مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المقرّرة في 10 تشرين الأول المقبل في العراق، أثار مؤتمر جمع حوالي 300 عراقي، بينهم شيوخ عشائر، وعُقِدَ في مدينة أربيل بإقليم كردستان، الجدل بعد دعوة المشاركين فيه إلى تطبيع العلاقات بين العراق وإسرائيل.
وتأتي هذه الدعوة في المؤتمر الذي نظّمه “مركز اتصالات السلام”، ومقرّه نيويورك، بالتزامن مع الذكرى السنويّة لاتفاقات أبراهام، أو اتفاقات السلام التي أُبرمَت بين بعض الدول العربية وتل أبيب في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب.
زعيم التيار الصدري في العراق، مقتدى الصدر، قال في بيان أصدره السبت “إنّ العراق عصيّ على التطبيع (…) على أربيل منع هذه الاجتماعات وإلا فعلى الحكومة تجريم واعتقال كلّ المجتمعين”.
وأصدر القضاء العراقي مذكّرات توقيف بحقّ مشاركين في المؤتمر، من بينهم وسام الحردان، قائد الصحوات في العراق “على إثر الدور الذي قام به في الدعوة إلى التطبيع مع إسرائيل”.
لكنّ الحردان لم يكتفِ بالمشاركة في المؤتمر، بل كتبَ مقال رأي، نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال“، شجّع فيه على انضمام العراق إلى اتفاقات أبراهام، مشيراً إلى أنّ التجمّع في أربيل “ضمّ سنّة وشيعة، ومفكّرين وشيوخ عشائر وشباباً ناشطين”. وقال: “لقد واجه بعضنا داعش والقاعدة في ساحة المعركة. لقد أثبتنا بالدم والدموع منذ فترة طويلة أنّنا نعارض جميع المتطرّفين، سواء كانوا جهاديين سنّة أو ميليشيات شيعية مدعومة من إيران”. وأضاف: “لقد ضحّينا من أجل عراق موحّد، ونطمح إلى تحقيق نظام حكم فيدرالي كما هو منصوص عليه في الدستور”.
وفي رأيه أنّ الحرب أنهكت بعض الدول المجاورة للعراق، قائلاً: “نرفض حكم أمراء الحرب الذي دمّر ليبيا واليمن، ونرفض أن يثنينا الاستبداد والفظائع في سوريا عن ذلك، ونحن ندين أيضاً مآسي لبنان المتتالية”. ولفت إلى أنّهم “أمام خيار القبول بالاستبداد والفوضى أو الشرعية والسلام والتقدّم”، وأضاف أنّ “الجواب واضح”.
وتابع في مقال “وول ستريت جورنال”: “لقد اتّخذنا الخطوة الأولى بإقامة مؤتمر علنيّ في أربيل بالاتفاق مع منظمة أميركية هي مركز اتصالات السلام. أمّا الخطوة المقبلة التي نصبو إليها فهي إجراء محادثات مباشرة مع الإسرائيليين، ولا يحقّ لأيّ قوّة، سواء كانت أجنبية أو محلّية، أن تمنعنا من المضيّ قدماً”.
وفيما بدأت المجموعات الموالية لإيران باستنكار عقد المؤتمر، بدأ بعضها باستغلال الفرصة لإظهار أنّها مدافعة عن القضية الفلسطينية قبل أيام من الانتخابات المقبلة.
في السياق نفسه، نشر موقع “المونيتور” مقالاً أشار فيه إلى أنّ دعوات التطبيع لقيت ترحيباً من قبل بعض السياسيين الإسرائيليين، وأبرزهم رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، الذي غرّد عبر تويتر قائلاً: “إسرائيل تمدّ يدها إليكم بالسلام”.
والجدير ذكره أنّ العراق رسميّاً في حالة حرب مع إسرائيل منذ عام 1948، وتفيد التقارير أنّ الجالية اليهودية عاشت في العراق حتى منتصف القرن العشرين، وكان يبلغ عددها حوالي 150 ألف شخص، قبل أن يغادر معظمها إلى إسرائيل.
وقبل أن يصدر أيّ تعليق أميركي رسمي، نفى المتحدّث باسم التحالف، الذي تقوده الولايات المتحدة ضدّ “داعش”، واين ماروتو، “أيّ علم له بالترويج للتطبيع أو أيّ ارتباط بالمشاركين فيه”.
إقرأ أيضاً: “جيروزاليم بوست”: تطبيع بنكهة “رقميّة”
نشرت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية تقريراً تطرّق إلى المؤتمر ومبادرة التطبيع التي أتت في أعقاب الاتفاقات مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب والسودان، ونقلت ما قاله وزير الخارجية يائير لابيد تعليقاً على المؤتمر: “منذ اليوم الذي تولّت فيه هذه الحكومة مقاليد الحكم، كان هدفنا هو توسيع اتفاقات السلام”، واعتبر أنّ المؤتمر “يبعث الأمل في أماكن لم نفكّر فيها من قبل”.
وقد لقي المؤتمر استنكار الحكومة العراقية أيضاً، واتّضح ذلك في بيان صادر عن مكتب الحكومة العراقية، أعربت فيه عن “رفضها القاطع للاجتماعات غير القانونية، التي عقدتها بعض الشخصيات العشائرية المقيمة في مدينة أربيل بإقليم كردستان، ورفعت فيها شعار التطبيع مع إسرائيل”.