هزّ انفجاران انتحاريّان، نفّذهما تنظيم “الدولة الإسلامية” الخميس، محيط مطار كابول، وأسفرا عن مقتل 13 عسكرياً أميركياً، إضافةً إلى 90 من الأفغان، وكانا السبب في إعادة التنظيم الداعشي إلى الواجهة في الوقت الذي سيطرت فيه “حركة طالبان” على المناطق الأفغانية، واستنكرت التفجيرين اللذين أوديا بحياة مدنيين.
في هذا السياق، نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” مقالاً لمراسلها آلان كوليزون تطرّق فيه إلى ما وصفه بـ”الحرب الخفيّة” بين تنظيم “داعش” و”حركة طالبان”، حيث رأى أنّ التفجيرين ينذران بـ”شبح معركة أطول وأكثر دموية”.
وذكرت الصحيفة أنّه قبل يومين من الانفجارين، قتلت “طالبان” أبا عمر الخرساني الذي كان زعيم “داعش” سابقاً في أفغانستان، مع ثمانية من أعضاء التنظيم، وذلك بعد دخول مقاتلي الحركة إلى سجن كابول، حيث كان الخرساني. وقال الخرساني في مقابلات أُجرِيت معه قبل مقتله إنّ “ما تسعى إليه طالبان هو السيطرة على أفغانستان مجدّداً، وليس لديها مصلحة بمساعدة الجماعات الإسلامية خارج البلاد، أمّا داعش فلديه أهداف أكبر على الساحة العالمية”.
وعرّج الكاتب على فرع “داعش” في أفغانستان، المعروف باسم “داعش خراسان”، الذي يسعى إلى توسيع خلافته ودمج نفوذه في المناطق الأفغانية بالشرق الأوسط، موضحاً أنّ استمرار وجود “داعش” في أفغانستان هو من الأسباب التي ستجعل من الممكن أن تتلقّى “طالبان” دعماً دولياً من دول، من ضمنها الولايات المتحدة التي تعتبر أنّ “داعش” يشكّل تهديداً كبيراً.
كذلك الأمر بالنسبة إلى روسيا والصين وإيران التي تعتبر “طالبان” دعامة أساسية للاستقرار في أفغانستان، وتخطّط هذه الدول لإبقاء سفاراتها في كابول مفتوحة بعد الانسحاب الأميركي، في الوقت الذي أشار مساعد وزير الخارجية الإيراني لشؤون جنوب آسيا رسول موسوي، إلى طالبان باسم “الإمارة الإسلامية”، وقال إنّها تعهّدت بتأمين قنصلية بلاده، وذلك بعد استيلاء الحركة على هرات وقندهار.
من جهتها، وجّهت واشنطن اتّهاماً لموسكو بتزويد “طالبان” بالأسلحة، لكنّ روسيا نفت. وأفادت الاستخبارات الأميركية أنّ إيران قدّمت أسلحة أيضاً، فيما استضافت الصين وفداً رفيع المستوى من “طالبان”.
من جهته، أوضح إيفان سافارشوك، الخبير في شؤون آسيا الوسطى والأستاذ بجامعة موسكو الحكومية أنّ “روسيا التي لا تزال تُصنّف طالبان منظّمةً إرهابيةً، استأنفت المحادثات مع الحركة منذ أكثر من خمس سنوات”، واعتبر أنّ تقدّم “داعش” في أفغانستان كان دافعاً للتقدّم في هذه الاتصالات.
وكان لافتاً ما أعلنه قائد القيادة الأميركية المركزية كينيث ماكنزي عن أنّ “الولايات المتحدة تعتمد على طالبان لتفتيش الأفغان عند اقترابهم من المطار”، مضيفاً: “نحن نستخدم الحركة كأداة لحمايتنا قدر الإمكان”. وقد بدأت بعض الدول تجد أنّ “طالبان” متراس يحدّ من طموحات “داعش” العالمية.
وكانت واشنطن قد مهّدت الطريق أمام الاعتراف الدولي بحركة طالبان، من خلال إجراء مفاوضات في الدوحة خلصت إلى الإفراج عن خمسة آلاف سجين من السجون الأفغانية، ووعد من “طالبان” بالعمل على منع مهاجمة الغرب. ونقل الكاتب عن مسؤولين سابقين في الحكومة الأفغانية أنّ عدداً من المعتقلين السابقين قد انضمّوا إلى صفوف “طالبان”.