هل نحن في أفغانستان أمام استنساخٍ للتجربة العراقية؟ وهل يكرّر الرئيس الأميركي جو بايدن في أفغانستان ما فعله سلفه باراك أوباما في العراق؟ أسئلة تطرح نفسها مع تسارع التطوّرات في الداخل الأفغاني، بالتزامن مع تسارع الانسحاب الأميركي من هناك.
فقد استضافت طهران، القلقة الحائرة بسبب حدودها الطويلة مع أفغانستان، حواراً بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان، طرح الكثير من علامات الاستفهام.
الباحث الإيراني الدكتور علي رضا نوري زاده، رئيس “مركز الدراسات العربية والإيرانية” في لندن، شرح لـ”أساس” هذا القلق الإيراني، فقال: “لطالما كان النظام الإيراني على علاقة مع حركة طالبان. فالنظام يرى في الحركة سلاحاً يمكن استخدامه ضدّ الأميركيين. وخير دليل على ذلك أنّ الولايات المتحدة الأميركية قد انسحبت من أفغانستان. هذا ما حصل تماماً في العراق، عندما سحب الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما قوّاته من العراق، وتركه في يد الجمهورية الإسلامية وتنظيم داعش. لقد ساعد النظام الإيراني تنظيم داعش بشكل أو بآخر من أجل تصوير الوجود الإيراني بأنّه حاجة أمنيّة بالنسبة إلى دول الجوار. حصل كل ذلك بمساعدة تركيا التي فتحت بوّاباتها باتجاه العراق ثمّ سوريا، وسمحت بمرور الآلاف ممّن يُسمَّون المقاتلين الشيعة”.
إزاء ما ينتظر المنطقة، قال الدكتور زاده: أنا لست متفائلاً، وأرى أنّنا سنشهد حروباً إقليمية خطيرة. كانت بعض الدول المجاورة لإيران تعتمد على الولايات المتحدة الأميركية، وتشعر اليوم بأنّ جو بايدن لا يختلف كثيراً عن باراك أوباما
وأضاف زاده: “تتكرّر القصّة الآن في أفغانستان، مع الأسف. فالرئيس الأميركي لا يفكّر في مصالح شعب أفغانستان، ولا في الأضرار الناتجة من عودة طالبان إلى السلطة، أكان على الأفغان أو على الشعوب المجاورة. لقد قرّر أن يسحب قواته تاركاً الساحة لإيران وروسيا، كما أفسح لهما المجال سابقاً في سوريا”.
وتابع زاده مستغرباً: “قتلت حركة طالبان ثمانية من الدبلوماسيين الإيرانيين بشكل وحشي، وأصدر زعيمهم فتوى أباح فيها انتهاك عصمة البنات والسبايا الشيعيّات الأفغانيّات. واليوم نرى أنّ الرجل، الذي يعتبر نفسه وليّ الفقيه للشيعة ونائباً لإمام الزمان، يعانق قادة طالبان ويعطيهم المال”.
وقال: “هكذا أصبحت حركة طالبان بشكل أو بآخر مدينة للنظام الإيراني، الذي لا يريد الديموقراطية في أفغانستان، ولم يرِدها في العراق. لقد مارس سابقاً هذا النظام نفوذه مع الرئيس أوباما للحيلولة دون وصول الرئيس إيّاد علاوي إلى السلطة على الرغم من فوزه في الانتخابات، فتجاوبت الإدارة الأميركية مع الطلب الإيراني ومنعته من تولّي المسؤولية، وتركت العراق لنوري المالكي وداعش والمتطرّفين. السيناريو العراقي نفسه يتكرّر اليوم في أفغانستان”.
وعمّا قيل من وجود حلف إيراني تركي في أفغانستان، أوضح زاده لـ”أساس”: “ما بين تركيا وإيران في أفغانستان ليس تحالفاً رسمياً، بل اتفاق على تقاسم أفغانستان فيما بينهما. أكثرية قادة البشتون، وهم من السُنّة، كانوا في تركيا. وجماعة الأوزبك مرتبطون أيضاً بتركيا. تسمح هذه العلاقات للأتراك بلعب دور، بخاصة أنّ لديهم تجربة في التعامل مع داعش. لذا أعتقد أنّ تركيا ستسيطر على جزء من أفغانستان، مثل كابول ومزار شريف، حيث الجنرال دوستم صديق تركيا، فيما تسيطر إيران على الولايات الشيعية. أمّا الجنوب فيُعطى لطالبان”.
إقرأ أيضاً: أبعاد الهزيمة الأميركيّة في أفغانستان
إزاء ما ينتظر المنطقة، قال الدكتور زاده: “أنا لست متفائلاً، وأرى أنّنا سنشهد حروباً إقليمية خطيرة. كانت بعض الدول المجاورة لإيران تعتمد على الولايات المتحدة الأميركية، وتشعر اليوم بأنّ جو بايدن لا يختلف كثيراً عن باراك أوباما. جو بايدن هو في آخر فصول حياته، وأولويّته الخروج من أفغانستان والعراق ومن باقي الدول. أنظروا إلى ما فعلوه في اليمن وسوريا.. بعد سنوات عديدة من المذابح والجرائم ضد الإنسانية، يُجري الرئيس السوري بشّار الأسد انتخابات يصبح بموجب نتائجها رئيساً لسوريا بنسبة 95 في المئة من الأصوات”.