بكركي تعبّد الطرق الانتخابية لحاملي عناوينها..

مدة القراءة 5 د

لا قمم روحيّة بين مختلف الطوائف تُعقَد هذه الأيام. فقط لقاءات ثنائيّة تجمع رؤساء الطوائف، وآخر هذه اللقاءات كان يوم الجمعة، الذي جمع البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي وشيخ عقل طائفة الموحّدين الدروز، واقتصر على التهنئة وتكرار الراعي لمواقف بكركي المعهودة من الأزمات الراهنة. غير أنّ معلومات “أساس” تشير إلى أنّ اتصالات نشطت في محاولة لعقد قمّة روحيّة تجمع الطوائف كافّة بعد فشل المحاولات السابقة، لكن لمّا تصل هذه الاتصالات إلى خواتيم إيجابية. وتلفت مصادر بكركي إلى أنّ بطريرك الصرح الماروني جاهز للمشاركة في أيّ قمّة روحية من دون شروط. وكذلك هو حال المفتي عبد اللطيف دريان وشيخ عقل الطائفة الدرزية. غير أنّ العقبة، التي تعترض عقد أيّ قمّة روحية جامعة، بحسب مصادر متابعة للاتصالات الجارية، هي اشتراط المرجعيّة الشيعية إدراج بعض البنود الإشكاليّة في البيان الختامي، وهذا ما لا توافق عليه المرجعيّات الأخرى.

تشير مصادر الصرح إلى أنّ حزب القوات اللبنانية هو أكثر الأحزاب قرباً إلى عناوينها، ولا سيّما في الأشهر الأخيرة حين قرّر رئيس حزب القوات سمير جعجع الخروج عن صمته والدخول في المواجهة

الكنيسة مجتمعة: مؤتمر دوليّ للبنان محايد

غير أن هذا الإشكال لم يمنع أن يعقد مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان دورته السنويّة العاديّة الرابعة والخمسين، أمس في الصرح البطريركي في بكركي، برئاسة الراعي، وبمشاركة البطريرك الأنطاكي للسريان الكاثوليك مار أغناطيوس يوسف الثالث يونان، وبطريرك أنطاكيا وسائر المشرق والإسكندرية وأورشليم للروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي، وكاثوليكوس بطريرك بيت كيليكيا للأرمن الكاثوليك روفائيل بدروس الحادي والعشرين، ومطارنة الكنائس الكاثوليكية، والرؤساء العامّين. وقد شارك في الجلسة الافتتاحية ممثّل السفير البابويّ المطران جوزف سبيتيري، والقائم بأعمال السفارة البابوية في لبنان المونسنيور جوزبي فرانكوني.

 تحت عنوان الرؤية الوطنية للكنيسة، أصدر المجتمعون بياناً ختامياً، أبرز ما فيه جاء في البندين الأوّلين.

1- يقف أعضاء المجلس إلى جانب البطريرك الماروني الراعي في مبادرته الوطنيّة الهادفة إلى إنقاذ لبنان بعد استعصاء التوافق السياسي في الظروف الراهنة، وذلك عبر الدعوة إلى إعلان حياد لبنان الناشط والملتزم، وعقد مؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة لتطبيق القرارات الدوليّة التي لم تُطبَّق، واستكمال تنفيذ اتفاق الطائف، وحماية سيادة لبنان، وإيجاد الحلول لمشكلة اللاجئين والنازحين.

2- يؤكّد المجتمعون تمسّكهم بالثوابت الوطنية، أي العيش المشترك والميثاق الوطني والصيغة التشاركيّة بين المكوّنات اللبنانية في النظام السياسي. ويؤكّدون تبنّيهم لِما جاء في وثيقة الوفاق الوطني (1989) والدستور (1990) الذي ينصّ في مقدّمته على أنّ لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه، وأرض واحدة لكلّ اللبنانيين، فلا فرز للشعب على أساس أيّ انتماء كان، ولا تجزئة، ولا تقسيم، ولا توطين (فقرة ط)، وأنّه يجب رفع الشرعية عن أيّة سلطة تناقض العيش المشترك (فقرة ي)، وأنّ لبنان دولة مستقلّة ذات وحدة لا تتجزّأ وسيادة تامّة (مادة 1). ويطالبون باعتماد اللامركزيّة الإداريّة الموسّعة ضمن دولة مركزيّة قويّة.

تحدّثت مصادر بكركي عن أهميّة البندين لأنّهما أكّدا اجتماع الكنيسة بأركانها المختلفة خلف العناوين التي طالما أطلقها الراعي حول لبنان المحايد وحول ضرورة عقد مؤتمر دولي من أجل لبنان. وفيهما تأكيد أيضاً على صيغة لبنان بنظامه ودستوره وعيشه المشترك. وجاء هذا البيان، كما تقول مصادر بكركي، لينفي كلّ الأخبار التي تحدّثت عن خلافات في صفوف الكنيسة حول طروحات الراعي. وعلى الرغم من أنّه ليس لبكركي مجلس نيابي أو وزاري، بمعنى أنّه ليس لديها أيّ أدوات تنفيذية لأطروحاتها، غير أنّ هذه العناوين تضاف إلى عناوين أخرى في المسار نفسه لتُتَرجم في لحظة التقاء إقليمية دولية محلّية.

إقرأ أيضاً: الراعي يتراجع عن مبادرته؟

وتشير مصادر الصرح إلى أنّ حزب القوات اللبنانية هو أكثر الأحزاب قرباً إلى عناوينها، ولا سيّما في الأشهر الأخيرة حين قرّر رئيس حزب القوات سمير جعجع الخروج عن صمته والدخول في المواجهة. ويعني ذلك أنّ معراب التحقت ببكركي وليس العكس. وتبدي هذه الأوساط ارتياحها إلى أن تكون المرجعيّة الروحية الأولى مارونيّاً قريبة من الحزب المسيحي الأوّل، غير أنّها تعبّر عن حسرة على عدم القدرة على عقد لقاء يجمع الأحزاب المسيحية تحت سقف الصرح الذي طالما حاول جمع قيادات الأحزاب وتنظيم اختلافهم تحت سقف الراعي. فشل سيّد بكركي في هذه المهمّة حتى الساعة، ويبدو أنّ مصيرها لن يتغيّر. فالأشهر المتبقّية قبل استحقاق الانتخابات ستكون مشحونة بالعصبيّات السياسية، ولن تترك مجالاً للقاء، ولو تحت سقف الصرح الماروني. غير أنّ المواقف فرزت الأحزاب كلّاً في موقعه، وحدّدت مدى اقتراب كلّ حزب من عناوين بكركي أو ابتعاده عنها. فهل تكون طريق الصرح طريقاً إلزامية للنجاح في الاستحقاق المقبل؟ وهل تعبّد بكركي الطرق الانتخابية لحاملي عناوينها؟ للبحث أكثر من صلة.

مواضيع ذات صلة

هل تملأ مصر فراغ التّسليم والتّسلّم؟

يترنّح المسار التفاوضي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية تحت وطأة الضغوط العسكرية التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية في عدوانها الوحشي بحقّ لبنان. في الأثناء، يواظب الموفد…

برّي ينتظر جواب هوكستين خلال 48 ساعة

تحت وقع النيران المشتعلة أعرب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب عن موافقته على أن يستكمل الرئيس جو بايدن مسعاه للوصول إلى اتّفاق لوقف إطلاق النار…

الجيش في الجنوب: mission impossible!

لم يعد من أدنى شكّ في أنّ العدوّ الإسرائيلي، وبوتيرة متزايدة، يسعى إلى تحقيق كامل بنك أهدافه العسكرية والمدنية، من جرائم إبادة، في الوقت الفاصل…

وزير الخارجيّة المصريّ في بيروت: لا لكسر التّوازنات

كثير من الضوضاء يلفّ الزيارة غير الحتميّة للموفد الأميركي آموس هوكستين لبيروت، وسط تضارب في المواقف والتسريبات من الجانب الإسرائيلي حول الانتقال إلى المرحلة الثانية…