مواضيع ذات صلة

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…