عاد رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري إلى بيروت، ليل السبت، وسط معلومات تحدّثت عن انتظاره تحديد موعد له للقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. إلا أنّ المرجّح أنّه لم يحصل عليه بعد، كما أفادت مصادر مقرّبة منه.
فالحريري، الذي يضع اعتذاره في جيبه، أراد لقاء السيسي لسببين:
– أوّلاً لأنّه حاضنته السنّية، في غياب الحاضنة الأساسية، ويحتاج إلى استمزاج رأيه في مسألة الاعتذار.
– وثانياً لجسّ النبض حول الاجتماع الثلاثي، الأميركي الفرنسي السعودي، في جنوب إيطاليا الأسبوع الماضي، والاطّلاع على رؤيتهم للحلّ في لبنان.
معلومات “أساس” أنّ نقاشاً جديداً سيبدأ هذا الأسبوع في جدوى استقالة نواب التيار الوطني الحر باعتبارها السبيل الوحيد لكسر الجمود القاتل، ودفع الفريق الآخر إلى تشكيل حكومة وحده
حتّى الآن لا مؤشّرات إلى أنّ اللقاء الثلاثي استطاع أن يغيّر شيئاً في المعطيات اللبنانية. إذ لفتت المعلومات إلى أنّ الملف اللبناني لم ينضج بعد بفعل عدم نضوج التسويات في المنطقة. وقد أبلغ الفرنسيون المصريين أن لا تغيير في الموقف السعودي تجاه لبنان.
لذا يعود الحريري إلى لبنان ولم يتغيّر الكثير في المواقف المُعلنة. اعتذاره ليس ناضجاً بعد، ولا سيّما لدى الرئيس نبيه بري الذي تقول أوساطه إنّه ينتظر لقاء الحريري لتحديد موقفه من مسألة الاعتذار، إلا أنّه يربط موقفه بالتوافق السنّي على أيّ اسم بديل، وهو سيعلن مع حزب الله تبنّي اسم أيّ مرشّح يحظى بالدعم السنّي. فلا تكرار لتجربة حسان دياب في قاموس عين التينة بعد اليوم، وتحوَّل السؤال اليوم من: “متى الاعتذار؟”، إلى: “ماذا بعد الاعتذار؟”.
وفي المعلومات أنّ بعد الاعتذار مسارين لا ثالث لهما في المدى المنظور: إمّا الاعتذار ضمن خطة توافق وطني مع الثنائي الشيعي وفريق العهد، وإمّا لا تسمية لمكلّف جديد.
يقضي المسار الأول أن يكون الاعتذار مرفقاً بخطة وفاق وطني، أي بشروط يضعها الحريري لمرحلة ما بعد الاعتذار، ومعه الطائفة السنّيّة، فيكون اتّفاق على اسم مكلّف جديد يحصل على مباركة الطائفة السنّيّة.
وهنا تسأل بعض الأوساط: إذا أجمعت المرجعيّات السنّيّة ودار الفتوى على تسمية الرئيس نجيب ميقاتي، فهل يرضى فريق العهد به، ولا سيّما أنّ أوساط ميقاتي تؤكّد أنّه لن يرضى بما لن يرضى به الرئيس الحريري؟ إضافةً إلى ذلك، فإنّ الانتخابات النيابية أصبحت على الأبواب، والأجواء الطرابلسية ليست مرتاحة إلى تسمية ميقاتي إذا كان ذلك سيكلّفه أثماناً سياسية باهظة، خصوصاً في الشارع السنّيّ، أبرزها عدم ترشّحه في هذه الانتخابات، إذا كانت “حكومة انتخابات من غير المرشّحين”.
في المقابل، يصرّ فريق رئيس الجمهورية على ما يعتبره “وحدة المعايير”. فإذا أراد فريق الحريري الالتزام بالمبادرة الفرنسية فعليه أن يختار بين أن تكون شخصية سياسية سنّيّة على رأس حكومة سياسية أو شخصية سنّيّة متخصّصة على رأس حكومة اختصاصيين. لكن لا تبدو الأجواء مشجّعة لحكومة اختصاصيين.
تسأل بعض الأوساط: إذا أجمعت المرجعيّات السنّيّة ودار الفتوى على تسمية الرئيس نجيب ميقاتي، فهل يرضى فريق العهد به؟ ولا سيّما أنّ أوساط ميقاتي تؤكّد أنّه لن يرضى بما لن يرضى به الرئيس الحريري
أمّا المسار الثاني فيقضي أن تعلن القيادات السنّيّة قرارها بعدم تلبية دعوة رئيس الجمهورية إلى الاستشارات النيابية، وعدم تسمية أيّ شخصية سنّيّة لرئاسة الحكومة في حال عدم التوافق على شخصية سنّيّة لرئاسة الحكومة بديلة عن الحريري. وهكذا لن يُكلَّف أحدٌ لأنّ أيّ اسم سيحمل معه أزمة ميثاقية كبرى في البلاد وسيؤدّي إلى استمرار الأزمة، لا بل تفاقمها.
وعليه، سيكون البيت السنّيّ مشغولاً بعد عودة الحريري بصياغة أسلوب عمل جديد لمواجهة رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل.
وفي المقابل، ستكون ورشة لتكتّل لبنان القوي من أجل درس خطواته المستقبلية. وفي معلومات “أساس” أنّ نقاشاً جديداً سيبدأ هذا الأسبوع في جدوى استقالة نواب التيار الوطني الحر باعتبارها السبيل الوحيد لكسر الجمود القاتل، ودفع الفريق الآخر إلى تشكيل حكومة وحده، وانتهاء العهد بحكومة يكون التيار الوطني الحر فعلاً في معارضتها.
إقرأ أيضاً: أهل السُنّة والمسار الوطنيّ: الإجماع على الإعتذار؟
إن أقدم نوّاب التيّار على هذه الاستقالة فسيعني ذلك معارضة رغبة حزب الله الذي سبق أن أعرب عن رفضه فكرة الانتخابات النيابية المبكرة. وعليه، هل يضيف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عنواناً جديداً في إطلالته عصر اليوم؟