“ذي إيكونوميست”: عقيدة بايدن… مواجهة الصين

مدة القراءة 4 د

تطرّقت مجلّة “ذي إيكونوميست”، في مقالات نشرتها أخيراً، إلى شؤون شرق أوسطيّة متعدّدة، بينها الأوضاع الراهنة في السودان والفشقة، وهي منطقة حدودية “ملتهبة” بين السودان وإثيوبيا، إضافةً إلى ملف خاص بالأردن. وسردَت المجلّة تفاصيل ما سمّته “عقيدة” الرئيس الأميركي جو بايدن بشأن الصين.

وأوضحت المجلّة أنّ “المتفائلين لطالما أملوا أن يؤدّي الترحيب بالصين في الاقتصاد العالمي إلى تحلّيها بالمسؤولية بشكل أكبر، وبالتالي تحقيق إصلاح سياسي. وكان الرئيس السابق دونالد ترامب قد انتقد ذلك، واعتبره ضعفاً. أمّا الآن فيجد المراقبون أنّ بايدن يحوّل كلام ترامب إلى عقيدة تضع الولايات المتحدة والصين في خندق المواجهة، أي صراع بين نظامين سياسيّين متنافسين لا مكان فيه إلا لرابح واحد”.

وفقاً للمجلّة، فإنّ تفاصيل عقيدة بايدن الجديدة تتضمّن أموراً مقلقة، بعضها قد لا ينجح. ومن المشكلات كيفيّة تعريف بايدن لـ”تهديد الصين”. وكلّما حاول بايدن استعمال خطاب صارم لحشد دعم الأميركيين، تصعب عليه مهمة حشد دعم الحلفاء

واعتبرت المجلّة أنّ “ترامب وخلفه جو بايدن هما مهندسا الانقطاع الأكثر دراماتيكية في السياسة الخارجية الأميركية، خلال العقود الخمسة التي انقضت، منذ أن ذهب ريتشارد نيكسون إلى الصين، وهو الرئيس الذي كسرَ الجليد بين البلدين عام 1972”.

وأشارت المجلّة إلى أنّ “بايدن وفريقه الرئاسيّ قد بنوا عقيدتهم استناداً إلى أنّ أولويّة الصين تتمثّل بالسيطرة وليس التعايش، ولهذا فإنّ السياسة الأميركية تكمن في تقليص طموحات الصين”. وبحسب المجلّة، فإنّ “الولايات المتحدة الأميركية ستعمل مع الصين في بعض الملفّات ذات الاهتمام المشترك، مثل التغيّر المناخي، ولكنّها ستحاول الحدّ من تطلّعات الصين وأهدافها في قضايا أخرى، وهذا يعني أنّ واشنطن ستعزّز قوّتها داخلياً، وتعمل مع حلفائها في المجالات الاقتصاديّة والتكنولوجيّة والدبلوماسيّة وغير ذلك”.

وتابعت المجلّة أنّ “نظرة بايدن تُعتبر منطقيّة، ولا سيّما عند النظر إلى الأمور على أرض الواقع. فعلى سبيل المثال، عزّزت الصين قوّتها في بحر الصين الجنوبي في عهد الرئيس شي جين بينغ، وفرضت حكماً حزبياً على هونغ كونغ، وهدّدت تايوان، وحصلت اشتباكات بين قوّات صينيّة وأخرى هندية، وحاولت تقويض القيم الغربية في الهيئات الدولية، وكانت النتيجة أنّ الكثير من الدول انزعجت من دبلوماسية “الذئب المحارب” التي تبنّتها الصين”.

ووفقاً للمجلّة، فإنّ “تفاصيل عقيدة بايدن الجديدة تتضمّن أموراً مقلقة، بعضها قد لا ينجح. ومن المشكلات كيفيّة تعريف بايدن لـ”تهديد الصين”. وكلّما حاول بايدن استعمال خطاب صارم لحشد دعم الأميركيين، تصعب عليه مهمة حشد دعم الحلفاء والقوى الناشئة الكبرى كالهند وإندونيسيا، من خلال تأطير العلاقة على أنّها منافسة بين الديموقراطية والاستبداد، بدلاً من البحث عن التعايش”.

وتابعت المجلّة أنّ “الولايات المتحدة لن تتمكّن من منع الصين من السيطرة على الكثير من الأمور في المجال الاقتصادي. ولهذا على واشنطن أن تثبت قدرتها على الازدهار والنموّ داخلياً، وأن تقود اقتصاداً عالمياً ناجحاً ومنفتحاً. لكنّ الإدارة الأميركية تعمد إلى استعمال الصين كتهديد للمضيّ قُدُماً بأجندتها الداخلية، بدلاً من إثبات قيادتها للقواعد العالمية. فعقيدة بايدن الجديدة مليئة بالسياسات الصناعية، التدخّلات الحكومية، التخطيط والسيطرة. وتبرز إلى الضوء مشكلة أخرى في عقيدة بايدن الجديدة، ومن المتوقّع أن تجعل الحلفاء أكثر حذراً، إذ إنّهم سيسألون عن مكاسبهم إذا كان هدف بايدن من قطع العلاقات مع الصين هو خلق وظائف جديدة  داخل أميركا”.

إقرأ أيضاً: هكذا سيواجه بايدن الصين وروسيا

واختتمت المجلّة تقريرها المطوّل بالإشارة إلى أنّ “خطة بايدن ليست سوى فرصة ضائعة، لأنّه إذا كانت واشنطن تهدف إلى منع الصين من إعادة بناء النظام العالمي كما تريد، فينبغي أن تدافع عن العولمة التي لطالما خدمتها دائماً بشكل جيد، ويتمحور هذا النهج حول التجارة وغيرها. وإذا أرادت الولايات المتحدة مواجهة الصين في آسيا، فيجدر بها الانضمام إلى خطة التجارة الآسيوية التي انسحبت منها في عام 2016، وأن تسعى إلى اتفاقات جديدة بشأن البيئة والتجارة الرقمية، ويجب أن تستثمر الأموال والنفوذ في الأفكار الجديدة التي تعزّز النظام الغربي، مثل برنامج اللقاحات للأوبئة المستقبلية، ونظام الدفع الرقمي، والأمن السيبراني، وخطة البنية التحتية للتنافس مع مبادرة “الحزام والطريق” الصينية، وعليها تعزيز وتثبيت ما يجعل الغرب قويّاً”.

مواضيع ذات صلة

خشية غربيّة من جولة تصعيد جديدة

إذا لم تُثبت التطوّرات عكس ذلك، فإنّ الأوساط الدبلوماسية الغربية لا ترى في مسوّدة الاتّفاق الذي صاغة الموفد الأميركي آموس هوكستين وقدّمته السفيرة الأميركية لدى…

قيس عبيد: شبحُ مغنيّة الذي حملَ الجنسيّة الإسرائيليّة

منذ أن افتتحَت إسرائيل سلسلة اغتيالات القيادات العسكريّة للحزبِ في شهرَيْ حزيْران وتمّوز الماضيَيْن باغتيال قائد “قوّة الرّضوان” في جنوب لبنان وسام الطّويل وبعده قائد…

بين لاريجاني وليزا: الحرب مكَمْلة!

دخلت المرحلة الثانية من التوغّل البرّي جنوباً، التي أعلنها الجيش الإسرائيلي، شريكة أساسية في حياكة معالم تسوية وقف إطلاق النار التي لم تنضج بعد. “تكثيفٌ”…

هل تملأ مصر فراغ التّسليم والتّسلّم؟

يترنّح المسار التفاوضي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية تحت وطأة الضغوط العسكرية التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية في عدوانها الوحشي بحقّ لبنان. في الأثناء، يواظب الموفد…