صفقة الغاز : بصمة إسرائيل “الخفيّة”

مدة القراءة 5 د

في الوقت الذي غرق فيه لبنان في الظلام واستشعرت المستشفيات خطر انقطاع التيار الكهربائي، الذي ألحق أضرارًا بالمؤسسات الغذائية والكثير من القطاعات، بوشر الحديث عن الشبكة الكهربائية التي ستمدّ لبنان بالطاقة من الأردن وعن استجرار الغاز المصري عبر الأراضي السوريّة، أو ما يُعرف بإحياء خط الغاز العربي، لكن ما لم يتمّ التطرّق إليه هو علاقة إسرائيل بهذا الغاز.

يبدو أنّ إمدادات الطاقة هذه، من مصر والأردن “مختلطة” بالغاز الإسرائيلي، بحسب ما أورده المحلل السياسي في صحيفة “هآرتس” تسفي برئيل، الذي لفت إلى أنّه لا يمكن وصول غاز عربي “صافٍ” إلى لبنان، البلد الذي لم يشكّل تخييم الظلام عليه مفاجأة، إذ مهّد الخبراء له، وأعلنوا أنّه إذا لم يتمّ تأمين مصدر تمويل للطاقة أو إذا لم يجرِ تأمين الفيول اللازم لتوليد الكهرباء، فإنّ العتمة حتميّة.

على الرغم من أنّ المشروع مدعوم أميركيًا إلا أنّ “حزب الله” لا يستطيع أن يفرض شروطًا من شأنها إفشاله، وستبرز هذه القضية مجددًا عندما يتم التوصّل إلى اتفاق نووي جديد بين القوى الغربية وإيران، فعندها ستُرفع العقوبات ما يتيح نقل النفط والغاز بحرية إلى لبنان عبر سوريا

وتطرّق إلى موضوع الغاز الإسرائيلي أيضًا ماثيو زايس الذي كان مسؤولًا في وزارة الطاقة الأميركية في مقالٍ له نشره موقع “المجلس الأطلسي“، وشرح فيه “العلاقة الإسرائيلية” بالغاز الذي سيصل لبنان، حيثُ قال: “أي غاز طبيعي من مصر سيكون ممزوجًا بالغاز الإسرائيلي قبل وصوله إلى الأردن، ولا يمكن فصل الجزيئات، في وقتٍ يتمّ توليد جزء كبير من الكهرباء الأردنيّة من الغاز الإسرائيلي”، مضيفًا أنّه من غير الواضح إذا ما كان سيتمّ إخفاء دور الغاز الطبيعي الإسرائيلي في حالة لبنان.

ويضيف برئيل أنّ الكثير من القرى والمدن في لبنان اعتمدت على المولّدات الكهربائيّة بدلًا من كهرباء الدولة لسنوات، لكنّ المولدات بدأت تواجه صعوبات مؤخرًا. وهكذا بقيَت إيران وروسيا في طليعة مورّدي الطاقة، واستذكر الكاتب هنا ناقلة النفط الإيرانية التي رست في ميناء بانياس السوري. إلا أنّه يرى في الوقت نفسه أنّ كميات المحروقات المتوفّرة غير كافية لإحياء شبكة الكهرباء في لبنان، كذلك فإنّ نقل النفط من إيران إلى سوريا يعتبر انتهاكًا لمجموعتين من العقوبات، الأولى هي العقوبات التي تمنع إيران من بيع النفط، والثانية تتمثّل بالعقوبات التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في العام 2019 والتي حظر بموجبها التعاملات التجارية مع النظام السوري، بما فيها شحن النفط من سوريا إلى لبنان أو إلى أي دولة أخرى. لكنّ الرئيس جو بايدن وإدارته يلتزمان الصمت في الوقت الحالي ويغضّان الطرف عن مسألة انتهاك العقوبات، ويُمكن ترجمة الموقف الأميركي بأنّه تطلّع إلى الجانب الإنساني حيث “لا ترغب واشنطن بأن يُنظر إليها على أنها تضعف الخدمات الطبية والمؤسسات الأساسية في لبنان من خلال كبح تسليم النفط من إيران”، يقول الكاتب.

يُمكن ترجمة الموقف الأميركي بأنّه تطلّع إلى الجانب الإنساني حيث “لا ترغب واشنطن بأن يُنظر إليها على أنها تضعف الخدمات الطبية والمؤسسات الأساسية في لبنان من خلال كبح تسليم النفط من إيران”، يقول الكاتب

توازيًا، فقد عملت الحكومة الأميركية خلال الأسابيع الأخيرة على وضع أسس لمشروع ضخم يهدف إلى توصيل الغاز الطبيعي والكهرباء من مصر إلى الأردن ولبنان بطريقة منظمة. واستكمالًا للخطّة الأميركية، التقى ممثلون من لبنان وسوريا ومصر والبنك الدولي في عمان يوم الأربعاء الماضي، من أجل التوقيع على اتفاقية إطارية لتوريد الغاز من مصر والكهرباء من الأردن. وبموجب الإتفاق، سيتمّ الإعتماد على خط أنابيب غاز يمتدّ من مصر عبر الأردن إلى سوريا ثم إلى لبنان، كذلك سيربط الأردن شبكته الكهربائية بالشبكة اللبنانية عبر سوريا، وتوقّع الكاتب أن تستغرق عملية التنفيذ بضعة أسابيع إن لم يكن بعض الأشهر.

 وهنا، يرى برئيل أنّ المشروع الأميركي يثير سؤالين، الأول هو أنّ استجرار الكهرباء والغاز عبر خط الأنابيب إلى سوريا ومنها إلى لبنان يعتبر انتهاكًا للعقوبات المفروضة على سوريا. ولهذا سيحتاج بايدن للعثور على طريقة للالتفاف حول الانتهاك أو العمل على تشريع لاستثنائه من نظام العقوبات.

 أمّا السؤال الثاني فيكمن بعلاقة إسرائيل، إذ يزعم الكاتب أنّ الغاز المصري “مختلط” بالغاز الإسرائيلي، كذلك فالكهرباء الأردنية تزود عن طريق الغاز الإسرائيلي، ولا يمكن الفصل بين المكوّنات وإيصال غاز عربي فقط إلى لبنان. وعلى الرغم من أنّ المشروع مدعوم أميركيًا إلا أنّ “حزب الله” لا يستطيع أن يفرض شروطًا من شأنها إفشاله، وستبرز هذه القضية مجددًا عندما يتم التوصّل إلى اتفاق نووي جديد بين القوى الغربية وإيران، فعندها ستُرفع العقوبات ما يتيح نقل النفط والغاز بحرية إلى لبنان عبر سوريا، وفقًا للكاتب الذي رأى أنّ دمشق هي المستفيد الدبلوماسي الأكبر من هذا المشروع.

إقرأ أيضاً: كهرباء العرب: الغاز للبنان والشرعية للأسد؟

وذكّر الكاتب ببعض الإنفراجات الدبلوماسية التي شهدتها سوريا مؤخرًا، مع عودة البحرين والإمارات من خلال بعثاتهما الدبلوماسية وإعلان الإماراتيين عزمهم على المشاركة في إعادة إعمار سوريا. وصولًا إلى التواصل هاتفيًا بين الرئيس السوري بشار الأسد والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، إضافةً إلى إعادة فتح حدودي بين الأردن وسوريا.

مواضيع ذات صلة

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…

الليلة الأخيرة لـ”ديكتاتور الشّام”..

تحملُ ليلة هروب رئيس النّظام السّوريّ المخلوع بشّار حافظ الأسد قصصاً وروايات مُتعدّدة عن تفاصيل السّاعات الأخيرة لـ”ديكتاتور الشّام”، قبل أن يتركَ العاصمة السّوريّة دمشق…