“لو موند”: موسكو تعبِّد طريق دمشق مجدّداً

مدة القراءة 3 د

بعد مدّة من القصف الذي تعرّضت له درعا من قبل النظام السوري، واحتدام المعركة في المحافظة التي تُعرَف بمهد الثورة السورية، وتدهور الوضع الإنساني فيها، وفشل المصالحة المدعومة من موسكو التي ساهمت في وقف إطلاق النار فيها عام 2018، عادَت روسيا مجدّداً إلى رعاية محادثات بين ممثّلي سكان درعا والجيش السوري، وتوصّل الطرفان إلى هدنة جديدة دخلت حيّز التنفيذ في الأوّل من أيلول، بعدما نزح 38 ألف سوري من منازلهم في غضون شهرين.

وأوضحت صحيفة “لو موند” الفرنسية أنّ المعركة كانت في أوجها في سوريا منذ نهاية تموز الماضي. وبعد بدء تنفيذ الهدنة يوم الأربعاء، عزّزت الشرطة العسكرية الروسية انتشارها وسط مدينة درعا.

ويبدو أنّ الاتفاق يصبّ في مصلحة النظام السوري، إذ ينصّ على وجود القوات الأمنيّة السورية في درعا، إضافةً إلى إبعاد معارضين سابقين كانوا لا يزالون في درعا منذ عام 2018، رافضين مصالحة النظام وتسليم أسلحتهم الخفيفة.

وما حقّقته اللجنة المحلية في درعا هو أنّها تمكّنت من التوصّل إلى رفع الحصار الذي يفرضه الجيش السوري، والذي جعل حالة السكان مزرية. في هذا السياق، قالت ديانا سمعان، الباحثة في شؤون سوريا بمنظمة العفو الدولية: “إنّ درعا كانت تفتقر إلى الكهرباء والرعاية الصحية والإمدادات الغذائية، وكانت على وشك الانهيار”. وتسعى اللجنة إلى توفير خدمات أفضل لأهالي درعا، وهو مطلب أساسيّ يُعاد إلى الواجهة منذ عام 2018، بالإضافة إلى إحراز تقدّم في جمع المعلومات عن مصير المعتقلين والمفقودين. وبحسب “لو موند” فقد جرى تضمين هذه النقاط في خارطة الطريق التي ترعاها موسكو.

وذكّرت “لو موند” بأنّ القواعد، التي فاوضت عليها روسيا عام 2018، كانت سائدة إلى ما قبل عودة القتال إلى درعا، وتتضمّن عودة الجيش السوري إلى المنطقة المتاخمة للأردن. أمّا الآن فيراقب الجانب الأردني التطوّرات في جنوب سوريا عن كثب، ولا سيّما في ظلّ وجود روابط أسرية بين مواطني البلدين، ويأخذ بعين الاعتبار التطوّرات الأمنيّة والاقتصادية على حدّ سواء. 

إقرأ أيضاً: أفغانستان: أنقرة والدوحة تحميان المصالح الأميركية

وأضافت الصحيفة الفرنسية أنّ الأردن يقبع في أزمة اقتصادية كبرى، ولهذا يأمل استعادة التبادل الاقتصادي مع سوريا وعبرها. وما يرغب به الأردن يتطلّب تفعيل المركز الحدودي القريب جدّاً من درعا، وهو هدف غير محتمل في ظلّ اللااستقرار الذي يخيّم على المنطقة.

وفي خضمّ التطوّرات الراهنة، عادت “لو موند” بالذاكرة إلى زيارة الملك الأردني عبدالله الثاني إلى البيت الأبيض، ولقائه الرئيس الأميركي جو بايدن في 19 تموز الماضي، الذي تطرّق فيه البحث إلى إيجاد طرق لاستثناء المملكة من العقوبات المفروضة بموجب قانون قيصر في ما يتعلّق بالتجارة مع سوريا. ويتطلّع الأردن باهتمام إلى مسألة الحدود، التي لن يقبل بسيطرة جهة غير حكومية عليها، ولا سيّما أنّ عدم الاستقرار قد يؤدّي إلى تدفّق مسلّحين بالقرب من الحدود، بينهم مجموعات موالية لإيران.

مواضيع ذات صلة

بين لاريجاني وليزا: الحرب مكَمْلة!

دخلت المرحلة الثانية من التوغّل البرّي جنوباً، التي أعلنها الجيش الإسرائيلي، شريكة أساسية في حياكة معالم تسوية وقف إطلاق النار التي لم تنضج بعد. “تكثيفٌ”…

هل تملأ مصر فراغ التّسليم والتّسلّم؟

يترنّح المسار التفاوضي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية تحت وطأة الضغوط العسكرية التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية في عدوانها الوحشي بحقّ لبنان. في الأثناء، يواظب الموفد…

برّي ينتظر جواب هوكستين خلال 48 ساعة

تحت وقع النيران المشتعلة أعرب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب عن موافقته على أن يستكمل الرئيس جو بايدن مسعاه للوصول إلى اتّفاق لوقف إطلاق النار…

الجيش في الجنوب: mission impossible!

لم يعد من أدنى شكّ في أنّ العدوّ الإسرائيلي، وبوتيرة متزايدة، يسعى إلى تحقيق كامل بنك أهدافه العسكرية والمدنية، من جرائم إبادة، في الوقت الفاصل…