في الأشهر الأخيرة، حاول المحقّق العدلي في قضية تفجير مرفأ بيروت طارق البيطار الإضاءة على نظرية “الإهمال الإداري”، باعتباره أدّى إلى تفجير مرفأ بيروت. فادّعى على كلّ مَن “كان يعلم” بوجود مئات أطنان نيترات الأمونيوم في المرفأ، كما سرّب. وبذلك بات كلّ اللبنانيين يعرفون رواية النيترات، منذ كانت على متن الباخرة “روسوس” حين وصلت في 22 تشرين الثاني 2013، إلى لحظة تفجيرها في 4 آب 2020.
التقرير أدناه، نشر على 5 حلقات، اليوم حلقته الأخيرة وهو يستند إلى معلومات موثّقة بالكامل، تضيء على “مسار” النيترات، من لحظة صناعتها في جورجيا، إلى لحظة رسوّ السفينة “روسوس” في مرفأ بيروت. وذلك لإكمال الصورة، وعدم اقتصار النقاش على “كيف انفجرت”، والرجوع إلى “لماذا أتت إلى لبنان؟”، و”مَن أتى بها؟”، و”لماذا؟”، و”كيف بقيت طوال هذه المدّة؟”.
في الحلقة الخامسة، أسماء شركاء محتملين في استيراد شحنة الموت على باخرة الموت.
مدلّل خوري، فُرِضت عليه عقوبات أميركية منذ 2013، وقد حاول في أواخر 2013 أن يستقدم مادة نيترات الأمونيوم إلى سوريا من جهات أخرى، ولكنّه فشل
مع تتبّع مسار رحلة 4 آب، التي أوصلت نيترات الأمونيوم من جورجيا إلى بيروت، في تشرين الثاني 2013، ثمّ انتهت بأن انفجرت النيترات في 4 آب 2020، فدمّرت جزءاً من العاصمة بيروت، سيُعثَر على مجموعة أسماء لأشخاص مشبوهين، على علاقة محتملة، أو أكيدة، بالشحنة، لكن لم يتمّ الإشارة إليهم في التحقيقات اللبنانية. وهم التالية أسماؤهم:
– مدلّل خوري:
في موقع “كومبانيز هاوس” البريطاني الذي يُعنى بالشركات الموجودة في بريطانيا، نجد عنوان شركة “سافارو” على لائحة واحدة إلى جانب الكثير من الشركات الأخرى “الوهمية” التي لديها نفس الخصائص والمواصفات. وهذا يرجّح أنّها تعمل معاً في الأعمال نفسها. وجميعها غير ناشطة، باستثناء شركة واحدة كانت ناشطة في تلك الفترة. وبطبيعة الحال هناك احتمال كبير في أن يكون صاحب هذه الشركة على علاقة بتلك الشركات غير الناشطة على العنوان نفسه.
وفي عنوان شركة “سافارو” الموجود على عقد البيع، وهو عنوان مختلف عن العنوان الأوّل، نجد شركة اسمها “آي كي بتروليوم” (I K Petroleum)، ويملكها عماد خوري، رجل أعمال سوري الجنسية مقيم بين روسيا وسوريا. وهو اليد اليمنى لشقيقه مدلّل خوري، الذي فُرِضت عليه عقوبات أميركية منذ 2013، وقد حاول في أواخر 2013 أن يستقدم مادة نيترات الأمونيوم إلى سوريا من جهات أخرى، ولكنّه فشل.
– جورج حسواني:
تبيّن أنّ “سافارو” أصبح لديها عنوان جديد، بعدما غيّرت عنوانها الأول في مرحلة من المراحل ليتطابق مع عنوان شركة أخرى اسمها “هسكو”. وهسكو هي “حسواني كونستراكشن”. هذه الشركة يملكها رجل أعمال، سوري أيضاً، واسمه جورج حسواني، وهو مقيم أيضاً بين روسيا وسوريا، وموضوع على لائحة العقوبات الأميركية مثل خوري. ومن ضمن الاتّهامات الموجّهة إليه أنّه ضالع في إنشاء شركات وهمية في بريطانيا، بينها شركتا “ألفا” و”أوميغا”. الأولى كانت الشركة الممثّلة لـ”سافارو” أمام السلطات البريطانية. و”أوميغا” في فترة من الفترات أُوكِلت إليها إدارة شركة “سافارو” أيضاً.
جورج حسواني، وهو مقيم أيضاً بين روسيا وسوريا، وموضوع على لائحة العقوبات الأميركية مثل خوري. ومن ضمن الاتّهامات الموجّهة إليه أنّه ضالع في إنشاء شركات وهمية في بريطانيا
جدير بالإشارة هنا إلى أنّ معظم الشركات تلجأ إلى هذا النوع من تغيير العناوين والمديرين كلّ سنتين أو ثلاث سنوات، لتضييع أيّ أثر، ولإضفاء غموض على الصفقات التي تقوم بها. وتواريخ نقل هذه الشركات من عنوان إلى آخر متطابقة بين شركة “سافارو” وبين “شركة حسواني”، حتّى تاريخ الانتقال الأخير. وهذا يرجّح أنّ الذي كان يدير عمليات النقل هذه هو نفسه.
مصرف “FBMI”:
تبيّن أنّ صاحب الباخرة الأساسي “كارالومبوس مانوللي” أخذ قرضاً غامضاً بأربعة ملايين دولار من مصرف “FBMI”، وهو مصرف روسي، لديه نشاط محدود في قبرص (محصور بزبائن محدّدين على غير العادة)، ومدرج أيضاً على لائحة العقوبات الأميركية.
اللافت أنّ جورج حسواني ومدلّل وعماد خوري هم عملاء في هذا البنك. وهنا تجدر الإشارة إلى أنّ مانوللي دفع من القرض أوّل سند فقط، ثمّ توقّف عن الدفع، ووضع إحدى البواخر رهناً، ثمّ حُجِزت الباخرة لاحقاً، وكان الله يحبّ المحسنين. وهذا يزيد من الشكوك في أنّ هذه الأموال أُعطِيت لمانوللي بدل أتعاب عن إتمام “صفقة 4 آب المشبوهة”.
– فريد وإلياس صعب:
اللافت أنّ المصرف مملوك من شخصين من عائلة صعب لبنانيّين، أحدهم يُدعى إلياس صعب، والثاني فريد صعب (متوفٍّ)، وهما أيضاً على لائحة العقوبات الأميركية، ومتّهمان بتبييض أموال للنظام السوري وللروس أحياناً.
إقرأ أيضاً: رحلة 4 آب (5/4): ما علاقة جبران باسيل؟
اليوم بعد مرور ما يقارب سنة على جريمة المرفأ، كلّ الأسماء الواردة سابقاً لم يتمّ استدعاؤها إلى التحقيق بشكل جدّيّ.
يضع “أساس” سلسلة التقارير هذه في عهدة القضاء اللبناني والدولي والأجهزة والجهات المختصّة.
وللرواية تتمّة…
فما دامت الجريمة قد وقعت فلا بدّ من وجود مجرم ارتكبها، فكيف إذا كان لدينا رأس خيط ملطّخ بدماء ضحايا انفجار 4 آب، فلا شكّ أنّه سيوصلنا في نهاية المطاف إلى الحقيقة.
*الوثائق:
– العقوبات على مدلل خوري من الخزانة الأميركية بتهمة محاولة إدخال أمونيوم نيترات إلى سوريا: اضغط هنا
– ملف شركة سافارو: اضغط هنا
– ملف شركة عماد خوري: اضغط هنا
– ملف شركة جورج حسواني: اضغط هنا