أغناتيوس: محاولة اغتيال الكاظمي.. ضمنت ولايته الثانية

مدة القراءة 5 د

بعد أيّام من محاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، لم تحقّق الحادثة الغاية المرجوّة منها، والمتمثّلة بإبعاد الكاظمي عن الساحة السياسيّة، بل إنّها أتت “بنتائج معاكسة لِما كان مخطّطاً له”، بحسب الكاتب في صحيفة “واشنطن بوست” ديفيد إغناتيوس، الذي لفت إلى أنّ عمليّة الاغتيال شكّلت صدمة للكثير من العراقيين، وقوّضت المجموعات التي ترعاها إيران، والتي كانت تحاول طرد رئيس الوزراء من السلطة.

دعا الكاظمي إلى الهدوء، واستنكر ما وصفه بالعدوان “الجبان”، الذي أدانته الأمم المتحدة والإدارة الأميركية وعدد من السياسيين العراقيين، وحتى إيران. وقد جرى الهجوم باستخدام ثلاث طائرات مسيّرة، تمكّنت القوى الأمنيّة من إسقاط اثنتين منها، فيما استهدفت الثالثة مقرّ إقامة الكاظمي، “وهو فيلا صغيرة” حيث التقى به الكاتب قبل أشهر ووصفها بأنّها “مزيّنة”.

تطوّرت الأحداث في بغداد حتى وصلت إلى محاولة اغتيال الكاظمي الذي يأمل الكثير من العراقيين أن يصل إلى حلّ وسط بين إيران والولايات المتحدة، وأن ينفّذ الإصلاحات اللازمة لمكافحة الفساد المستشري

وأوضح إغناتيوس تداعيات الهجوم على منزل الكاظمي، مستشهداً بما كشفته مديرة حلّ النزاعات في معهد الشرق الأوسط رندا سليم، في رسالة عبر البريد الإلكتروني، عن وجود “أدلّة ظرفية كافية تشير إلى أنّ المجموعات العراقية المدعومة من إيران هي التي دبّرت هذا الهجوم، لكنّ النتائج جاءت عكسيّة على المجموعات، لأنّ الخطوة غير المحسوبة جيّداً حقّقت عكس هدفها المتمثّل في منع الكاظمي من تولّي رئاسة الوزراء ولاية ثانية. لأنّ محاولة الاغتيال الأخيرة جعلت ولايته الثانية في المنصب شبه مؤكّدة”.

 ووصف الكاتب الكاظمي بأنّه من “الشخصيّات النادرة في الشرق الأوسط التي تحدّت تهديدات إيران ووكلاءها بدون تردّد”، موضحاً أنّه “منذ تولّيه السلطة في أيار 2020، بات رئيس الوزراء يعيش في مرمى النيران، وحاول توفيق المسارات بين الولايات المتحدة وإيران، لكنّ المجموعات المدعومة من إيران هاجمت المنطقة الخضراء وقتلت أحد أصدقائه وتحدّت مسؤوليه الأمنيّين ضمن حملة لترهيبهم”.

ولفت إلى أنّ غضب هذه المجموعات يعود بجزء منه إلى الفشل الذي مُنيت به خلال الانتخابات التي جرت في تشرين الأول، إذ كان الرابح الأبرز فيها رجل الدين العراقي مقتدى الصدر الذي حاول النأي بنفسه عن إيران كما فعل الكاظمي، ووعد بأنّه “لن يترك العراق في قبضة طهران”. وفازت كتلة الصدر بـ 73 مقعداً في مجلس النواب الذي يضمّ 329 نائباً، فيما حصل التحالف الموالي لإيران على 17 مقعداً فقط.

وأشار إغناتيوس إلى أنّ الكاظمي لم يترشّح في الانتخابات، آملاً أن يتّجه إليه الصدر وغيره من القادة كسياسيّ مستقلّ، كما فعلوا خلال العام الماضي. وكان من المتوقّع أن يستأنف الكاظمي المحادثات حول تشكيل حكومة جديدة مع الصدر ومع السياسيين البارزين في نهاية تشرين الثاني وبداية كانون الأول.

مسؤول عراقي مقرّب من الكاظمي: عدد المصابين في صفوف القوى الأمنيّة تجاوز 80، وسُجّلت 27 إصابة بين المحتجّين

لكنّ اللافت، بحسب الكاتب، هو ما أطلقته المجموعات، التي تحظى بدعم من إيران، من اتّهامات بعدم النزاهة وبأنّ الانتخابات شابها تزوير، وذلك بعد إعلان النتائج، على الرغم من أنّ الاقتراع راقبته الأمم المتحدة وجماعات مستقلّة أخرى. وأضاف الكاتب أنّ المجموعات الإيرانية أطلقت على حركتها الاحتجاجية عبارة “أوقفوا السرقة”، في إشارة مستغربة إلى الرئيس السابق دونالد ترامب.

وما لبثت الاحتجاجات أن تحوّلت إلى أعمال عنف يوم الجمعة، بعدما قامت المجموعات الرافضة لنتائج الانتخابات بمحاصرة المنطقة الخضراء ومهاجمة القوى الأمنيّة التي تحمي المكاتب الحكومية والسفارات الأجنبية في تلك المنطقة.

ونقل الكاتب عن مسؤول عراقي مقرّب من الكاظمي قوله له إنّ عدد المصابين في صفوف القوى الأمنيّة تجاوز 80، وسُجّلت 27 إصابة بين المحتجّين. ولفت المسؤول إلى أنّ رئيس الوزراء كان يحاول تهدئة المواجهات، لكنّ ما حصل هو “حملة منظّمة لعرقلة إعادة انتخاب الكاظمي”، وفقاً للمسؤول العراقي.

وتطوّرت الأحداث في بغداد حتى وصلت إلى محاولة اغتيال الكاظمي الذي يأمل الكثير من العراقيين أن يصل إلى حلّ وسط بين إيران والولايات المتحدة، وأن ينفّذ الإصلاحات اللازمة لمكافحة الفساد المستشري. وأكّد رئيس الوزراء نيّته ملاحقة مرتكبي الهجوم، قائلاً: “نحن نعرفهم جيّداً، وسنكشفهم”.

إقرأ أيضاً: “إعلام الحزب”: أميركا مسؤولة عن اغتيال الكاظمي

أمّا من جانب إيران والمجموعات الموالية لها، فكانت هناك محاولات للإيحاء بمسؤولية الولايات المتحدة عمّا حدث، إذ قال الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده: “أدعو إلى التحلّي باليقظة لمواجهة المؤامرات الرامية إلى استهداف أمن العراق. مثل هذه الأحداث يصبّ في مصلحة مَن انتهك سيادة العراق واستقلاله على مدى 18 عاماً”.

وختم الكاتب مقاله مستبعداً أن تنال هذه المناورات المعادية لأميركا زخماً، حتى بين العراقيين الذي يصدّقون نظريّة المؤامرة، لافتاً إلى أنّ أمام الكاظمي فرصة أفضل من قبل ليتمسّك بالسلطة ويحقّق الإصلاحات التي يحتاج إليها العراق.

مواضيع ذات صلة

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…

الليلة الأخيرة لـ”ديكتاتور الشّام”..

تحملُ ليلة هروب رئيس النّظام السّوريّ المخلوع بشّار حافظ الأسد قصصاً وروايات مُتعدّدة عن تفاصيل السّاعات الأخيرة لـ”ديكتاتور الشّام”، قبل أن يتركَ العاصمة السّوريّة دمشق…

فرنجيّة وجنبلاط: هل لاحت “كلمة السّرّ” الرّئاسيّة دوليّاً؟

أعلن “اللقاءُ الديمقراطي” من دارة كليمنصو تبنّي ترشيح قائد الجيش جوزف عون لرئاسة الجمهورية. وفي هذا الإعلان اختراق كبير حقّقه جنبلاط للبدء بفتح الطريق أمام…