هل تصبح التوصية الفرنسية… قراراً أممياً؟

مدة القراءة 5 د

– لبنان لم يعد موجوداً!

– ضرورة وجود قوات دولية على أرضه تحت إشراف الأمم المتحدة.

– توسيع صلاحيّات البنك الدولي للضرورات الإنسانية.

– تقديم كلّ الدعم لولادة لبنان الجديد.

– حماية التحوّلات الديموقراطية.

 

التسجيل قديم لكن لا يسقط ولا يموت بفعل الزمن والتقادم

هذا الفيديو المرفق هو تسجيل سابق يعود لشهر تموز من هذا العام (2021)، أي عمره أكثر من أربعة أشهر، يضمّ التوصيات والمقرّرات بخصوص لبنان الصادرة عن لجنة الدفاع البرلمانية الفرنسية. هي عبارات ليست بالجديدة أبداً، ونحن نسمعها ونتعايش معها ونتخبّط فيها منذ مدّة، وحتى قبيل الأزمة الراهنة.

[VIDEO]

صحيح أنّ هذا المقطع المنتشر هو قديم نسبيّاً، إلا أنّ تبعاته مستمرّة ومقرّراته متداولة وبتطوّر تصاعديّ، وهو لا يسقط بمرور الزمن، بل على العكس من ذلك فهو تصريح مرن وقابل للتطوّر والتوسّع بحسب ما تقتضيه الظروف والوقائع والتقاطعات، ولا بدّ أن يكون في إعادته ونشره غير العفوي إفادة، فهو كلام صادر عن مقرّري لجنة معيّنة بشأن الشرق الأوسط دعت إلى التدخّل السريع في لبنان.

مثل هذه التوصيات هي نتيجة مشاورات جارية في الكواليس الدولية بخصوص لبنان، في أروقة صناعة القرار، وهي مستمرّة إلى وقتنا هذا من خلال هذا الخطاب وغيره من المبادرات، وصولاً إلى القمّة السعودية – الفرنسية التي نتج عنها إعلان جدّة ومقرّراته، وقمّة الرياض ومقرّراتها أيضاً.

الأهمّ من ذلك يكمن في أنّ مواقف فرنسا والخليج العربي والمجتمع الدولي تقاربت بعدما كان موقف فرنسا متمايزاً. خصوصاً بعد القمة الفرنسية السعودية، التي تُوِّجت بإعلان جدّة المشترك. وهو مسار تصاعدي يدعم ويتمّم التوصية الفرنسية الصادرة بخصوص لبنان في الفيديو المرفق.

 

تحوُّل التوصية الفرنسيّة إلى إعلان دوليّ ملزم أكثر

تحوّلت التوصية الفرنسية وتطوّرت بفعل تبدّل الظروف وتردّي الحال اللبنانية ونتيجة تبدّل الطرق وآليّات التعامل معها. وبحسب البيانات العربية والدولية، كأنّها تقترب من تحوّلها إلى إعلان دولي، ليصير لبنان ملزماً بتحمّل مسؤوليّاته، وأن يثبت أنّه ليس دولة فاشلة، ضمن سلّة أولويّات هي التالية:

– الشروع الحقيقي في تطبيق الإصلاحات.

– تطبيق القرارات الدولية واحترامها بشكل متساوٍ.

– وضع حدّ لسلوكيّات حزب الله.

– احترام مهل الإجراءات الدستورية وإجراء الانتخابات النيابية والرئاسية.

المطلوب من لبنان ليس كثيراً، وخلاصته أن يحترم مبدأه السيادي والحيادي “لا للشرق ولا للغرب”، وألّا يحوّله إلى مبدأ “ضدّ الشرق وضدّ الغرب”

تحوُّل إعلان جدّة إلى قرار أمميّ

تتمحور الأولويّة السعودية الفرنسية حول إقناع المجتمع الدولي بأنّ الأصل هو حماية صيغة الكيان اللبناني التعدّدي الذي يجب أن ينتهج مبدأ الحياد السيادي في علاقته وسياسته الخارجية. فالمطلوب من لبنان ليس كثيراً، وخلاصته أن يحترم مبدأه السيادي والحيادي “لا للشرق ولا للغرب”، وألّا يحوّله إلى مبدأ “ضدّ الشرق وضدّ الغرب”.

ففرنسا والمملكة العربية السعودية بشكل خاص والمجتمع الدولي بشكل عام، أصيب بخيبات أمل جمّة نتيجة نشاطات “الدويلة” في لبنان، والحراك اللامسؤول من المسؤولين اللبنانيين في السلطة. فلبنان الذي نعرفه يقترب من الزوال، ليس بالمعنى المادّي بل بالانهيار الإداري والمؤسساتي والاقتصادي والاجتماعي والسكاني، وبالطبع القانوني والسياسي. هناك خوف من اختفاء لبنان عن الخارطة السياسية، والمقصود هنا هو اختفاء الأولويّات المتّصلة بلبنان، وأن يصبح على هامش المنظومة الدولية، وأن تتقدّم دول كثيرة عليه. وهي تقدّمت فعليّاً.

إقرأ أيضاً: فرنسا والأسئلة اللبنانيّة

لذلك إذا عدنا إلى نصّ التسجيل وسلسلة التصاريح السابقة، سواء تلك الصادرة عن فرنسا أو المملكة العربية السعودية أو بقية أطراف المجتمع الدولي، نجدها كلّها متجانسة ومتقاطعة حول ضرورة حماية لبنان، ومتناغمة حول ضرورة تحصين سيادته واستقلاله وأن لا يكون منصّة غير مستقرّة للتهجّم على محيطه وأصدقائه. وهي تحذيرات لكي لا يقع لبنان في محظور الدولة الفاشلة والمتمرّدة والمتحلّلة من كلّ التزاماتها وغير المحترِمة لقراراتها الدولية. لذا نلاحظ أنّ آليّة التعامل مع الوضع في لبنان ليسا ثابتاً. وكلّما تردّى الوضع اللبناني سوف يكون هنالك تشدّد دوليّ أكثر وسياق تصاعديّ في المبادرات بشكلها وطريقة صوغها. وهذا ما نلمسه حاليّاً وسوف نراه مستقبلاً، وهو ما تبلور أخيراً في التقارب الفرنسي مع المملكة وتأييد القناعة والرأي السعوديّيْن، بحيث تكون طريقة التعامل الفرنسي مع الوضع اللبناني مختلفة وجديدة وتصاعدية، وبذلك تحوّلت التوصية الفرنسية إلى إعلان سعودي فرنسي من المرجّح أن يتحوّل هو نفسه إلى قرار أمميّ جديد يظلّل لبنان ويفتح له أبواباً إضافية لمحاولة الخروج من الدويلة.

 

*- استاذ محاضر في كلية باريس للأعمال والدراسات العليا.

 خبير قانوني في المفوضية الأوروبية.

 مستشار قانوني واستراتيجي في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس – سويسرا.

مواضيع ذات صلة

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…