“نداء استغاثة كبير!!!
لقد نفدت مادّة المازوت من مولّدات الكهرباء لأغلب المساجد.
أغيثوا بيوت الله تعالى
أدركوا المساجد
يكاد الأذان أن يتوقّف
تكاد المساجد أن تُغلَق
نفد الوقود من مولّداتنا
أدركوا بيوت الله أيّها المسلمون”.
نداء أطلقه الشيخ أحمد البابا إمام مسجد الفاروق في منطقة الزيدانية ببيروت منذ أسابيع قبل أن يحذف النداء إثر تلقّيه سلسلة من الاتصالات التي وعدت بالمعالجة.
حذف الشيخ البابا لتغريدته لم يحذف أزمة المازوت التي تحتاج إليها مولّدات مساجد بيروت، فالحصول عليها من قبل لجان المساجد تعترضه ثلاثة عوائق:
1- ضعف مداخيل المساجد بسبب جائحة كورونا، وانقطاع الكثيرين عن صلاة الجمعة، وهي المصدر الأساس للتبرّعات الأسبوعية.
2- ارتفاع سعر المازوت في السوق السوداء.
3- فقدان المازوت وإن توافرت النقود لدفع ثمنه في كثير من الأحيان.
روى الشيخ البابا قصّة النداء الذي أطلقه لـ”أساس”، فقال: “أخبرني خادم المسجد بأنّ المازوت يكاد ينفد بعد فراغ خزّاناتنا وعجْز صناديق المسجد عن شراء المازوت بأسعار السوق السوداء الفاحشة الفلكية، وذلك لقلّة المصلّين بسبب كورونا من جهة، وفقدان المسلمين الغيرة الكافية على مساجدهم، للأسف، من جهة أخرى. إذ لم يعد المسجد يجمع من صناديق يوم الجمعة المبالغ الكافية لنفقاته، التي لم نعُد نستطيع تغطية معظمها، إلى درجة أنّ اللمبة التي تحترق لا نستطيع استبدالها. وقد باعت لنا جمعية “إرادة” مشكورة منذ فترة 500 ليتر بالسعر الرسمي، وهو 64 ألف ليرة للتنكة، ولم يبقَ إلا القليل منها. فالمسجد بطبقاته الأربع هو الأكبر بين مساجد بيروت، واستهلاكه للكهرباء كبير. وحين سألت الخادم: ألم يعرض عليكم أحد إمدادَ المسجد بالمازوت، أجاب بالنفي. وما هالني أكثر قوله إنّ إغلاق القاعة الوحيدة لإقامة الصلاة حتميّ إذا لم تتوافر المادة. دعني أشرح لك لماذا هي الوحيدة. نحن نصلّي اليوم الصلوات الخمس في الطابق السفلي، لأنّ كبار السن يمكنهم بلوغه، فيما يحتاج بلوغ قاعة الصلاة الأخرى في الطابق العلوي إلى الدرج الكهربائي الذي يستهلك الكثير من الوقود. لكنّ المشكلة أن لا نوافذ في الطابق السفلي. ومن دون تشغيل المولّد سيصلّي الناس في العتمة، وسيُصابون بضيق في التنفّس، فإذا حللنا مشكلة العتمة بالـUPS، فكيف سنحلّ مشكلة التنفّس؟”.
نداء أطلقه الشيخ أحمد البابا إمام مسجد الفاروق في منطقة الزيدانية ببيروت منذ أسابيع قبل أن يحذف النداء إثر تلقّيه سلسلة من الاتصالات التي وعدت بالمعالجة
أضاف الشيخ البابا: “عندما صُدِمت بواقع نفاد المازوت وكابوس عدم إقامة الصلاة، وهو وضع لم أمرَّ به طوال مدّة إمامتي مسجد الفاروق، أُصِبت بحالة اكتئاب، فاستخرت ربّ العالمين، وكتبت هذا البوست، وناشدت فيه الغيارى على الدين”.
وتابع الشيخ أحمد حديثه بغصّة كبيرة: “طوال الفترة الماضية كان الله يهيّء لنا أهل الخير الذين يوفّرون المازوت، لكنّ الأزمة في البلد وصلت حدّ فقدان المادة نفسها، وليس الأموال الموجودة بكثرة. ولعلّكم سمعتم بمناشدة دار الأيتام توفير المازوت لها مقابل أيّ مبلغ. وهي مؤسسة لا شكّ تُقدَّم على المساجد، لأنّها تتعامل مع البشر، الأيتام الذين يجب حفظ طعامهم في برّادات. المشكلة ذاتها تتكرّر في مسجد الفاروق، لأنّ الدولة لم تعُد تسلّم المازوت”.
إقرأ أيضاً: الشيخ عبد الأمير قبلان: فيه كلّ وجه من أوجه الحياة
ولدى سؤال الشيخ البابا عن وقع ندائه على الناس، أجاب: “تعلّمت درساً ممّا حدث. فقد كنتُ غائباً عمّا هو خارج بيئة المساجد إلى أن نشرت البوست، وفوجئت بمواقف البعض، الذين اعتبروا أنّ توقّف الأذان إذا لم نستطع دفعه ليس بالأمر العظيم. ورأى بعض المشايخ أنّ إسقاط الحكّام الفاسدين مقدَّمٌ على رفع الأذان، فأدخلوني في موضوع لم يخطر لي على بال. فأنا لم أُرِد التطرّق إلى السياسة من قريب أو بعيد. ومنهم مَن قال: إذا كانت المستشفيات تغلق فماذا يضير إغلاق المساجد؟ وأنا بدوري أقول: صحيح تماماً، فالإسلام يقدّم الإنسان إلى المرتبة الأولى، وتزويد المستشفيات بالوقود وحياة الناس أولى. ففي كلّيّات الإسلام الأربع يأتي “حفظ النفس” أوّلاً. لكنّني طالبتُ بما طالبت انطلاقاً من مسؤوليّتي التي اختارني الله لها، وهي القيامة على المسجد. فلو كنتُ في مستشفى لطالبتُ بحاجات المستشفى. والقيّمون على دار الأيتام طالبوا بحاجاتها”.