إيران ضاعفت ميزانية “الحرس الثوري”: إلى العرب… دُر

مدة القراءة 8 د

من 403 تريليونات ريال إيراني إلى 930 تريليون ريال إيراني (ما يعادل 22 مليار دولار) خصّصته الحكومة الإيرانية الجديدة لـ”الحرس الثوري الإيراني” العام المقبل. وهي في زيادة بأكثر من الضعف. ما يعني أنّ المشروع الذي تعمل عليه إيران في الدول العربية سيتضاعف حجمه، نشاطه، اعتداءاته، وقدراته التخريبية ونفوذه وانتشاره…

لنعد إلى بداية الحكاية.

مع اندلاع ثورات الربيع العربي، استشعرت إيران خطر هذه الثورات على العواصم التي تهيمن عليها، فأرسلت عقِب انطلاق الاحتجاجات المطالِبة بإسقاط الأنظمة مجموعة من القادة والخبراء والمستشارين الأمنيّين والعسكريّين، ومن أبرزهم قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الجنرال قاسم سليماني، إلى دمشق وبيروت وبغداد وصنعاء، ودعمتها بأعداد كبيرة من حزب الله اللبناني و”الحرس الثوري الإيراني”، وذلك في مسعى لحماية خريطة النفوذ والتمدّد الإيراني الأمنيّ والعسكري والاقتصادي في المنطقة.

ومع استمرار الاحتجاجات المطالِبة بإسقاط الأنظمة وتمدّدها، بدأت ميليشيات إيرانية بدعم بشار الأسد، الحليف الأبرز لطهران، في مواجهاته مع الفصائل التي شُكّلت في المدن والبلدات السورية لمقاومة قمع السلطة، واحتفظت هذه الميليشيات بحضور قوي داخل الأراضي السورية، وتعمّقت ضمن أجهزة أمنيّة وعسكرية تابعة للنظام بمختلف المستويات والأشكال.

وفقاً لتقديرات مختلفة ومع بدء انهيار النظام السوري في العام 2013، أنشأت إيران ميليشيات محليّة تتبع مباشرة لـ”الحرس الثوري الإيراني” في جميع أنحاء سوريا.

استخدمت إيران العامل الأيديولوجي في تجنيد هذه الميليشيات، تحت فكرة حماية “الأضرحة الشيعية”. واستخدمت العامل المادّي في جذب مقاتليها.

تم تدريب “الحرس الثوري الإيراني” المجنّدين في سوريا على الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، بحسب مركز Atlantic Council الأميركي للدراسات الدولية، ومنحت كلّ المسلّحين الذين جنّدتهم تحت قيادة “الحرس الثوري الإيراني”  ما بين 450 و700 دولار أميركي شهرياً.

المبالغ الضخمة التي دفعتها إيران لتجنيد مسلّحيها ضمن ميليشيات محلّية وأجنبية، ظهرت بشكل واضح على الأرض، إذ بيّنت خريطة  توزُّع السيطرة في سوريا في كانون الثاني 2021 أنّ إيران والميليشيات التابعة لها تستحوذ على 131 موقعاً عسكرياً في البلاد منتشرة في عشر محافظات.

وبالإضافة إلى ذلك، يسيطر حزب الله على 116 نقطة عسكرية إضافية في جميع أنحاء سوريا. وتشير التقديرات إلى أنّ حزب الله والميليشيات الشيعية الأخرى بقيادة الحرس الثوري الإيرانيتسيطر على نحو 20 في المئة من حدود سوريا.

وفي 16 من كانون الأول الحالي، ضاعفت الحكومة الإيرانية الميزانية المخصّصة لـ”الحرس الثوري” في مشروع قانون الموازنة العامّة للبلاد لعام 2022 مع رقم 22 مليار دولار.

في هذا التقرير يكشف أساسكيف سينعكس رفع تمويل الحرس الثوري الإيرانيعلى ميليشياتها وأنشطتها في سوريا؟

الباحث والمتخصّص في الشؤون الإيرانية، أيمن محمد، يقول لـ”أساس” إنّ “الحكومة الإيرانية خفّضت من حصّة وزارة الدفاع الإيرانية، مقابل رفع الدعم المالي لـ”الحرس الثوري” في موازنة 2022. بما يشير إلى تزايد الدور الذي سيلعبه الحرس الثوري في الخارج من أجل تعزيز النفوذ، وبما يشير أيضاً إلى فشل سياسات الحرس إلى حدّ كبير خلال العام المنقضي”.

ويضيف: “بينما تواجه إيران تحدّيات اقتصادية، نرى بوضوح مساعيها إلى تجديد الخبرات والأعتدة في ميليشيا الحرس الثوري التي اُستُنفدت بسبب الحروب في سوريا والمنطقة العربية”.

من التمدّد إلى التحصّن

بدأ “الحرس الثوري” مهامّه بصفته قوة محلية، قبل الحرب العراقية – الإيرانية في عام 1980. عندئذٍ شرع الخميني في توسيع صلاحيّاته، وهيّأ له الأرضية لإنشاء وحدات إضافية، بحرية وجويّة.

وفي حين تتولّى القوات المسلحة الإيرانية مهمّة حماية الحدود والأمن الداخلي للبلاد، يتولّى “الحرس الثوري” مهمّة الدفاع عن التمدّد الإيراني خارج البلاد، وحماية النظام الحاكم.

وتكشف دراسة لمعهد Newlinesinstitute الأميركي، وهو “مركز السياسة العالمية” سابقاً، أنّ الميليشيات العراقية المموّلة إيرانياً أنشأت نظاماً جديداً للسيطرة على المنطقة الواصلة بين سوريا والعراق، فيما تسيطر الميليشيات الإيرانية على مدينة البوكمال السورية شرقي دير الزور، التي تضمّ معبر القائم الحدودي.

حديث الصورة: مجموعة من مسلّحي الميليشيات التي تديرها إيران في سوريا.

وأدّت سيطرة الميليشيات على البوكمال من الجانب السوري وتمركزها في محافظة نينوى من الجانب العراقي، إلى امتداد النفوذ الإيراني برّيّاً من إيران مروراً بالعراق إلى سوريا، وهو ما يشير بشكل واضح إلى تمدّد وتحصّن النفوذ الإيراني.

بدوره، يعتبر الباحث في “معهد الشرق الأوسط” مايكل تانشوم، في تقرير للمعهد، أنّ “الحرس الثوري الإيراني يستخدم الحروب البديلة غير المباشرة من خلال اعتماده على الميليشيات، والطائرات المسيّرة، بما يوفّر طريقة فعّالة من حيث التكاليف، تضمن القوّة الرادعة التي تبحث عنها طهران. وستوفّر هذه المخصّصات الماليّة لطهران القدرة على الإنفاق على ميليشياتها في المنطقة، من أجل الاستمرار بالهجمات التي نفّذتها، كما حصل في الهجوم على منشأة (بقيق) في السعودية، والهجوم الذي استهدف ميناء (الفجيرة) الإماراتي”.

بحسب خبراء، يدرّب “الحرس الثوري الإيراني” الميليشيات التي تتبع له في معسكرات خاصة في منطقة مشهد شمال شرقي إيران، وينقلها من العراق إمّا برّاً وإمّا جوّاً إلى سوريا، حيث تتمركز في قواعد عسكرية ومعسكرات، مثل مطار دمشق الدولي في العاصمة، ومطار التيفور وسط سوريا، وقاعدة “إزرع” جنوب سوريا، وقاعدة “السيّدة زينب” قرب العاصمة دمشق، ومعسكر “الكسوة” في ريف دمشق الغربي، ومخيّم “الزبداني” على الحدود السورية اللبنانية، ومخيّم “القصير” غرب مدينة حمص على الحدود مع لبنان.

حديث الصورة: تسيطر حالياً الميليشيات الإيرانية على حوالي 20 في المئة من سوريا.. يتحكّم حزب الله بالحدود اللبنانية السورية في كلّ من الزبداني والقصير ومنطقة القلمون الجبلية. وبالمثل، تدير الميليشيات الشيعية العراقية كلا جانبيْ الحدود من البوكمال إلى التنف.

 

تعزيز النفوذ وتنفيذ الهجمات

 

يحذّر الباحث في معهد الشرق الأوسط تانشوم من أنّ رفع الميزانية الدفاعية لإيران يعني زيادة قدرات “الحرس الثوري” على استخدام الصواريخ الباليستية، وتطوير طائرات مسيّرة، بما يغيّر من معادلة القوة لمصلحتها.

بالإضافة إلى ذلك، يعتقد ثلاثة خبراء تواصل معهم “أساس” أنّ الميزانية ستمكّن “الحرس الثوري الإيراني” من دفع مبالغ ماليّة إضافية للمجنّدين في ميليشياته أيضاً.

وتنقسم الميليشيات التي تديرها ميليشيا “الحرس الثوري الإيراني” في سوريا إلى عدة مجموعات هدفها شنّ عمليات عسكرية وتعزيز الوجود الإيراني مقابل مبالغ ماليّة يدفعها الحرس الثوري للمسلّحين في هذه القوات، ومن بينها:

تعزيز النفوذ وتنفيذ الهجمات
يشير الباحث في مركز “جسور للدراسات” وائل علوان، في اتصال مع “أساس”، إلى أنّ “الحرس الثوري” يُعتبر القوة العسكرية الأساسية لإيران لتنفيد المهامّ العسكرية والهجومية الخارجية.

ويبيّن الباحث أنّ “الحرس الثوري” ساهم في توسيع نطاق نفوذ إيران، بحيث شمل شواطئ البحر المتوسط والبحر الأحمر، وبات يمتدّ من العراق إلى اليمن.

ويحذّر الباحث في معهد الشرق الأوسط تانشوم من أنّ رفع الميزانية الدفاعية لإيران يعني زيادة قدرات “الحرس الثوري” على استخدام الصواريخ الباليستية، وتطوير طائرات مسيّرة، بما يغيّر من معادلة القوة لمصلحتها.

بالإضافة إلى ذلك، يعتقد ثلاثة خبراء تواصل معهم “أساس” أنّ الميزانية ستمكّن “الحرس الثوري الإيراني” من دفع مبالغ ماليّة إضافية للمجنّدين في ميليشياته أيضاً.

وتنقسم الميليشيات التي تديرها ميليشيا “الحرس الثوري الإيراني” في سوريا إلى عدة مجموعات هدفها شنّ عمليات عسكرية وتعزيز الوجود الإيراني مقابل مبالغ ماليّة يدفعها الحرس الثوري للمسلّحين في هذه القوات، ومن بينها:
1- قوات الدفاع الوطني: شُكّلت عام 2012 في مدينة حمص بدعم إيراني، ويُقدّر عدد مقاتليها بـ40 ألفاً. وطالبت النظام السوري عام 2016 بشرعنتها ودمجها مع قوات النظام، كقوات ميليشيا الحشد الشعبي الشيعي في العراق.

2- قوات الدفاع المحليّة: شُكّلت من مجنّدين من محافظات حلب ودير الزور والرقّة، وهي جزء من قوات جيش النظام السوري، ويُقدّر عدد مقاتليها بأكثر من 50 ألفاً، وأبرز مجموعاتها “لواء الباقر” و”لواء نبّل والزهراء” و”قوات القاطرجي”.

3- الميليشيات العراقية: ظهرت في سوريا نهاية 2012، ووجّهتها إيران لدعم الأسد، ومن أبرز مجموعاتها كتيبة “ذو الفقار”، ولواء “أبو الفضل عباس”، ولواء “أسعد الله الغالب”، ولواء “الإمام علي”، ولواء “عصائب أهل الحق”.

4- الميليشيات الأفغانية: جنّدت إيران الشيعة الأفغان في إيران وأفغانستان، وشكّلوا لواء “فاطميون” الذي ظهر في سوريا في تشرين الثاني عام 2012، ويُقدّر عدد مقاتليه بثلاثة آلاف إلى أربعة آلاف مقاتل موزّعين على ثلاث كتائب في دمشق وحلب وحماة.

إقرأ أيضاً: إيران تحرق أسواق الشام… لتشتريها

5- الميليشيات الباكستانية: تتضمّن المجنّدين من شيعة باكستان، وشكّلوا لواء “زينبيون” الذي ظهر في سوريا في بداية عام 2013، ويُقدّر عدد مقاتليه بخمسة آلاف، وينتشرون في محافظات دمشق وحلب ودرعا وحماة.

6- حزب الله اللبناني: دخل مسلّحو حزب الله اللبناني في أيار عام 2011 إلى سوريا، وقدّم الحزب التدريب والدعم الفنّي لقوات الأمن وجيش النظام السوري، ونفّذ مهامّ قتالية ميدانية منذ 2013، ويُقدّر عدد مقاتليه بخمسة آلاف مقاتل في سوريا.

مواضيع ذات صلة

هل يستبدِل برّي حليفه فرنجيّة بأزعور؟

يدور الاستحقاق الرئاسي في حلقة مُفرغة، أحد أبرز عناصر كَسرِها التوصّل داخلياً إلى تسوية تَمنع الثنائي الشيعي من أن يكون في جلسة التاسع من كانون…

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…