دعاوى برازيليّة ضدّ المصارف اللبنانيّة قريباً؟

2021-07-01

دعاوى برازيليّة ضدّ المصارف اللبنانيّة قريباً؟

كشف معهد “Lawfare Institute” ذو النفوذ الكبير في البرازيل، أنّ أمام البرازيليين من أصول لبنانية فرصة لاسترداد أموالهم المحتجزة في المصارف اللبنانية، خصوصاً مع تصنيف المصارف والدولة اللبنانية، على السواء، في خانة “مثير للقلق”، بسبب سلوكهما الذي اعتبره المعهد “مسيئاً للقانون بشكل مطّرد” لمصلحة أغراض سياسية وتجارية.

وخلال ندوة عبر تقنيّة “زوم” نظّمتها جامعة “king’s College” في لندن، الأسبوع الفائت، وشارك فيها الرئيس البرازيلي السابق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا من ساو باولو، أطلق معهد “Lawfare Institute” منشوره الجديد، بعنوان “Lawfare: Waging War Through Law”، تمكّن “أساس” من الحصول على خلاصة الجزء المتعلّق بلبنان منها، وتحديداً المصارف اللبنانية. وتبيّن أنّ المنشور اعتبر لبنان “دولةً تستخدم كياناتها الرسمية من أجل محاربة المعارضين والتجّار والمستهلكين على السواء، وتدمير أعمالهم”، مدرِجاً المصارف اللبنانية كافة ضمن الخانة نفسها.

كشف مستشار “Lawfare institute” البريطاني جون واتس لـ”أساس”، أنّ شركة المحاماة البرازيلية، إضافة إلى شركات محاماة أخرى، ستقدِّم المشورة القانونية للبرازيليين الراغبين برفع دعاوى ضد المصارف اللبنانية، وستتولّى هذه الملفّات بشكل فرديّ لا جماعيّ

واعتبر التقرير أنّ للبنان “أهمّية خاصة في البرازيل، حيث يوجد عدد كبير جداً من الأشخاص من أصل لبناني كامل أو جزئي” (يحصيهم التقرير بنحو 7 ملايين من أصول لبنانية)، وأنّ العديد من المواطنين البرازيليين الذين يحملون أيضاً الجنسية اللبنانية أو الأوروبية أو الأميركية: “لديهم روابط تجارية وثيقة مع لبنان، إن كان بصفتهم مستهلكين أو مودعين في المصارف اللبنانية”.

وكشف التقرير أنّ مجموعة من المحامين البرازيليين “يبحثون السبل القانونية المشابهة لتلك المتّبعة في أوروبا”، من أجل مساعدة البرازيليين من أصول لبنانية على “استرداد مدّخرات حياتهم المحتجزة في المصارف اللبنانية بغير وجه حقّ”، متحدّثاً، في الوقت نفسه، عن أخبار وتحقيقات تصدر من لبنان حول ممارسات شائعة يمكن تصنيفها “حرباً قانونية” (أو Lawfare باللغة الإنكليزية)، تتضمّن نشر معلومات مغلوطة وأخرى مضلِّلة، تصدر عن بعض وسائل الإعلام اللبنانية، وتهدف إلى التأثير على تصوّر الجمهور للقضايا القانونية.

وعلاوة على المعلومات المضلِّلة، أعرب معهد “Lawfare Institute” عن قلقه من التقارير التي تشير إلى “اللاشفافية”، وخصوصاً مع “وجود وزراء في الحكومة يعملون مستشارين مدفوعي الأجر في مؤسسات بارزة”.

وقال فاليسكا تيكسيرا زانين مارتينز، محامي الرئيس البرازيلي السابق لولا داسيلفا، في التقرير: “نحن قلقون بشأن استخدام الحرب القانونية باستمرار على مستوى العالم، وقد تمّ تحديد لبنان جهةً مثيرةً للقلق، بعد ورود هذه التقارير من العاصمة بيروت، وإشارتها إلى أنّ لبنان يشهد نموّاً ممنهجاً لحرب قانونية تستخدم تكتيكات لمحاولة حرمان الأفراد من حقوقهم، وليس بينهم فقط البرازيليّون ممّن هم على صلات بلبنان، بل ومَن هم في أستراليا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكامل أوروبا”.

وكُشف خلال الندوة أنّ عدداً من الصحافيين اللبنانيين “يتعرّضون لتحدّيات جمّة نتيجة كشفهم حالات إساءة استخدام القانون لأغراض سياسية أو تجارية”، وقد كان هؤلاء الصحافيون دوماً “يعملون في ظروف صعبة جدّاً، حينما كانوا يكشفون للعالم كيف يمكن مساءلة مَن هم في السلطة”.

اعتبر التقرير أنّ للبنان أهمّية خاصة في البرازيل، حيث يوجد عدد كبير جداً من الأشخاص من أصل لبناني كامل أو جزئي لديهم روابط تجارية وثيقة مع لبنان، إن كان بصفتهم مستهلكين أو مودعين في المصارف اللبنانية

و”Lawfare”، أو “الحرب القانونية”، هو مصطلح استحدثه الجنرال الأميركي تشارلز دنلاب في عام 2001، وبات يُدرّس منذ ذلك الحين في الجامعات الكبرى في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.

ويعني هذا المصطلح استخدام تكتيكات إساءة استعمال القوانين من أجل نزع الشرعية عن الخصوم والإضرار بهم، واستخدام الإجراءات القانونية لتقييد حريتهم وترهيبهم أو لإسكاتهم والتأثير سلباً على الرأي العام من أجل تقليص حقّهم في الدفاع عن أنفسهم، أو التلاعب بقضايا كاذبة ومحاولة مضايقة وإحراج المحامين الذين يتولّون الدفاع عن أصحاب الحقّ.

ويأخذ هذا المعهد على عاتقه مهمّة “إنتاج المحتوى العلمي” حول هذا المصطلح (الحرب القانونية)، فيقوم بـ”تحليل الحالات وتقديم البراهين” على هذه الارتكابات، من أجل مساعدة الأفراد ومكاتب المحاماة في كل الدول، وبناء الوعي لهذه الممارسات حول العالم.

وفي هذا الصدد، كشف مستشار “Lawfare institute” البريطاني جون واتس لـ”أساس”، أنّ شركة المحاماة  “Teixiera Martins Advogados” البرازيلية، إضافة إلى شركات محاماة أخرى، ستقدِّم المشورة القانونية للبرازيليين الراغبين برفع دعاوى ضد المصارف اللبنانية، وستتولّى هذه الملفّات بشكل فرديّ لا جماعيّ.

واعتبر واتس أنّ الكثير من البرازيليين اللبنانيين “لا يدركون أنّ لديهم سبلاً قانونية محتملة لاستعادة أموالهم التي تحتجزها البنوك اللبنانية”، وهذا هو الحال بشكل خاص بالنسبة إلى العديد من اللبنانيين – البرازيليين المقيمين أيضاً في دول أخرى، مثل أوروبا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة.

وحاول “أساس” التواصل مع أكثر من مواطن برازيلي من أصول لبنانية للوقوف على حقيقة هذا الأمر، فتبيّن بالفعل أنّ أغلبهم لا يعلم بوجود هذه الآليّات، لكن في المقابل أظهر التواصل مع هؤلاء أنّ جزءاً منهم يفضّل في أغلب الأحيان عدم الخوض في هذه التفاصيل، لأنّ أموال بعضهم كانت تُحوَّل إلى لبنان من دون التصريح عنها للسلطات البرازيلية، هرباً من الضرائب.

من بين الذين تكلّموا لـ”أساس” المواطن البرازيلي اللبناني عبد الحليم الزغبي، الذي فضّل عدم الكشف عن كمّ الأموال المحتجَزة له في المصارف اللبنانية.

يقول الزغبي: “قضيت 50 سنة من عمري في البرازيل، وكل جنى عمري وضعته في لبنان، لكن يبدو أنّنا محكومون من العصابات”. لكن هل يفكّر الزغبي بمقاضاة المصرف اللبناني الذي يتعامل معه، من البرازيل؟ يكشف أنّه لم يسمع بهذا الأمر من قبل، لكنّه قال بلوْعة وأسى: “ما دام المواطن اللبناني غير قادر على حلّ مشاكله مع المصارف في لبنان، فما بالك بنا نحن المغتربين؟ أظنّ أنّ الدعاوى القضائية لن تأتي بنتيجة مع هؤلاء”. ثمّ أضاف الزغبي: “أزور لبنان مرّتين في السنة منذ 50 سنة، وفي كل زيارة أشعر أنّ الأمر يزداد سوءاً في لبنان، وليس العكس… أشعر أنّني أزور غابةً لا وطناً”.

أمّا السيد أيّوب، وهو مواطن لبناني – برازيلي من بلدة كامد اللوز البقاعية، فضّل عدم الكشف عن كامل اسمه، فيقول إنّ “بنك بيروت والبلاد العربية يحتجر له قرابة 900 ألف دولار، وهو ليس على علم بهذه الإجراءات على الإطلاق، لأنّ أحداً لم يخبره عن إمكان التقدّم بشكوى أو دعوى في البرازيل من أجل استرداد هذه الأموال من المصرف في لبنان”.

إقرأ أيضاً: مصارف لبنان على حبال غسيل صحافة العالم: هرّبنا 6 مليار $ لسياسيّين

وقد أبدى أيّوب اهتمامه بهذا الموضوع، وطلب الحصول على مزيد من التفاصيل عن هذه المنظمة ومكاتب المحاماة التي تبدي استعداداً للتوكّل عن اللبنانيين في البرازيل.

إذاً الطوق يضيق على عنق المصارف اللبنانية حول العالم، فيما سمعتها باتت في الحضيض. أمّا حاكم مصرف لبنان رياض سلامة فمستمرّ بتجميل صورة المصارف وتزيينها، وإظهارها بصورة “المتعاون” و”المطيع”، ولا يألو جهداً للتستّر عليها وعلى ارتكاباتها… ولو بورقة تين.

الامتحان يبدأ اليوم مع بداية تطبيق التعميم 158… فلنرَ مدى التزامها!

مواضيع ذات صلة

خرق إلكترونيّات الحزب وتداعياته على الاقتصاد

بعيداً عن تفاصيل موجتَي تفجير أجهزة الـPagers وتلك اللاسلكية (Icom) في الأيام الثلاث الفائتة، ثمّة سؤال يتبادر إلى الأذهان، ومفاده: هل أدخل “الحزب” هذه المعدّات…

تقاطع شطب الودائع: الحكومة وباسيل و”كلّنا إرادة”

تتقاطع جهات متعدّدة، من داخل الحكم وخارجه، على إعطاء زخم لنقاش متجدّد يرمي أساساً إلى تثبيت شطب الودائع، والانتقال به من الأمر الواقع إلى التأطير…

موازنة 2025: حلول مؤقّتة… مخاطرها كبيرة لاحقاً

في الآتي استعراض للتحدّيات التي تشهدها موازنة عام 2025، واقتراحات حول السبل الفضلى لتحويلها إلى فرصة تساهم في إعادة بناء اقتصاد لبنان، بدلاً من الاستمرار…

موازنة 2025: “شيزوفرينيا حكوميّة” تُورّطها مع صندوق النّقد

في كلّ دول العالم تقريباً، تسعى الحكومات إلى تقليص النفقات بينما يحاول البرلمان زيادتها من أجل “إرضاء الناخبين”… إلّا في لبنان: تعكف الحكومة على زيادة…