الشرخ بين رئيس مجلس النواب نبيه بري وفريق رئيس الجمهورية لا يحتاج إلى كلام لتأكيده. ما يمكن إضافته إلى مجموعة التباينات بين الفريقين هو الشرخ القائم بسبب الاختلاف في مقاربات حلّ أزمة التحقيق العدلي بين الرئيس بري ووزير العدل هنري خوري.
حتى الأمس القريب كان رئيس المجلس ثابتاً في موقفه لجهة انطلاق الحل من مجلس النواب عبر جلسة تضع على جدول أعمالها التصويت على مسار المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء شرط أن يكون ذلك جامعاً، أو الحدّ الأقصى الذي نادى به السيّد حسن نصر الله وهو قيام وزير العدل بتسمية اسم قاضٍ آخر غير البيطار مختصراً كلّ المسارات الأخرى لحلّ الأزمة.
في معلومات “أساس” أنّ نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي تواصل مع خوري مناقشاً معه ما آلت إليه الأمور وما يمكن القيام به. وقد فُهِم من هذا التواصل أنّه مسعى من برّي لكسر الجمود الحاصل
في المقابل، يبدو وزير العدل، وخلفه فريق رئيس الجمهورية، متمسّكاً بموقفه لعدم قدرته في الأساس على تسمية قاضٍ آخر من دون موافقة مجلس القضاء الأعلى، وهو أمر غير متوافر حالياً، وبمبدأ فصل السلطات من خلال تصميمه على الاقتراح الأول الذي سبق أن طرحه منذ بداية الأزمة، وهو إنشاء هيئة اتّهامية للنظر في قرارات القاضي العدلي.
جمود المشهد وثبات اللاعبين فيه على مواقفهم خَرَقه تواصلٌ بين مقرّبين من برّي ووزير العدل لإيجاد المخارج الممكنة. وفي معلومات “أساس” أنّ نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي تواصل مع خوري مناقشاً معه ما آلت إليه الأمور وما يمكن القيام به. وقد فُهِم من هذا التواصل أنّه مسعى من برّي لكسر الجمود الحاصل، فسمع الفرزلي الجواب نفسه: “لنذهب إلى إنشاء هيئة اتهامية تستأنف قرارات القاضي العدلي، وغير ذلك لا صلاحيّات لوزير العدل. فأيّ قرار بتعيين قاضٍ آخر يحتاج إلى موافقة مجلس القضاء الأعلى.”
وبناءً على تمسّك خوري بموقفه وتمسّك مجلس القضاء الأعلى بالقاضي البيطار، أمام الرئيس برّي خياران: إمّا إبقاء الأمور جامدة بانتظار خرق ما، وإمّا عودة التواصل مع وزير العدل للتوصّل إلى حلّ، وهو ما بدأ فعلاً.
يقول نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي لـ”أساس” إنّ التواصل مع خوري حدث على هامش المشاركة في الهيئة العامّة التي انعقدت في الأونيسكو، مؤكّداً أن لا جديد كفيل بخرق الأزمة، معلّقاً على فكرة إنشاء الهيئة الاتهامية بالقول إنّ المبدأ العامّ ينصّ على أن تُعالج القضايا المستقبلية وليس القضايا العالقة، ولذلك النقاش حولها علميّ وتقنيّ.
في المقابل، تقول مصادر رئيس الجمهورية إنّ “موقف الثنائي لم يعد مفهوماً ولا مبرَّراً، وكأنّ الهدف ليّ ذراع رئيس الجمهورية. وعندما نسألهم عن ذلك وعن غياب أيّ مبادرة للحلّ، يضع كلّ من الثنائي الطابة في ملعب الآخر. ومن هذا المنطلق الدعوة إلى عقد جلسة حكومية يجب أن تكون قائمة، وحجّة الميثاقية ساقطة لأنّها لا تُستخدم إلا على القضايا الوجودية الكبرى، ونحن لا نرى في موقف حزب الله وحركة أمل من التحقيق بعداً وجوديّاً”.
إقرأ أيضاً: قريبون من برّي: البيطار يلعب بالنار
يقودنا هذا الكلام إلى المواجهة التي يخوضها وزير الثقافة محمد مرتضى الذي نجح في استفزاز فريق رئيس الجمهورية بخطابه. فمرتضى لا يزال يصعِّد مستخدماً تعابير مستفزّة لوزير العدل وللقضاة. وعلاقة وزارة العدل وقصر العدل متشنّجة جدّاً مع مرتضى الذي يستخدم “تعابير لا تليق بالقضاة في محاججاته السياسية عن البيطار، فلا ثقافة تليق بوصف قاضٍ بسبع البورومبو”. هذه هي الانطباعات في الجسم القضائي التي تدين ذهاب مرتضى إلى أسلوب مخاطبة لا يليق بوزير ثقافة ولا بقاضٍ. وفي المعلومات أنّ وزير العدل غاضب جدّاً من “تدنّي مستوى الخطاب الذي كرّسه مرتضى في تنقّله من منبر إلى آخر، فعلى الرغم من أنّ موقف فريقه واضح في السياسة والقضاء، غير أنّ منطق مرتضى في التعبير اللاثقافي يزيد من حدّة التوتّر والاشتباك السياسي”.