رُسِمَ خطّ النهاية لأسلوب حياة كامل في لبنان، البلد الذي انشغلت الصحف بالحديث عمّا آلت إليه الأوضاع فيه، مع وجود 78% من سكّانه يرزحون في الفقر، ومع فقدان الليرة اللبنانية 90% من قيمتها منذ عام 2019، إضافةً إلى النقص في المحروقات والمعاناة المجتمعيّة.
هكذا استهلّت الصحافية اللبنانية لينا منذر مقالها الذي نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، وسردت فيه التطوّرات الراهنة، قائلةً: “لم أكن أعتقد أنّني سأعيش لأرى نهاية العالم”. وذكّرت الكاتبة بالكثير من الأمور التي لم تكن تحسب لها حساباً كأيّ لبناني آخر، وأصبحت الآن من الكماليّات، مثل لقاء العائلة وتناول الطعام كلّ نهار أحد، أو القيادة والتوجّه لرؤية أحد الأصدقاء، وبات من الضروري بدلاً من ذلك إيقاف السيارة لتوفير المحروقات لحالات الطوارئ.
وتحدّثت الكاتبة عن الكهرباء التي لا تأتي سوى ساعة واحدة في اليوم، وصعوبة العمل على الكمبيوتر، وتوجُّه الناس إلى شراء الدولار، وتأثّر الأسواق بالشائعات.
وأشارت إلى النقص في المياه المعبّأة الذي يواجهه لبنان، إذ ذهبت إلى أربعة متاجر حتى وجدت عبوّة مياه، وتبيّن لاحقاً أنّه لا يوجد ما يكفي من الوقود من أجل تشغيل الآلات أو المضخّات التي تملأ العبوّات البلاستيكية. أمّا الشاحنات التي تنقل العبوّات فليس لديها المحروقات. تُضاف هذه الأزمة إلى النقص في الغاز المنزلي، بحسب الكاتبة التي لفتت إلى أنّ سعر المواد الغذائية ارتفع بأكثر من 500% خلال العام الماضي.
وتتضاعف الأزمة فتطول الأفران التي يقلّ إنتاجها من الخبز، والسوبرماركت المضاءة إضاءة ضعيفة، والتي أصبحت أقسام اللحوم والجبن فيها فارغة لعدم وجود المحروقات اللازمة للتبريد.
ووصفت الكاتبة طريق المنزل وفوضى السير في جميع الاتّجاهات، بسبب توقّف إشارات المرور عن العمل. وتطرّقت أيضاً إلى المستشفيات المنهكة التي باتت على وشك الإغلاق. فحتى علاجات السرطان لم تعد مضمونة، ولا يوجد شعور بالأمان في أيّ مكان. وعرّجت الكاتبة إلى الحديث عن أزمة الدواء، مشيرةً إلى خوف الذين لديهم أطفال من أن يُصابوا بأيّ عارض صحّي، فحتى دواء الحمّى لم يعد متوافراً، ويمكن أن تودي لسعة عقرب بالحياة، وتتزايد حالات التسمّم الغذائي، ولا سيّما مع قلّة التبريد.
وختمت الكاتبة مقالها بالإشارة إلى أنّ بيروت التي نعرفها، لم تعُد نفسها.