فريدمان: إعادة تشكيل الرأسمالية.. لمواجهة دمار الأرض

مدة القراءة 6 د

في شباط الماضي، أشاد رئيس شركة “مايكروسوفت” بيل غيتس، بعمل الملياردير الأميركي والرئيس التنفيذي لشركة “تسلا” إيلون ماسك في قطاع السيارات الكهربائية، مشيرًا إلى أنّ العالم يحتاج إلى المزيد من رواد الأعمال أمثاله، لمواجهة تغيّر المناخ.

والآن بعد قمة غلاسكو لمواجهة تغيّر المناخ التي شارك فيها رؤساء ومسؤولون وناشطون بيئيون من حول العالم، نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية مقالًا للكاتب توماس فريدمان بعنوان: “هل تريدون إنقاذ الأرض؟ نحتاج للمزيد من إيلون ماسك”.

باعتقاد فريدمان، يمكن استئناف العمل بإعادة تشكيل الرأسمالية، من خلال استخدام أدوات الشفافية العميقة الجديدة

في مستهلّ مقاله، يقول الكاتب: “يوجد شعار واحد سأقدمه لوقف تغير المناخ بعد قمة غلاسكو وهو أنّ الجميع يريد الذهاب إلى الجنة ولكن لا أحد يريد أن يموت”، موضحًا أنّ حركة الخضر الليبراليّة، المعنيّة بحماية البيئة ستحثّ العالم وتقول إنّه شارف على الإنتهاء، لكنها ترى أنّه يجب عدم استخدام الطاقة النووية التي يتم تسخيرها حول العالم اليوم لإنتاج الكهرباء والطاقة النظيفة، أمّا الخضر المحافظين فسيقولون أيضًا إنّ العالم ينتهي، لكننا لا نستطيع أن نثقل كاهل الناس بضريبة على انبعاثات الكربون أو على البنزين من أجل إبطاء الاحتباس الحراري”.

في السياق نفسه، سيقول البعض إنّ العالم ينتهي، لكنهم لا يريدون أي طواحين هواء أو تقنيات معتمدة على الطاقة الشمسية أو خطوط سكة حديد عالية السرعة. ولهذا السبب، اجتمع قادة العالم في غلاسكو، وقرّروا إلزام الذين سيتولّون السلطة في المستقبل بتوفير طاقة خالية من الانبعاثات بحلول العام 2030 أو 2040 أو 2050، واللافت هو الحديث عمّا هو مغاير لجميع الأمور التي ساهمت بزعزعة استقرار أنظمة الأرض، من القمم الجليدية والتيارات في المحيطات إلى الشعاب المرجانية والغابات الاستوائية، وصولًا إلى كثافة مستوى ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.

جائحة كورونا هي المثال

ويضرب الكاتب مثلًا بتفشي جائحة “كوفيد 19″، وطرق الإستجابة لها بعدما شهد الإقتصاد العالميّ تهديدًا، والتي أظهرت أهميّة التكنولوجيا الجديدة، حيثُ اجتمعت شركات التكنولوجيا الحيوية المبتكرة وبعض الشركات الناشئة الصغيرة مع قوة الحوسبة وطلب السوق، وتمّ إنتاج اللقاح الذي تلقى الكاتب الجرعة المعزّزة منه مؤخرًا.

يرى فريدمان أنّ ما جرى إنتاجه والتطوّر الذي شهده العالم في مسألة اللقاحات هو بمثابة إنجاز مذهل للتكنولوجيا الحيوية والخدمات اللوجستية. ولا يعارض قمّة غلاسكو، موضحًا أنّ قادة العالم اجتمعوا لحثّ العالم على خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والحفاظ على التنوع البيولوجي وإجراء المحاسبة، لكنّ ذلك سيون متعذّرا إذا اقتصرت المشاركة على عدد محدّد من الدول فقط.

كما لفت إلى أنّ الهدف يمكن أن يتحقق بحال أنتج رواد الأعمال حلولًا جديدة عبر تقنيات تتيح للناس العاديين إحداث تأثيرات غير عادية على المناخ من دون التضحية بالكثير، وذلك عبر استهلاك أو اعتماد التقنيات الجديدة: “نحتاج إلى عدد قليل من أمثال الشابة التي ألهمت الكثيرين بمواقفها المدافعة عن البيئة والداعية إلى التصدي لمشكلة التغير المناخي غريتا ثونبيرج، فيما نحتاج إلى المزيد من إيلون ماسك، أي إلى المزيد من المبتكرين الذين يواجهون المخاطر ويستعينون بالعلوم الأساسية ويحوّلونها إلى أدوات لم يتم تخيّلها بعد من أجل حماية الكوكب لجيل لم يُبصر النور بعد”.

إعادة تشكيل الرأسمالية

في هذا الإطار، أوضح الكاتب أنّ موقع Planet.com  على سبيل المثال الذي أسّسه ثلاثة علماء سابقين في “ناسا” مقرّهم في سان فرانسيسكو، في العام 2010، وأصبح لديهم أقمارًا صناعيّة لتصوير الأرض في المدار ومراقبتها بدقّة عالية على مدار الساعة، يمكنهم كشف التغييرات التي تحصل على الأرض، وما يقومون به يفوق قدرة الحكومات.

يرى فريدمان أنّ ما جرى إنتاجه والتطوّر الذي شهده العالم في مسألة اللقاحات هو بمثابة إنجاز مذهل للتكنولوجيا الحيوية والخدمات اللوجستية

باعتقاد فريدمان، يمكن استئناف العمل بإعادة تشكيل الرأسمالية، من خلال استخدام أدوات الشفافية العميقة الجديدة. ويوضح أنّ قواعد وحوافز الرأسمالية مكّنت لسنوات شركات النفط والفحم من استخراج الوقود الأحفوري والتصنيع باستخدامه، من دون دفع التكلفة الحقيقية للضرر الذي تسبّب فيه. ولم يكن الأمر بالحسبان كثيرًا، لأنّ هناك نقصاً في تقدير أهمية الطبيعة، وكان يصعب رؤية الدمار في الوقت المناسب، ولم يمتلك المستهلكون أيّ أدوات للتفاعل مع هذا الدمار.

من جهته، أوضح كبير المسؤولين في “بلانيت” أندرو زولي أنّ “الرأسمالية أنتجت ثروة هائلة، ويعود ذلك جزئيًا إلى أنها كانت تتعامل مع الطبيعة على أنها تتجدّد بحدّ ذاتها”. لكنّ الأمر لن يبقى سهلاً بعد الآن، إذ “تتيح الأقمار الصناعية لنا وضع رأس المال في ميزانية كل شركة وكل دولة، لذلك لن تأخذ في الاعتبار أرباح وخسائر أعمالك فقط، بل جميع تأثيراتك على البيئة أيضًا”، بحسب ما قاله مارشال، من “بلانيت”، موضحًا أنّ “الأقمار الصناعية الخاصة ببلانيت، بالإضافة إلى الذكاء الاصطناعي، يمكنها تتبع الأشجار والأراضي الزراعية والشعاب المرجانية وانبعاثات الدخان بدقة مذهلة، كما توفر الشفافية لإظهار الأشجار التي تُقطع بشكل غير قانوني، ومن قام بذلك، وما هي المصانع التي تقوم بانتهاك الوعود الخاصة بانبعاثات ثاني أكسيد الكربون”.

ويدعو فريدمان إلى الإستعانة بهذه البيانات من أجل إثارة مقاطعة المستهلكين، ونشر المعلومات عن حكومات أو شركات أغذية أو تعدين تسبّب الضرر عبر وسائل التواصل الإجتماعي، ما يمكن أن يحفّز المساعدات أو الاستثمار في البلد أو المجتمع الذي يحمي موارده الطبيعية أيضًا.

إقرأ أيضاً: إغناتيوس: بايدن قلق من ألف رأس نووي صيني

الشركة الأخرى التي يراقب الكاتب عملها هي Helion Energy ومقرها واشنطن، والتي تعمل على “أوّل محطة للطاقة الاندماجية في العالم”، من خلال تطوير التقنيات من خلال مُسرع البلازما، الذي حصلت على براءة اختراعه والذي يستخدم وقود الديوتيريوم والهيليوم 3 كنقطة انطلاق. تعتبر الطاقة الاندماجية من أسس توليد الطاقة النظيفة، وأفادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية على موقعها على الإنترنت أنّ “الشمس، إلى جانب جميع النجوم الأخرى، تعمل من خلال تفاعل يسمى الاندماج النووي. إذا كان من الممكن تكرار الاندماج النووي على الأرض، فيمكن أن يوفر فعليًا طاقة نظيفة وآمنة وبأسعار معقولة”.

مواضيع ذات صلة

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…

الليلة الأخيرة لـ”ديكتاتور الشّام”..

تحملُ ليلة هروب رئيس النّظام السّوريّ المخلوع بشّار حافظ الأسد قصصاً وروايات مُتعدّدة عن تفاصيل السّاعات الأخيرة لـ”ديكتاتور الشّام”، قبل أن يتركَ العاصمة السّوريّة دمشق…

فرنجيّة وجنبلاط: هل لاحت “كلمة السّرّ” الرّئاسيّة دوليّاً؟

أعلن “اللقاءُ الديمقراطي” من دارة كليمنصو تبنّي ترشيح قائد الجيش جوزف عون لرئاسة الجمهورية. وفي هذا الإعلان اختراق كبير حقّقه جنبلاط للبدء بفتح الطريق أمام…