دولار منصّة صيرفة 15200؟

مدة القراءة 4 د

بعد الفورة، التي شهدتها نهاية الأسبوع الفائت، عاد سعر صرف الدولار إلى ما يشبه الاستقرار، مع بداية هذا الأسبوع، عند عتبة الـ20 ألف ليرة، مسجلاً 19400 للشراء و19200 ليرة لبنانية للمبيع.

لكنّ الحديث الجدّي عن اعتذار الحريري أمس، دفع بسعر الصرف صوب المزيد من الارتفاع، وصل سقفه مساء أمس إلى 19700 للشراء و19400 للمبيع، في حين كانت تطبيقات الهواتف الذكية تشير إلى أرقام أعلى من الأرقام المتداولة بنحو 200 و300 ليرة لبنانية.

هذا التأرجح بهوامش سعر الصرف، التي تلامس ألف ليرة خلال يوم واحد، وفي بعض الأحيان خلال ساعات، يراه الكثير من الاقتصاديين والمصرفيين أمراً طبيعياً وقابلاً للزيادة أكثر كلّما سجّلت الليرة اللبنانية انهيارات جديدة، مذكّرين بأنّ “دولاً تشبهنا في وضعها الاقتصادي، مثل إيران أو فنزويلا، يتأرجح فيها سعر الصرف بعشرات الآلاف في اليوم الواحد”، وهو ما أكّده مدير شركة “مكتّف للصيرفة”، ميشال مكتّف، في اتصال مع “أساس”، بالقول إنّ “كلّ ألف ليرة ارتفاعاً أو هبوطاً ما عادت تساوي إلاّ ما قيمته 100 ليرة وأقلّ” قياساً إلى سعر الصرف القديم، حين كان 1500 ليرة.

تشير المعلومات إلى أنّ مصرف لبنان اتصل بالمستوردين وأبلغهم أن “لا دولارات لهم هذا الأسبوع”، من دون تقديم المزيد من التفاصيل، ودعاهم إلى سحب أموالهم التي أودعوها لهذا الغرض

عن طبيعة التوجّه في “السوق الموازي”، كشف مصدر صيرفي في العاصمة بيروت لـ”أساس” أنّه “بخلاف الأيام السابقة، كان العرض والطلب كثيفين ومتساويين في الوقت نفسه خلال اليومين الماضيين”. وقد عزا أكثر من مراقب هذا الارتفاع إلى القرار الذي اتّخذه مصرف لبنان نهاية الأسبوع الفائت، وقضى بوقف العمل بمنصّة “صيرفة” التي تبيع التجار والمستوردين الدولارات على سعر 12 ألف ليرة للدولار الواحد.

وتشير المعلومات إلى أنّ مصرف لبنان اتصل بالمستوردين وأبلغهم أن “لا دولارات لهم هذا الأسبوع”، من دون تقديم المزيد من التفاصيل، ودعاهم إلى سحب أموالهم التي أودعوها لهذا الغرض. إلاّ أنّ أوساط مصرف لبنان كشفت لـ”أساس” أنّ “الأولويّة في مصرف لبنان باتت اليوم محصورة بأنواع محدّدة من السلع فقط، وخصوصاً الأدوية وحليب الأطفال”.

وتشير المصادر أيضاً إلى أنّ “هذا الأمر المستجدّ دفع بأغلب التجار الذين أودعوا الليرات اللبنانية في المصارف إلى سحب الأموال “كاش” بعد تبلّغهم هذا الخبر، وتهافتوا على شراء الدولارات من صرّافي “السوق الموازية” كي لا تخسر قيمتَها أموالُهم والبضائع التي حجزوها مسبقاً، وهذا ما أدى إلى ارتفاع سعر الصرف في الأيام الأربعة الماضية بشكل ملحوظ، ولا يُستبعد أن تسجّل الليرة المزيد من الانهيارات نهاية الأسبوع المقبل، في حال صدقت التوقّعات باعتذار الحريري”.

إقرأ أيضاً: هذه بلطجة المصارف في تموز

وفي خضمّ هذا كلّه، كان غريباً البيان الذي أصدره مصرف لبنان تزامناً مع دعوة التجار إلى استعادة أموالهم بالليرة اللبنانية، إذ قال المصرف المركزي، في بيان نشرته وسائل الاعلام، إنّ حجم ما تداولته المصارف ومؤسسات الصرافة المشاركة على منصة “صيرفة” هذا الأسبوع (الأسبوع الفائت) “سجّل 5 ملايين دولار، بمعدّل 15200 ليرة للدولار الواحد”، داعياً المؤسسات الصيرفية والمصارف على السواء إلى “تسجيل عمليات البيع والشراء كافّة على المنصة”.

ولم يُعرف ماذا قصد “المركزي” بهذا البيان، ولا برقم الـ15 ألفاً الذي كشف عنه، في سابقة لم يشهدها السوق ولا منصّة “صيرفة” من قبل، ولم يُعرف أيضاً إن كان هذا الرقم (15200 ليرة) سيُعتمَد رقماً جديداً على المنصّة، أو في دفع ودائع الدولار بالليرة اللبنانية بموجب التعميم 158.

مواضيع ذات صلة

آثار النّزوح بالأرقام: كارثة بشريّة واقتصاديّة

لم تتسبّب الهجمات الإسرائيلية المستمرّة على لبنان في إلحاق أضرار مادّية واقتصادية مدمّرة فحسب، بل تسبّبت أيضاً في واحدة من أشدّ أزمات النزوح في تاريخ…

استراتيجية متماسكة لضمان الاستقرار النّقديّ (2/2)

مع انتقالنا إلى بناء إطار موحّد لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، سنستعرض الإصلاحات الهيكلية التي تتطلّبها البيئة التنظيمية المجزّأة في لبنان. إنّ توحيد الجهود وتحسين…

الإصلاحات الماليّة الضروريّة للخروج من الخراب (1/2)

مع إقتراب لبنان من وقف إطلاق النار، تبرز الحاجة الملحّة إلى إنشاء إطار متين وفعّال للامتثال لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. تواجه البلاد لحظة محورية،…

لبنان “البريكس” ليس حلاً.. (2/2)

على الرغم من الفوائد المحتملة للشراكة مع بريكس، تواجه هذه المسارات عدداً من التحدّيات التي تستوجب دراسة معمّقة. من التحديات المالية إلى القيود السياسية، يجد…