حرب في الفضاء: هذه المرّة ليس خيالاً علمياً

مدة القراءة 5 د

على غرار التنافس بين القوى العالميّة على الأرض، يبدو أنّ لعبة أخرى انطلقت في الفضاء، ولا سيّما مع وجود القوات الفضائية الأميركية، التي تُعتبر إحدى القوات النظامية للولايات المتحدة، وإطلاق الدول المنافسة لأميركا تجارب خاصّة بالأسلحة.

الكاتب في صحيفة “واشنطن بوست” ديفيد إغناتيوس قال إنّ لوحةً جداريّةً تُظهر أقماراً صناعية عسكرية، معلّقة في ممرّ البنتاغون حيث توجد مكاتب قادة القوة الفضائية، وتحذّر من أنّ الفضاء هو “مجال القتال الجديد”. وبدا هذا التحذير جليّاً يوم الإثنين عندما وجّه مسؤولون أميركيون اتّهاماً لروسيا بأنّها أجرت اختباراً، وصفوه بالطائش والخطير وغير المسؤول، لسلاح جديد مضادّ للأقمار الصناعية.

على غرار التنافس بين القوى العالميّة على الأرض، يبدو أنّ لعبة أخرى انطلقت في الفضاء، ولا سيّما مع وجود القوات الفضائية الأميركية، التي تُعتبر إحدى القوات النظامية للولايات المتحدة، وإطلاق الدول المنافسة لأميركا تجارب خاصّة بالأسلحة

وأوضح الكاتب أنّ “الفضاء هو الأرض الجديدة لقتال القوى العظمى، وقد انضمّ الروس إلى الصينيين للتحقّق من قدرتهم على شنّ هجوم مباشر لتدمير قمر صناعي، كما فعلت الصين باختبار أجرته عام 2007، وتبعتها الهند في العام 2019. وقد أطلقت الولايات المتحدة أيضاً صاروخاً عام 2008 لتدمير قمر صناعي اكتشف مسؤولون أنّه يسرّب الوقود”.

لكنّ ما أثار غضب المسؤولين الأميركيين في التجربة الروسية هو أنّ الروس الذين أرادوا إثبات قدرتهم على استهداف قمر في الفضاء، تسبّبوا بحقل من الحطام والشظايا في مدار أرضيّ منخفض، مع 1500 قطعة من حطام المركبة الفضائية التي دُمِّرت، كبيرة بما يكفي لتتبّعها بواسطة الرادار. وأشار الكاتب إلى أنّ الحطام يهدّد الأقمار الصناعية التجارية والعسكرية، وروّاد الفضاء الذين كانوا على متن محطة الفضاء الدولية.

وفي تعليق أميركي لافت، استخدم المتحدّث باسم وزارة الخارجية نيد برايس لغة محدّدة وبطريقة غير مسبوقة في توجيه الانتقاد للاختبار الروسي، الذي اعتبر أنّه يهدّد “مصالح جميع الدول” التي تعتمد على أنظمة فضائية للاتصالات ورصد الطقس وجمع المعلومات الرقمية التي لا تعدّ ولا تحصى. وقال إنّ الدبلوماسيين الأميركيين تواصلوا غير مرّة مع كبار المسؤولين الروس من أجل تحذيرهم من مغبّة إجراء اختبار كهذا في الفضاء.

وشدّد برايس على أنّه لا يمكن أن تتسامح واشنطن مع هذا السلوك الروسي، من غير أن يعطي تفاصيل عمّا تنوي الولايات المتحدة فعله لوقف هذا النشاط في الفضاء.

حذّرت القيادة المسؤولة عن العمليات الفضائية اليوميّة أخيراً محطة الفضاء الدولية، وطلبت منها تغيير مسارها لتجنّب قطعة من الحطام الفضائي الصيني الناجم عن اختبار أجرته بكين عام 2007

وكشف إغناتيوس أنّ الدفاع عن الأنظمة الفضائية يكمن في صلب اهتمامات القوة الفضائية التي تتّخذ من البنتاغون مقرّاً، والتي قابل الكاتب قائدها الجنرال جون دبليو “جاي” ريموند.

أما عن الصورة الجداريّة، فقد عادَ الكاتب ليوضح أنّها تصوّر أشعة ليزر محمولة على متن طائرات، وتطلق النار على الأقمار الصناعية. ولفت إلى أنّ البنتاغون يمتلك منصات مراقبة كبيرة ومصمّمة بشكل دقيق.

ونقل عن الجنرال ريموند: “ينبغي أن نخطّط لبنية أكثر مرونة”، موضحاً أنّ ذلك يكون من خلال المزيد من الأقمار الصناعية الصغيرة التي لا يمكن استهدافها بسهولة. وأشار إلى أنّ القوة الفضائية تعمل على حلّ هذه الثغرة الأمنيّة، بالتعاون مع مكتب الاستطلاع الوطني، الذي يشرف على مراقبة الفضاء.

وتابع ريموند أنّ القوة التي يقودها تمكّنت من تحقيق “شراكة وثيقة جدّاً، لم تكن متوفّرة من قبل، مع مكتب الاستطلاع”، علماً أنّ هذه الشراكة ليست سهلة، حيث إنّ كلّ وكالة استخباريّة تحتفظ باستقلاليّتها وسرّيّتها. ولفت إلى أنّ جميع أجهزة الاستخبارات الأميركية أو المنظمات العسكرية التي تستخدم الفضاء اليوم “تعمل في مجال مهدّد”، على حدّ تعبيره.

وبينما يدرس الجنرال الأميركي الآن مشكلة الحطام، تهتمّ واشنطن بأن تكون قوّاتها أكثر حرصاً على عدم التسبّب بانتشار حطام عن غير قصد من خلال إطلاق أيّ صاروخ أو عند إجراء مناورة. أمّا الخطوة الثانية فهي جمع الحطام، لكنّ قائد القوة الفضائية أشار إلى عدم وجود خطّة لدى واشنطن لتجميعه الآن، وأنّ العمل محصور بمراقبة ما يدور بالفضاء، عبر تتبّع الأقمار الصناعية والحطام والتحذير من الاصطدامات الممكن حدوثها.

من جهتها، حذّرت القيادة المسؤولة عن العمليات الفضائية اليوميّة أخيراً محطة الفضاء الدولية، وطلبت منها تغيير مسارها لتجنّب قطعة من الحطام الفضائي الصيني الناجم عن اختبار أجرته بكين عام 2007.

إقرأ أيضاً: فريدمان: إعادة تشكيل الرأسمالية.. لمواجهة دمار الأرض

وختم الكاتب مقاله بالإشارة إلى أنّ التجربة الروسية الأخيرة تؤكّد الحاجة إلى التحادث على نحو أفضل في مجال الفضاء، أي ما يُشبه “الخط الساخن” الذي اعتمدته روسيا والولايات المتحدة بعد الكارثة الوشيكة لأزمة الصواريخ الكوبية عام 1962. ويجب أن لا يبقى الفضاء، وهو المجال المتنازع عليه، بدون قواعد أو اتصالات مشتركة.

مواضيع ذات صلة

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…

الليلة الأخيرة لـ”ديكتاتور الشّام”..

تحملُ ليلة هروب رئيس النّظام السّوريّ المخلوع بشّار حافظ الأسد قصصاً وروايات مُتعدّدة عن تفاصيل السّاعات الأخيرة لـ”ديكتاتور الشّام”، قبل أن يتركَ العاصمة السّوريّة دمشق…

فرنجيّة وجنبلاط: هل لاحت “كلمة السّرّ” الرّئاسيّة دوليّاً؟

أعلن “اللقاءُ الديمقراطي” من دارة كليمنصو تبنّي ترشيح قائد الجيش جوزف عون لرئاسة الجمهورية. وفي هذا الإعلان اختراق كبير حقّقه جنبلاط للبدء بفتح الطريق أمام…