يتابع النائب ياسين جابر، باعتباره رئيس لجنة متابعة تطبيق القوانين، 72 قانوناً لمّا يتمّ تطبيقها على الرغم من إقرارها ونفاذها. أمّا التشديد على تطبيقها راهناً فيعود، بحسب جابر، إلى أنّ “العين الدولية حمراء علينا، ونحن لم يعُد بإمكاننا السكوت بعد الذي حدث”.
بالإضافة إلى قانونيْ الشراء العامّ والشراكة بين القطاعين العامّ والخاصّ، اللذين عالجنا تفاصيلهما في الحلقة الأولى، يوجد العديد من القوانين الإصلاحية النافذة أو التي هي قيد البحث، ومن أهمّها إعادة هيكلة قطاعات الكهرباء والاتصالات والطيران، وهي قوانين تمّت دراستها في لجان شارك فيها جابر منذ 18 عاماً.
جابر: توجد طريقتان لتعطيل تطبيق القوانين، إمّا بالامتناع عن تعيين الهيئة التي تدير القطاع (هيئة ناظمة أو مجلس إدارة) أو بالتمنّع عن إصدار بعض المراسيم التطبيقية التي تجعل القانون قابلاً للتنفيذ. الجهة التي تقوم بالتعطيل هي الوزير المسؤول أو الحكومة، وغالباً ما يريد الوزير الحفاظ على تسلّطه
“مذّاك ونحن نطالب بإقرارها”، كما يقول جابر لـ”أساس”. في وزارة الاتصالات انتهت مدّة الهيئة الناظمة التي عُيِّنت ولم يُعاد التجديد لها، فكانت النتيجة خسارة 27 موظفاً وظائفهم، بحسب النائب جابر: “يجب إلغاء ما يُعرَف بـ”أوجيرو”، وأن يتمّ إنشاء شركة في وزارة الاتصالات اسمها “ليبان تيليكوم” تتولّى الهاتف الثابت والإنترنت، بالإضافة إلى شركة ثالثة للهاتف الخلويّ تُعطى لها، وتكون ملكاً للدولة اللبنانية، ولها حقّ بيع قسم من أسهمها”. ويضيف: “أمّا في قطاع الكهرباء فيجب تطبيق القانون الـ462، الذي ينصّ على إنشاء هيئة ناظمة، وينبغي التفريق بين توليد الكهرباء ونقلها، وبين الجباية والتوزيع. يبقى النقل من ضمن مهامّ الدولة، وتصبح شركة الكهرباء شركة مساهمة، وتنجز مشاريع وفق الـ BOT، ويتم إنشاء شركات خاصة في الأقضية تقوم بالتوزيع والجباية، فتشتري هذه الشركات من الشركات المنتجة، وهي التي تجبي وتبيع الكهرباء على مسؤوليّتها. وهذا ما يُطبَّق في العالم كلّه، وهذا القانون هو لإصلاح الكهرباء، وهو نافذ منذ عام 2002، لكنّه لم يطبَّق”.
لفت في البيان الوزاري لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي عدم التطرّق إلى الهيئة الناظمة في قطاع الكهرباء على عكس الفقرة المخصّصة لقطاع الاتصالات: “السبب أنّه توجد جهة في لبنان، وقد بات معروفاً أنّها “التيّار الوطني الحرّ”، ممثّلاً بشخص الوزير جبران باسيل، تصرّ على عدم تعيين هيئة ناظمة، لأنّها ترى أنّ هذه الهيئة تستولي على صلاحيّات الوزير”. ويكمل جابر: “بالفعل، كان الهدف الأوّل من إنشاء هيئة ناظمة هو وضع حدّ للتدخّل السياسي. إذ تتولّى الهيئة الناظمة منح الرخص، وتشرف على القطاع، وتلغي واقع أنّ وزيراً يعيّن مستشاراً لديه ويشتغل في القطاع على هواه بلا أيّة ضوابط”.
هل نفهم أنّ الوزير جبران باسيل تدخّل في صوغ هذه الفقرة من البيان الوزاري؟ يجيب جابر: “ملائكة باسيل هي التي تدخّلت. لجبران “ملائكة” في داخل مجلس الوزراء، وقد نشب خلاف أثناء نقاش هذا البند في البيان الوزاري”.
قانون إعادة هيكلة قطاع الطيران
في ما يخصّ قانون إعادة هيكلة قطاع الطيران، يقول جابر: “الحالة مأساويّة في مطار بيروت الذي لا تستطيع إدارته تغيير “لمبة” إلا بعد طلب إذن من وزارة المال. فقانون إنشاء الهيئة العامّة للطيران يمنح المطار استقلالية، وتصبح للمطار حصّة من مداخيل الطيران، وتصبح لديه ميزانيّة تمكّنه من تطوير ذاته بحسب ما تقتضيه الأمور”.
قانون سلامة الغذاء
يوجد قانون إصلاحي آخر يتعلّق بسلامة الغذاء. وقد صدر في عام 2015. وبموجب هذا القانون، تُنشَأ هيئة خاصة لسلامة الغذاء تضع معايير السلامة الغذائية وتشرف عليها، وتساعد على وضع الشروط الصحية الضرورية التي ترفع معدّلات التصدير إلى الاتحاد الأوروبي وفقاً لاتفاقية الشراكة.
قانون إنشاء هيئة لرعاية زراعة القنّب
أُقِرّ قانون إنشاء هيئة لرعاية زراعة القنّب للاستعمالات الطبيّة والصناعيّة منذ 3 أعوام. “ذكرت دراسة “ماكينزي” أنّ هذا القنّب يشكّل مورداً كبيراً للبنان بسبب الخبرة التي يمتلكها المزارعون اللبنانيون في زراعة القنّب، لكنّهم يزرعون القنّب الذي يستخدم في صناعة المخدِّرات، ويمكنهم عبر هذا القانون الانتقال إلى مجال زراعي له طابع طبّي وصناعي”، بحسب ما يشرح جابر.
توجد قوانين عدّة تتعلّق بالمياه والأسواق المالية، وقانون إنشاء الهيئة العامة لمكافحة الفساد الذي أُقرّ ويحتاج إلى تعيين هيئة ناظمة، وقانون استقلالية القضاء الذي لا يزال قيد الدرس في لجنة الإدارة والعدل.
كيفّ يتمّ تعطيل هذه القوانين كلّها؟
يجيب جابر: “توجد طريقتان لتعطيل تطبيق القوانين، إمّا بالامتناع عن تعيين الهيئة التي تدير القطاع (هيئة ناظمة أو مجلس إدارة) أو بالتمنّع عن إصدار بعض المراسيم التطبيقية التي تجعل القانون قابلاً للتنفيذ. الجهة التي تقوم بالتعطيل هي الوزير المسؤول أو الحكومة، وغالباً ما يريد الوزير الحفاظ على تسلّطه”.
إقرأ أيضاً: ياسين جابر: 72 قانوناً إصلاحيّاً غير مطبّقة في لبنان (1/2)
أثناء العمل على قانون الشراء العامّ، دعا جابر سفراء ومسؤولين كباراً في صندوق النقد الدولي إلى اجتماع تشاوري، فطلب سفير بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان رالف طرّاف الكلام، ثمّ قال: “توجد 3 شروط لكي يحصل لبنان على أيّ دعم أو مساعدة، وأنا أتكلّم باسم مجموعة الدّعم الدولية. أوّلاً إصلاح قطاع الكهرباء. ثانياً قانون استقلالية القضاء. ثالثاً قانون الشراء العام”. يقول جابر إنّ “القانون الوحيد الذي أُنجِز حالياً هو قانون الشراء العام”، مضيفاً أنّه “يجب فرملة هذا السلوك بعدما وصل البلد إلى حفرة عميقة، وإذا لم نستفِق فإنّه لن يبقى بلد نحكمه، ولذلك إجراء الإصلاح حتميّ”.